النفط الجنوبي.. بين التأثير على الاقتصاد السودان ومصلحة الجنوب

قال خبراء في الاقتصاد إن ترحيل نفط الجنوب عبر السكة حديد أو النقل البري مكلف جداً، موضحين أنه يعادل أضعاف تكلفة ترحيله عبر خطوط الأنابيب، مشيرين إلى أن مصلحة السودان وجنوبه أن يكون هناك تعاون بينهما، وأن يكون تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، لافتين إلى أن خطوة الجنوب مؤشر سياسي أكثر من كونه اقتصادي، مؤكدين أن الخطوة ستؤثر على الاقتصاد السوداني بدرجة طفيفة.
إثيوبيا والجنوب
وكانت إثيوبيا ودولة جنوب السودان قد اتفقتا على تنفيذ سلسلة من مشاريع البنية التحتية المشتركة حتى تتمكن جوبا من الارتباط بمينائها في جيبوتي، واتفق كلا الجانبين على طرق لتعزيز خططهما المصممة سابقاً في مجالات البنية التحتية للطرق والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل المائي وغيرها من القطاعات الاقتصادية الحيوية بهدف خلق تكامل من أجل الفوائد المتبادلة، وقال وزير النفط الجنوب سوداني بوت كانق شول، إن ارتفاع تكاليف إيجار خطوط الأنابيب التي تتقاضاها الخرطوم دفعت جنوب السودان أيضاً إلى طرق بديلة لتصدير النفط الخام إلى السوق العالمية.
منظومات إقليمية
وترى الأكاديمية د. سهير صلاح أن التقرير يشير إلى اتجاه جديد في جنوب السودان للارتباط التجاري وربما الثقافي والسياسي بمنطقة شرق أفريقيا، موضحاً وجود تجاري وشركات شرق أفريقية في جنوب السودان، وقالت في حديثها لـ”اليوم التالي” إن هذا الارتباط سيكون ارتباط نخب سياسية، لكن له تأثير على المدى البعيد في بناء أي منظومات إقليمية في المنطقة سواء كانت اقتصادية أو ثقافية أو سياسية، وتعتقد أن تكلفة ترحيل النفط الجنوب سوداني بالبر إلى جيبوتي سيكون أكثر تكلفة من الأنابيب بميناء بورتسودان.
مؤشر سياسي
وأشارت إلى أن هذه الخطوة مؤشر سياسي أكثر من أنها مؤشر اقتصادي، وتوقعت بأن عدم الاستقرار السياسي في السودان وبوادر عدم استقرار أمني في مناطق الإنتاج وأنابيب نقل البترول هي محفزات بدولة جنوب السودان لهذا الاتجاه، وطالبت حكومة السودان بضرورة أن تأخذ هذه الخطوات مأخذ الجد وتدرس سبل استقرار المنطقة واستقرار أسعار نقل البترول لدولة جنوب السودان، وأكدت أن هذه الخطوة ستؤثر على الاقتصاد السوداني بدرجة طفيفة لكنه مؤثر.
تحرك الخام
وأكد المحلل الاقتصادي د. محمد الناير أن تطبيق هذه الخطوة على أرض الواقع يجد صعوبات كبيرة جداً، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن الجغرافيا توضح أن الانحدار الذي يحدث من جنوب السودان حتى السودان يساعد كثيراً في تحرك الخام في خط الأنابيب، قاطعاً أنه يحتاج عدداً من محطات ضغط قليلة وليست كثيرة لضخ النفط إلى الأمام وصولاً إلى ميناء بشائر، فضلاً عن أن هذه البنية التحتية مكتملة تماماً، وتابع: مهما كانت التكلفة لتصدير نفط جنوب السودان عن الأراضي السودانية عبر ميناء بشائر لن تكون التكلفة عبر ميناء جيبوتي أقل على الإطلاق، وزاد: حتى إذا تم إنشاء خط أنابيب يحتاج إلى تمويل كبير.
تمويل كبير
واستبعد الناير أن تكون دولة جنوب السودان لها القدرة على تمويل مثل هذا المشروع، وقال: لا أعتقد أيضاً إثيوبيا يمكن أن تساعد في مثل هذا المشروع، موضحاً أن البنية التحتية مكتملة بين إثيوبيا وجيبوتي، إلا إنه قال: لكن اكتمال البنية التحتية في جنوب السودان وربطها مع إثيوبيا هذا أمر يحتاج إلى تمويل كبير جداً يحتاج إلى وقت، وأكد أن ترحيل النفط عبر خطوط السكة الحديد أو النقل البري مكلف للغاية، ويعادل أضعاف تكلفة ترحيله عبر خطوط الأنابيب: وتابع: ليس من المنطق أو العقل أن يتم تصدير نفط جنوب السودان عبر جيبوتي في المرحلة الحالية على الأقل وإن كانت هناك دول أخرى تريد أن تتبنى هذا المشروع وتموله، متوقعاً أن يكون قصداً للسودان أو قصداً حتى لا تكون هناك فائدة متبادلة بين السودان وجنوبه.
تلبية احتياجات
وأكد الناير أن إنشاء خطوط أنابيب من جنوب السودان إلى ميناء جيبوتي يستغرق وقتاً طويلاً ربما على الأقل عامين أو ثلاثة أعوام، مستبعداً أن يكون هناك توجه تصدير نفط جنوب السودان في المدى القريب عبر ميناء جيبوتي وإن كان هناك استعداد أو توفير بنية تحتية، ويرى أن من مصلحة السودان وجنوبه أن يكون هناك تعاون بينهما، وأن يكون تصدير نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية، وأشار إلى أن جنوب السودان جرب كثيراً الاعتماد على دول الجوار، لكنه لم يجد ما يلبي احتياجاته، موضحاً أن السودان وجنوب السودان كانا بلداً وقطراً واحداً قبل العام 2011م وجنوب السودان يعتمد على الكثير جداً من السلع تصل إلى 70 سلعة من شمال السودان.
توجهات سياسية
وأبدى الناير أسفه قائلاً إن هناك بطء كبير جداً في اتخاذ قرار بفتح المعابر ووجود السلطات الرسمية الجمركية والمواصفات وغيره لاستئناف التبادل التجاري بين السودان وجنوب السودان، معتقداً أن المصلحة المشتركة بين البلدين والترابط الاقتصادي أكبر من أن يحول جنوب السودان إلى دولة أخرى لتصدير نفطه عبرها، مؤكداً أن ذلك لن يكون في المدى القصير ربما في المدى المتوسط أو البعيد، معتبراً أنها استراتيجية بعيدة المدى وليست فقط من جنوب السودان، وتوقع أن تكون هناك دول أخرى أو بعض التوجهات السياسية التي ترى أن جنوب السودان لا بد أن يتجه نحو دول أخرى، كما توقع أن تكون إثيوبيا قد ساعدت في هذا الاتجاه بحكم الخلافات الموجودة الآن حول قضية سد النهضة وعدم التوافق بين الدول الثلاث.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...