مشروع الميناء الإماراتي.. دلالات المكسب الاقتصادي في السودان

أكد خبراء في الاقتصاد على أهمية إنشاء موانئ للسودان ورفع الطاقة لاستيعاب السفن القادمة والمغادرة من السودان، وقالوا إن أي استثمار في الوقت الحالي سيسهم بشكل مباشر في تحسين الأوضاع المعيشية وتقليل نسبة البطالة، وأوضحوا بضرورة إشراك أهل المصلحة “أهل الشرق “وليكونوا جزءاً من المنظومة، مبينين أن مناطق البحر الأحمر ستستفيد من الخدمات التي سيوفرها الميناء، وطالبوا بضرورة أن يكون هناك طرح لعطاء دولي لإنشاء موانئ جديدة، موضحين أنه من خلال العطاء يمكن أن تتم المفاضلة بين كل الشركات التي ستقدم لهذا العطاء من ثم اختيار أفضل الشركات.
مشروع الإمارات
وكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم قد كشف عن أن السودان يدرس عرضاً إماراتياً لإنشاء ميناء على ساحل البحر الأحمر في منطقة أبو عمامة، على بعد 230 كيلو متر من ميناء بورتسودان، وأوضح أن المشروع الإماراتي يضم إضافة إلى الميناء مشاريع أخرى، مثل بناء منطقة صناعية ومنطقة سياحية ومشروع زراعي بمنطقة أبي حمد شمال السودان بمساحة 500 ألف فدان، وتشييد طريق للربط بين الميناء والمشروع الزراعي، وأضاف أنه يؤيد الموافقة على العرض الإماراتي لامتلاك السودان 740 كيلو متر على ساحل البحر الأحمر لا يستفاد منها، إضافة إلى إمكانية استفادة الدول المغلقة المجاورة للسودان من تلك الموانئ بما يعود بالنفع عليها وعلى اقتصاد السودان عبر الرسوم التي ستحصل عليها، وأشار إلى أن مناطق البحر الأحمر ستستفيد من الخدمات التي سيوفرها الميناء، مثل مد مياه النيل إلى تلك المناطق وتوفير آلاف فرص العمل.
طرح عطاء
ويعتقد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أن هناك إجراءات محددة تتم بها الموافقة على مثل هذه المشروعات، وقال إن الحكومة السودانية إذا كانت رافضة إنشاء ميناء جديد تطرح الأمر في عطاء عالمي، موضحا أن الدول التي تسعى أن تهيمن السيطرة على الموانئ السودانية القائمة لمناطق السودان أو غيرها، أنه من الأفضل أن يكون هناك طرح لعطاء دولي لإنشاء موانئ جديدة تمول بالأنظمة المتعارف عليها دولياً في هذا الأمر حتى من طرق التمويل بنظام الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية مع عدم الانتقاص من سياسية الدولة، وتابع: وبالتالي الجهة التي تمول وتنشئ الموانئ تكون مهمتها فقط الجانب التشغيلي وتحصيل الموارد الموجودة بما لا يؤثر أو يمس سيادة الدولة.

تحقق المصلحة
ويبين د. الناير أن قضية الميناء الجديد يفترض أن تطرح في عطاء عالمي، وقال: تتقدم عدد من الدول وتكون هناك لجنة محايدة نزيهة تكون بها كفاءات تدرس هذه الخيارات المقدمة وتفاضل لتجد أفضل الخيارات والعروض التي يمكن أن تأتي بالمصلحة العامة للاقتصاد السوداني، وأضاف فيما يخص قضية المشروعات الزراعية معروف أن الجهة التي تريد أن تستثمر تقدم طلب محدد بالشيء الذي تريد أن تستثمر فيه والدولة تدرس مثل هذه الخيارات وتمنح الجهة المعنية المساحات اللازمة شريطة أن يكون هناك التزام بالاستثمار والإعمار وفق اتفاقياتة محددة حول المنتجات التي سيتم إنتاجها في هذه المساحة، وقال: يجب أن لا تكون المسألة مجرد عرض قدم وقبل من الحكومة السودانية، وزاد بالقول: قضية الموانئ كقضية المطار يفترض أن تطرح في عطاء عالمي بصورة أساسية، موضحاً أنه من خلال العطاء يمكن أن تتم المفاضلة بين كل الشركات التي ستقدم لهذا الأمر بصورة أساسية ومن ثم يتم اختيار أفضل الشركات التي يمكن أن تحقق المصلحة العليا للبلاد وتضيف للاقتصاد السوداني بصورة كبيرة.

وضوح وشفافية
وأكد د. الناير أنه من المهم إنشاء موانئ للسودان ورفع الطاقة لاستيعاب السفن القادمة والمغادرة من السودان ورفع كفاءة المناولة وغيرها، قائلاً إن المشروع يمكن أن يضيف للاقتصاد السوداني إضافة كبيرة، معتبراً أن العفوية من معوقات المشروع، وقال: يجب أن تكون هذه الأمور وفقاً لإجراءات وضوابط شفافة وواضحة وتعلن عبر وسائل الإعلام وأن يطرح في عطاء عالمي، وبخصوص قضية إشراك أهل المصلحة “أهل الشرق” يقول الناير إنه لا يمكن أن تتصرف الحكومة المركزية بمعزل عن شرق السودان وأهل المصلحة، وأضاف: لا بد أن يكون هم جزء من المنظومة، ويرى أنه إذا تم طرح هذا الأمر في عطاء عالمي يجب أن يكون الشرق ممثلاً في هذه اللجان ليتابع هذا الأمر بشفافية ووضوح ويعلم ما الذي سيعود لشرق السودان ويعود على الاقتصاد السوداني بمثل هذه المشروعات.

حماية مصالح
واعتبر الباحث والاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي أن العرض الإماراتي الاستثماري حزمة من الاستثمارات الزراعیة وروافدھا من الطریق البري ومیناء التصدیر ومشروع لشراء شركة بشائر للبترول، على أن يتم منح أراضي زراعیة في أبو حمد، إضافة إلى عمل طریق بري معبد ومسفلت ومیناء للصادرات الزراعیة شمال بورتسودان في أبو عمامة، وطالب بضرورة حمایة المصالح الوطنية وحفظ حقوق السودان من هذه الاستثمارات إلى جانب خدمة التجارة السودانیة “الصادرات والواردات” وأن تستغل الموانئ السودانية كمنافذ لتجارة الدول المغلقة مثل تشاد وأفریقیا الوسطى وجنوب السودان وإثیوبیا، إضافة إلى تطویر الموانئ الوطنیة وانطلاق وتنافس الموانئ في المنطقة على التجارة البحریة واستغلال إمكانيات السودان على البحر الأحمر.

تحسين الأوضاع
ويشير د. هيثم إلى أن أي استثمار في أي من مناطق السودان الآن سيهم بشكل مباشر في تحسین الأوضاع المعيشية وتقليل نسبة البطالة بالبلاد، موضحاً أن التجارة الوطنية بحاجة للطريق المقترح الرابط بین أبي حمد وشمال بورتسودان لإحياء المناطق الواقعة على مسار الطريق، وبرر ذلك لأنه سيكون رابطاً اجتماعياً واقتصادياً بين الشرق والشمال والعاصمة، وقال إنه لا بد من رؤية استراتيجية شاملة من أهل الاختصاص وأهل المصلحة لاتخاذ القرار المناسب، للاستفادة من موقعه التجاري الاستراتيجي المتوسط لسواحل البحر الأحمر، موضحاً أن مناطق البحر الأحمر ستستفيد من الخدمات التي سيوفرها الميناء، أهمها مد مياه النيل إلى تلك المناطق، لافتاً إلى أن القرارات الكبيرة والاستراتيجية تتطلب قراراً من الدولة بعد استشارة أهل المصلحة في شرق السودان، ويوضح أن المشروع الإماراتي يضم بناء منطقة صناعية ومنطقة سياحية ومشروع زراعي بمنطقة أبو حمد بمساحة 500 ألف فدان، وتشييد طريق للربط بين الميناء، ولفت إلى أن السودان به موانئ عديدة وكبيرة وعريقة يمكن تطويرها لزيادة الصادر والوارد ووضع خطط لبناء موانئ جديدة متخصصة.

نوايا المستثمر
ويرى الناشط المجتمعي علي شوقار أن الاستثمارات الأجنبية في السودان لا بأس عليها من ناحية بارك الله في من فاد واستفاد، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن الإشكالية في نوايا المستثمر وعقلية المسؤول السوداني وكذالك المواطن المستفيد، وتساءل: هل غرض المستثمر الاستثمار والاستفادة من استثمارة مقابل إفادة المواطن من ناحية التشغيل ودفع ضرائبه لإفادة لخزينة؟ أم إن الغرض الدخول في سياسات الدولة ورهن توجه البلاد السياسي والثقافي والاجتماعي بما يشبه الاستعمار المغلف بثوب الاستثمار؟ وقال ذلك مرفوض.

جبايات للمسؤولين
وأبدى شوقار أسفه قائلاً: إن عقلية المسؤول السوداني بين أمرين إما عقلية طاردة للمستثمر بكثرة الجبايات والبيروقراطية العقيمة، وأضاف: من المخزي والمحزن والمؤسف جداً مطالبة بعض المسؤولين “لكمشينات” وعمولات مقابل تسهيل إجراءات المستثمر، موضحاً أن ذلك جعل كثير من المستثمرين ترك الاستثمار في البلاد بعد قطع أشواط طويلة في الإجراءات فيقف المسؤول حجر عثرة مالم تدفع له عمولة وكأنه سمسمار في السوق، ودعا المسؤولين بضرورة أن يتحلوا بروح المسؤولية والوطنية وتقديم مصلحة البلاد والمواطنين فوق كا شيء.

استفزاز مستثمر
كما أبدى شوقار أسفه قائلاً إن المواطن السوداني يعاني من قلة الذكاء الاجتماعي، وأضاف: ينبغي أن يطالبوا بحقوقهم كمواطنين في مكان الاستثمار سواء كان زراعياً أو صناعياً أو غيره المتمثل في إنشاء مدارس ومشافٍ وأندية ترفيه وتنمية مجتمع وتشغيل أهل المنطقة في المشروع الذي يكون في الغالب بين اثنين في المائة وخمسة في المائة، لافتاً إلى أن ذلك يتم عبر القانون اللجنة القانونية والعدلية للمنطقة، مشيراً إلى أنهم كثيراً ما نراهم متفرقين ومتنافريين داخلين في صراعات بينهم قد تصل حد الاحتراب، وتابع: ما حدث ويحدث في غرب كردفان ليس ببعيد، كذلك استفزاز المستثمر بطريقة تنم عن عدم العلم والدراية كما حدث مع “الراجحي” في الولاية الشمالية.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...