تحقيق: شهادات (شهامة) .. فقدان الثقة!!
خبير اقتصادي: سياسات وزارة المالية الأخيرة ستقود البلد الى الانهيار
المستثمرون في الشهادات: قررنا تصفية حساباتنا واستعادة رؤوس الأموال
(شهامة): المتضررون من شهادات (شهامة) مضاربون وليسو مستثمرين
اشتكى عدد من المستثمرين في شهادات المشاركة الحكومية (شهامة) من عدم إيفاء الشركة بأرباح الشهادات السنوية في الفترة الزمنية المحددة وأكدوا لـ(اليوم التالي) عن تأخر الأرباح لأكثر من ثلاثة أشهر مما يقلل سعر الفائدة الأمر الذي دعا الكثير منهم لتصفية المشاركة واستعادة رؤوس الأموال التي أيضاً تم تقسيطها مما يعرضهم لخسائر كبيرة وفقدان القيمة الحقيقية لرأس المال، ووجد المستثمرون في شهادات المشاركة الحكومية (شهامة) أنفسهم أمام مواجهة شرسة ما بين استعادة رؤوس الأموال وبين فقدان القيمة الحقيقية لتلك الأموال، مطالبين وزارة المالية بالإسراع لسداد مستحقاتهم المالية.. (اليوم التالي) بحثت أصل الأزمة وتحصلت على التفاصيل التالية:
تحقيق: النذير دفع الله
أوضح أحد المستثمرين لدى شهامة لـ(اليوم التالي) قائلاً: قمت باستثمار مبلغ مالي وذلك بشراء عدة شهادات من شهادات المشاركة الحكومية (شهامة)، وذلك بعد قناعتي بما ورد في إعلاناتها أنها الأعلى ربحاً حيث تصل نسبة الأرباح في بعض الأحيان إلى ٢١% – ٢٢%، عليه قمت بمقارنة تلك النسبة بأرباح الاستثمار في البنوك فوجدتها تتراوح بين ١٢% – ١٦%. ومن هنا أصبح الخيار واضحاً في عملية الاستثمار.
حيث قمت بشراء الشهادات من شركة السودان للأوراق المالية مباشرة وليس عبر شركة وسيطة لأنه على حسب فهمي البسيط أن الشركة الوسيطة ستستقطع نسبتها من الأرباح، وخلال خمس سنوات كانت العملية تمضي بصورة جيدة إلى أن ظهرت المشكلة الحقيقة مع هذا العام عندما حان الوقت الذي يجب فيه استلام الأرباح.
يقول المصدر: كان من المفترض أن نقوم باستلام الأرباح عقب مرور سنة من شراء الشهادات وكان ذلك في مايو ٢٠٢٢ ولم يتم ذلك.
سألنا كثيراً عن سبب تأخر الأرباح فكان الرد بأن وزارة المالية (ما رسلت)، هكذا بكل بساطة، مع العلم أن الكثير من المستثمرين في (شهامة) إما معاشيون أو بدون عمل يعتمدون اعتماداً مباشراً على هذه الأرباح، بل البعض وضع كل (تحويشة) عمره وذلك لمجابهة الأوضاع الاقتصادية وظروف الحياة الضاغطة وبعد المتابعة والانتظار تم استلام الأرباح خلال النصف الثاني من شهر يونيو ٢٠٢٢م.
كاشفاً أن أكثر المساهمين أعربوا عن رغبتهم في استرجاع رأس المال بالإضافة إلى جانب الأرباح المستلمة، بل والكثيرين طالبوا بتصفية الشهادات واسترجاع رأس المال.
وعندما طالبنا مرة أخرى عن استرجاع رأس المال أواخر شهر أغسطس ٢٠٢٢ أكدوا بأن المتوفر من رأس المال فقط مبلغ (100) ألف من رأس المال، مع العلم هناك من هو مساهم بمبلغ مليون جنيه وأكثر من ذلك كل هؤلاء يتم تسلميهم مبلغ (100) ألف من رأس المال يعني المتبقي مبلغ (900) ألف ومثلاً أيضاً من هو مساهم بأكثر من مليون جنيه سيتم تسليمه نفس المبلغ (100) ألف فقط معللين أن المبالغ التي أودعتها وزارة المالية تقدر بـ(100 ألف فقط).
وأكد استلام جزء من المبلغ المتعلق بتصفية رأس المال على أمل باستلام المتبقي وإلا ستكون خسارة كبيرة حال لم يتم استلام ما تبقى من رأس المال مع العلم أن (شهامة) تقول إن شهاداتها قابلة للتسييل في أي وقت، ولكن من والواضح أن هذه ليست حقيقة. آخر ما تم إخبارنا به أنهم سيقومون بالاتصال بنا في حال ظهور أي جديد.
مضيفاً: مضت حتى اللحظة ثلاثة أشهر من الموعد المضروب الذي أعربنا فيه عن رغبتنا في تصفية الشهادات، تم خلالها استلام حوالي ١٠% فقط من المبلغ. بمعنى هذا أنه سيتم تسليمنا هذه النسبة كل ثلاثة شهور وبذلك ستكون الخسارة كبيرة جداً ويكون رأس المال قد تم (قتله) تماماً بحيث لا يكون بوسع أحد الاستفادة منه مع ارتفاع نسبة التضخم وقيمة الجنيه المتناقصة، على الأقل وأسوأ الفروض كان يتم تسليمنا قيمة كل شهادة كاملة كما تم دفع مبلغها كاملاً.
وقال العميل: نريد أن نعرف سر التأخير والتسويف، وهل رأس المال الذي قمنا بدفعه لم تتم الاستفادة منه في محافظ استثمارية؟ بالطبع تم تشغيله، وإلا فمن أين أتت الأرباح؟
وقال إن أحد البنوك الآن يروج إلى ما أسماه بـ(الوديعة الذهبية). بمعنى تتعدد الطرق والأساليب للوصول إلى (جيب المواطن) مع العلم نحن حالياً في الشهر الرابع ولم نستلم رأس المال.. هل عندما يعيدوه سيكون بأرباح فترة التأخير أم لا؟ وإذا كان وزير المالية لا يعلم فتلك مصيبة، ومصيبتان إذا كان يعلم، وفي حال العلم كان يجب تسليم جزء من الأرباح كل فترة على أقساط بعد أن يتم تشغيل رأس المال بعض الوقت، فهل يعتبر ذلك تجسيداً واقعياً لمقولة: (من جيب المواطن إلى جيب المواطن)؟
المضاربون والأرباح
مدير الإدارة المالية بسوق الأوراق المالية سعيد محمد سعيد (شهامة) قال لـ(اليوم التالي): تعتبر (شهامة) شركة حكومية يمتلك منها البنك المركزي نسبة 99% ووزارة المالية نسبة 1% أما مشكلة تأخر توزيع الأرباح غهي مشكلة من نهاية العام 2015 ولكنها مشكلة تتعلق بوزارة المالية، مضيفاً أن المساهمين في شهامة جلهم من المؤسسات والشركات وأصحاب الصناديق مبيناً أنه حال جاء وقت السداد يجب على الشركة الإيفاء بكل الالتزامات تجاه هؤلاء، ولكن عندما نطالب بالمبالغ التي يجب الإيفاء بها لم تأتِ بالكمية المطلوبة للإيفاء بهذه الالتزامات لكل المساهمين قررنا أن تكون الأولوية للمواطنيي نسبة للظروف والوضع الاقتصادي وحاجتهم الملحة وتم تأخير قضايا الجهات الاعتبارية والمؤسسات والشركات حتى وصلت المديونية إلى (11 مليار ونصف) وهو ليس بالمبلغ الكبير ولمعالجة هذا الأمر مع هذه الجهات يتم إعطاؤهم شهادات جديدة من الشهادات التي تم استرجاعها من المواطنين بموافقة وزارة المالية باعتبارها جزء من حل الإشكالية منها حل للديون وزيادة للشهادات.
وأشار سعيد الى أن جزءاً كبيراً من شهادات المؤسسات والبنوك يتم بيعها في السوق لسد جزء من الحاجة ومعظم هذه الشهادات تم شراؤها من جانب المواطنين وبذلك يزيد العرض ويقل الطلب، فبالتالي ينخفض السعر لهذه الشهادات والسوق هو مرآة لما يحدث داخل شهامة بحيث يمكن لهذه الشهادات أن نتقص إلى نسبة تصل 9% ولكنها بالتأكيد لا تصل الى مستوى قيمتها الاسمية وهو ما يغري الأفراد بشراء هذا النواع من الشهادات بدلاً عن شراء شهادات والانتظار لمدة عام كامل لنسبة أرباح 20% يتم شراء هذه الشهادات لمدة ثلاثة أشهر تكون نسبة الأرباح فيها 20% فإذا تم تكرار هذه العملية مرتين أو ثلاث مرات في العام تكون نسبة الأرباح زيادة من 40% وهي نسبة جيدة، وكشف سعيد أن مشكلة (شهامة) حالياً هي المضاربة في الشهادات وليس أمراً آخر، لذلك عندما نطرح شهادات جديدة للبيع من الاكتتاب أو الإصدار الأول، فإن نسبة قبول الأفراد تكون ضعيفة مقارنة مع المضاربة وهو ما يولد مزيداً من المضاربة، وأوضح سعيد: شرحنا كل التفاصيل لوزارة المالية وطالبنا بالإيفاء بمستحقات والتزامات الأرباح وهو ما يحقق عدالة لكل الأطراف في عملية البيع والشراء والاكتتاب وتنتهي المضاربة مضيفاً أن كل المتذمرين حالياً هم مضاربون وهنا يوجد فرق بين المضاربة والاستثمار و(شهامة) الغرض منها جمع مدخرات الناس لمدة عام وفي نهاية العام يتم تقسيم الأرباح، ولكن كل المضاربين حالياً يضعون مدة توزيع الأرباح في ثلاثة شهور، مشدداًعلى أن (شهامة) ليست لديها مساهمات لمدة ثلاثة أشهر وإنما مدة عام، ولكن يتم الإصدار كل ثلاثة شهور ولمدة عام أيضاً مبيناً لا بد لوزارة المالية من الإيفاء بالتزاماتها بالنسبة للأرباح.
وأوضح سعيد أن المطالبين بالتصفية وهي مبلغ يزيد عن المليار ونصف جنيه ولكن قيمة الاكتتاب لم تفِ بمستحقات المساهمين عليه خاطبنا وزارة المالية حول المستحقات وتم تصديق المبلغ ولكن المالية تتعلل بعدم وجود موارد مالية ونحن ننتظر الموارد ما بين (الليلة وبكرة) حتى وصلت هذا الحد.
وأكد سعيد أن قيمة الأرباح للمواطنين تم الإيفاء بها، أما المتبقي الحالي هو فقط قيمة تصفية وسداد رأس المال وكما أسلفنا التسمية الصحيحة لهؤلاء أنهم مضاربون فقدوا القيمة في تحقيق قيمة الأرباح الحقيقية بدليل أن (شهامة) حالياً لم تخسر وتدفع نسبة 20% أرباح ولكن البعض لا يقبل هذه النسبة ويتطلع للأفضل من خلال المضاربة، وجدد سعيد أن شهادة (شهامة) قابلة للتسييل وهي حالياً الشهادة الوحيدة المتداولة في السوق مع العلم لدينا شهادات أخرى (صرح) فيها إصدارات سنتين وثلاثة وأربع بنسبة 23% في العام لم يشتكِ منها أحد، لكن الناس أصبحت تطلب (شهامة) التي أحياناً تحقق 18- 19% نسبة الأرباح ولو ترك لي الأمر لن أوزع هذه الأرباح بهذه الطريقة، بل يتم توزيعها بالتساوي بين الجميع. وكشف سعيد أن عملية تأخير الأرباح أثر كثيراً في إصدار الشهادات لأن وزارة المالية أدركت أن الشهادات لم تحل المشكلة و(تحل الدين)، مبيناً أن الشهادات أصدرت في العام 1999 لها ما يقارب 23 عاماً، وأصدرت لغرض واحد وهي سد جزء من عجز موازنة الدولة على الدولة إحسان الموارد التي يتم تجميعها في المقابل صكوك الاستتثمار الحكومية (صرح) يتم توجيهها للتنمية وتنفيذ مشروعات للدولة منها مشاريع المياه في القضارف والبطانة و150 مصدر مياه في الجزيرة والنيل الأبيض وإنشاء كبري الدبة وتأهيل وكالة السودان كاملة وتوطين العلاج بالداخل في العام 2003 ومركز القلب في مدني وعنابر السرطان ومستشفى المناظير في مدني وفي دارفور مشروعات الثروة الحيوانية وأسواق مشروعات المحاصيل شمال كردفان.. كل ذلك تم بمبالغ ضخمة.
انهيار الدولة..
العضو السابق للجنة التنفيذية لحماية المتسهلك والخبير الاقتصادي دكتور حسين القوني قال لـ(اليوم التالي) إنه لأمر مؤسف مضيفاً أن هذه الشهادات تعتبر شهادات حكومية، مما يؤدي لفقدان الثقة في الحكومة وكل مؤسسات الدولة المالية فإذا كانت الحكومة عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها فما بال المواطن العادي وتساءل القوني: (لو الحكومة أكلت) لمن تتم الشكوى غير الله سبحانه وتعالى من أجل استراداد الحقوق مبيناً أن الجهات القضائية لا يمكنها إنصاف المواطن في الحقوق سيما هذا النوع من القضايا ضد الحكومة بحيث توجد جهات عليا يمكنها إيقاف الدعوى والقضية مما يعتبر تقصيراً كبيراً من السلطات المالية منها وزارة المالية التي تصدر من جانبها هذه الشهادات وهي المتعهدة أمام المستثمر بالإيفاء بالأرباح في شهادات (شهامة) التي على ضوئها أودع المستثمرون أموالهم، وقال القوني إن هذا النوع من التماطل سيؤدي الى فقدان الثقة في (شهامة) مؤكداً أن عائدات الأرباح من الشهادات فقدت قيمتها المالية بسبب تأخر الإيفاء بالأرباح لأكثر من شهور بسبب زيادة التضخم المرتفع يومياً بعد يوم مما يدخل هؤلاء المستثمرين في خسائر كبيرة.
واتهم القوني المالية بعدم الشفافية لكونها تتحدث عن انخفاض التضخم بينما في الواقع يوجد ارتفاع عالٍ في الأسعار مما يخالف تصريحات وتقارير وزارة المالية وبهذا السلوك الذي تمارسه تجاه المستثمرين لا يجب أن يمر دون مساءلة أو محاسبة لجهة أنه يعد من باب محاربة الدولة، بينما هؤلاء المودعين تختلف أوضاعهم الاقتصادية عن بعض بحيث يوجد منهم العجزة واليتامى والعاطلون عن العمل وكبار السن وغيرهم ممن يعتمدون اعتماداً مباشراً على هذه الأرباح.
وأوضح أن النشاط الاقتصادي الكلي يعتمد على موارد المواطنين وعلى خطط الدولة في المجال الاقتصادي ولكن أخيراً أصبحت وزارة المالية عاجزة تماماً عن الإيفاء بالتزاماتها في كل المجالات ولكنه غير مبرر ما تمارسه تجاه المستثمرين باعتبارهم الجهات الحقيقية التي تستند عليها الدولة مستقبلاً لتحقيق الخطط، كاشفاً أن سياسة وزارة المالية الأخيرة ستقود البلد إلى انهيار حقيقي وحدث فعلاً هذا الانهيار بدليل الزيادة المتكررة لنسبة التضخم.