صادر الذهب.. انعكاسات بطيئة رغم العائدات القياسية..!

أظهر التقرير نصف السنوي الأول من العام 2022 الذي أعلنه بنك السودان المركزي، جاء فيه ارتفاع صادر السودان من الذهب إلى 1,315.0 مليار دولار مقارنة بـ1,014,1 مليار دولار في النصف الأول من العام الماضي 2021، أي بزيادة 390 مليون دولار لنفس الفترة من العام الماضي، وبذلك برز حديث المسؤولين عن قطاع المعادن على شاكلة امتداح وفخر لكونه انعكس إيجاباً على إنتاج وصادر الذهب وفق تقرير بنك السودان المركزي، فيما يرى مراقبون، أنه بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية القومية للدولة سيكون المردود والأثر على أرض الواقع بطيئاً ومحدوداً للغاية رغم هذه الزيادة في عائدات صادر الذهب خلال الأشهر الستة الأولى للعام 2022، ووجه البعض تساؤلاً: هل يستطيع أردول أن يفصح عن الدول التي يصدر إليها الذهب وعن الحجم الحقيقي للذهب المصدر؟، ويرى آخرون أن زيادة الصادرات عموماً والذهب خصوصاً، يثبت من وقت لآخر أنه ليس بعلاج للأزمات الداخلية للاقتصاد السوداني.

أمس الحوجة
وامتدح وزير المعادن محمد بشير أبو نمو مجهودات وأداء الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة، والتي انعكست إيجاباً على إنتاج وصادر الذهب وفق تقرير بنك السودان المركزي، وعبر عن سعادته بالتقرير الذي نشره بنك السودان المركزي، والذي أظهر ارتفاعاً غير مسبوق في صادرات الذهب للنصف الأول من العام 2022م، وقال إن ما تحقق من إنجاز يضاف إلى سلسلة من المكاسب التي حققتها الشركة السودانية للموارد المعدنية وجهودها في إحكام الرقابة على التعدين بشقيه الأهلي والحديث وصولاً إلى تحقيق إنتاجية عالية، وقال أبو نمو إن هذه الأرقام والمؤشرات الجيدة جاءت في وقت والسودان في أمس الحاجة لموارده الوطنية لرفد الخزانة العامة بمبالغ مالية ضخمة توظف في مشاريع التنمية وتقديم الخدمات لشعبنا.

الرقم التاريخي
بدوره باهى المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة، مبارك عبد الرحمن أردول، وشدد على مضي الشركة في تحقيق أهدافها وأهداف وزارة المعادن، والعمل بروح الفريق الواحد لنهضة قطاع التعدين، وجعل السودان من كبريات الدول المنتجة والمصدرة، وقال إن المنجزات المتمثلة في ارتفاع صادر الذهب التي تحققت في النصف الأول من العام الجاري “لم تأتِ صدفة”، وتوقع أردول تجاوز حصيلة صادر الذهب “ملياري دولار” بنهاية العام الجاري، كاشفاً عن تحقيق قطاع التعدين من الإيرادات وحصائل صادر الذهب، “1.3” مليار دولار، واصفاً الرقم بالتاريخي ولم يحدث في السودان، وقطع بأن المضي في النصف الثاني من العام 2022م سيتجاوز عائدات صادر الذهب أكثر من (2) مليار دولار، مستدركاً أن ما تحقق في العام الماضي كان “1.8” مليار دولار، كأعلى حصائل صادر في تاريخ السودان، فيما كانت حصيلة النصف الأول مليار دولار، وارتفعت الحصيلة الى “1.3” مليار دولار في 2020م، بزيادة “309” مليون دولار؛ وقال إن العمل الكبير الذي تم والإنجاز الذي تحقق لم يكن صدفة، وزاد: هذا العمل لديه أسباب وخطط وبرامج هذا الأمر لم يأتي صدفة، مذكراً بالمستثمر منذ العام 2020م ومنذ تسلمه مهام إدارة الشركة، وقطع بالمضي قدماً في تنظيم قطاع الذهب، وإيصال السودان لمستوى أن يكون من كبريات الدول المنتجة والمصدرة للذهب في أفريقيا، وقال إن هذه واحدة من الأهداف والهموم التي نريدها ونعمل بها ومن أجلها وأن يعمل جميع الناس بروح الفريق الواحد من أجل أهداف الشركة السودانية للموارد المعدنية وأهداف وزارة المعادن وأهداف بلادنا عموماً.

دعم توفير السلع الاستراتيجية
وقال الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي إن هناك خطط من وزارة المالية تخصص 70%، من عائدات تصدير الذهب لاستيراد “السلع الاستراتيجية” التي تشمل الوقود والقمح والمتبقي لاستيراد “السلع الأساسية” خاصة مع تقدم الذهب الصادرات حالياً، وأضاف: حيث بلغت قيمة عائدات صادره أكثر من نصف قيم السلع السودانية الأخرى جميعاً، بما فيها أهم السلع الزراعية الاستراتيجية البارزة، داعياً إلى وضع سياسات لضبط سوق الذهب حتى لا يحدث تسريب أو تهريب للذهب إلا بالتصدير عبر القنوات الرسمية، وشدد على ضرورة العمل الجاد في جانب السياسات المشجعة للإنتاج بإبعاد البنك المركزي من شراء وتصدير الذهب والشركات الحكومية كافة وسد منافذ التهريب والسيطرة على إنتاج الشركات وإعادة هيكلة القطاع بما يضمن مساهمة هذا المورد المهم في دعم الاقتصاد الكلي للبلاد.

ارتباك الحكومة
ويرى المحلل الاقتصادي الحسين أبوجنة أن نشاط التعدين الأهلي في السودان شهد حركة دؤوبة خلال السنوا ت الخمس الأخيرة، وقال: وفقاً لهذه التحولات الإيجابية ارتفع إنتاج البلاد من الذهب إلى مئات الأطنان المهولة، وأوضح الحسين لـ(اليوم التالي) لم تكن عائدات الدولار من تلك الكميات على خزينة البلاد بذات مستوى صادرات الذهب التي كان من المؤمل أن تغطي عجز الموازنة، وعدد أن بعض الأسباب متمثلة في التهريب وعوامل إدارية وإشرافية وسياسية متداخلة حالت دون ذلك، وأقرّ بوجود تحسن ملحوظ خلال العام الجاري 2022 رغم ضبابية السياسة وارتباك الحكومة خلال العامين الماضيين وظهر تحسن ملحوظ في حصيلة عائدات الذهب التي قفزت إلى 1.3 مليار دولار، مقارنة بـ1 مليار دولار في العام السابق 2021، ومن خلال التقييم المالي لهذه الزيادة الطفيفة يمكن القول إنها تحققت بفضل تكثيف الرقابة الميدانية على عمليات التعدين، وزاد قائلاً: بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية القومية للدولة السودانية سيكون المردود والأثر على أرض الواقع بطيئاً ومحدوداً للغاية رغم هذه الزيادة في عائدات صادر الذهب خلال اأشهر الستة الأولى للعام 2022، وأضاف: لا يمكن لاقتصاديات الدولة أن تنهض إلا بتوفر كل عوامل النجاح من تخطيط مدروس وتنفيذ منهجي دقيق، ومتابعة مستمرة، وتقييم راتب، وتقويم مسنود بحرص كل مكونات الدولة وفي مقدمتها الجهازان التنفيذي والتشريعي الرقابي.

الذهب المحسوب
وبحسب المحلل الاقتصادي الدكتور وائل فهمي البدوي فإن موضوع زيادة الصادرات عموماً والذهب خصوصاً يثبت من وقت لآخر أنه ليس بعلاج للأزمات الداخلية للاقتصاد السوداني، وتابع: رغم ما قد يطرأ من تحسن طفيف ومؤقت في الحساب الجاري لميزان المدفوعات ليأخذ منحنى الاتساع مرة وفق تقلبات الأسعار العالمية للصادرات والواردات، وقال: يتضح ذلك جلياً في التدهور المستمر لسعر الصرف بالسوق الموازي الذي يتحسن بنسبة منخفضة مؤقتاً ليعود ويرتفع بنسبة أكبر من نسبة الانخفاض، وذكر أنه بغض النظر عن التقلبات في متغيرات الاقتصاد السوداني الكلية في اتجاه التدهور بسبب الاعتماد المفرط على الخارج، فإن التضخم الجامح أو الارتفاع المتواصل والكبير في المستوى العام للأسعار السائد حالياً وأرجع د. وائل عبر حديثه لـ(اليوم التالي) أن سوء إدارة الموارد الاقتصادية في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الراهن، واستبعد في حديثه: (لن يساعد على انعكاس ذلك التحسن المؤقت لعائدات صادرات الذهب المحسوب أو الذي تم رصده)، وفق تقارير بنك السودان المركزي، على المتغيرات الكلية الأخرى والمواطنين بشكل ملموس إلا مؤقتاً في شكل استقرار أيضاً (شبه مؤقت) لبعض الأسعار.

الأجيال القادمة
وجاء على قول الباحثة الاقتصادية الدكتورة دلال عبد العال أنها لا تعتقد أن هناك شفافية في التقديرات وأن حجم ما يصدر أكثر بكثير مما هو مكتوب، وهذا من واقع الأسواق المحلية للذهب وكمية المنتج يومياً، داعية لعمل تحقيق استقصائي نسبة لما يستلزمه الأمر ليبين حجم الهدر لمورد الذهب، وأشارت إلى نظرية ديفيد هيوم تتحدث عن أن الأثر المباشر لخروج الذهب هو ارتفاع الأسعار، ونوهت إلى أن حديث أردول هنا يتحدث عن فخر بهدر مورد مهم وتصديره بدلاً عن المحافظة عليه واستدامته للأجيال القادمة، وأضافت: كان من الأجدى التعامل عبر بورصة منظمة والاحتفاظ به في بنك السودان ليكون غطاءً نقدياً يواجه محاربة تدني العملة المحلية مقابل الأجنبية، وقالت إن من جاءوا عبر الانقلاب يسعون لتدمير هذا الاقتصاد عنوة، ووجهت تساؤلاً: هل يستطيع أردول أن يفصح عن الدول التي يصدر إليها الذهب وعن الحجم الحقيقي للذهب المصدر؟

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...