الطاهر ساتي يكتب: والقيود باقية..!!
:: مساء الأمس، احتفلت الصحافة – في قاعة الصداقة بالخرطوم – بالإعلان عن الفائزين بجائزة محجوب محمد صالح للصحافة السودانية، في نسختها الرابعة.. وكما ذكرت، في نسختها الأولى، فالجائزة قيّمة، وفكرتها (أقيم).. وقيمة الجائزة ليست في (دولارها)، بل في قائمة العظماء الذين يختارون لجان التحكيم التي تختار الأعمال الفائزة.. فالأجلّاء علي شمو، عطا البطحاني، كمال الجزولي، الطيب زين العابدين، عبد الله حمدنا الله، سارة البيلي، عالم عباس، فضل الله محمد، خالد التيجاني، سمية المطبعجي، محمد محجوب هارون، السر السيد، آمال عباس، و.. و..!!
:: أكثر من عشرين هرماً؛ هم مجلس أمناء الجائزة.. ومن حسن سيرتهم تستلهم الجائزة قيمتها.. أما الفكرة (الأقيم)، فهي ما يلي: (الفكرة من ابتدار جائزة باسم الأستاذ محجوب محمد صالح تقوم على الاحتفاء بالأدوار الكبيرة التي تقوم بها الصحافة تجاه المجتمع والبلاد، وتهدف الجائزة لأن يكون لها إسهامٌ في عملية التطوير والتحفيز فيما يخص العمل الصحفي، كما تهدف إلى تكريم الصحفيين في شخص عميد الصحافة السودانية الأستاذ محجوب محمد صالح، الذي تتلمذت على خبراته وقدراته في المجال الصحفي أجيالٌ وأجيال) – نقلاً عن موقع الجائزة..!!
:: وبما أن تلك هي الفكرة والأهداف، فمن حق الفائزين أن يفتخروا بها.. ويشكروا عميد الصحافة وهو يوشحهم باسمه، كأغلى جائزة.. نعم، فالجائزة الكُبرى لأي صحفي هو أن يقترن اسمه باسم في قامة محجوب محمد صالح.. ثم يشكرون مجموعة دال، وهي توجه البصائر والأبصار إلى حيث الصحافة ودورها المرتجى في خدمة المجتمع، دون أي تدخل أو تأثير على مجلس الأمناء ولجان التحكيم.. مُبادرة دال تُسهم في تجويد المهنة وتطويرها بخلق روح التنافس بين المؤسسات الصحفية..!!
:: ومع الثناء، فإن جائزة محجوب محمد صالح بحاجة إلى المزيد من التطوير بحيث تكون كل دورة نواة لمشروع يتجاوز – جدواه وصداه – بلادنا أينما كانت (الكلمة).. ويُمكن تطويرها بتوسيع مساحة الرعاة، وكذلك زيادة مجالات التنافس.. بلادنا تستحق الريادة وقادرة على قيادة ركب الصحافة، ولا يحول بينها وبين الريادة والقيادة إلا الكوارث السياسية والأزمات الاقتصادية.. والمؤسف، رغم مناخ الحريات، ينحدر معدل التوزيع (سنوياً).. قبل الثورة، كانت هناك قيود تساهم في (هذا الانحدار)..!!
:: قبل الثورة، كانت الصحافة محاصرة بالمتاريس الأمنية والاقتصادية، وكان طبيعياً ألا يُغطي عائد التوزيع تكاليف الإنتاج، وقد تواصل بؤس الحال.. فالصحافة وسيلة وعي ومعرفة وتثقيف، ومع ذلك يضعون مدخلات صناعة الصحافة في قائمة مدخلات صناعة السجائر، رسوماً وضرائبَ وجماركَ وأتاوات، لتتقزم دائرة تأثيرها وانتشارها الإيجابي عاماً تلو الآخر.. واليوم، سقطت (القيود الأمنية)، ولكن لا تزال (القيود الاقتصادية) تحول بين الشعب وصحافة ناضجة..!!
:: ثم لا تزال أربع جهات تحاكم الصحافة، بأربع عقوبات، في قضية واحدة.. منذ عهد البشير وحتى اليوم، المجلس يعاقب بالإيقاف، ونيابة الصحافة تعاقب بحظر النشر، ونيابة المعلوماتية تعاقب بالسجن، ثم المحكمة بالسجن أو الغرامة أو بالاثنين.. ومن يتشدقون بالمدنية وشعارات الديمقراطية غضوا الطرف عن تعديل قانون الصحافة – لسنة 2009 – عندما كانوا في السلطة.. ويبقى الأمل في نقابة الصحفيين، بحيث يكون صوتاً للصحافة، بدلاً عن الرقص السياسي في (حلقة كدباس)..!!