عبد الله مكي يكتب: مهرجان سينما الموبايل من حضارة (نبتة)إلى عصر (سوداني)
كان يوماً من أيام الله، وفرحا يشبه أهل السودان (السمر)، كيف لا وسفينة الانجاز والاعجاز ، والحرية والابداع، والفوز بالجوائز والميداليات يقودها هذا الربان الماهر ، (صائد التماسيح) وسليل (أرض السمر) الفنان المبدع والمخرج العالمي الأستاذ سيف الدين حسن.
وقبل سنوات عديدة صدح حبيبنا ورفيق دربنا بجامعة الجزيرة (له الرحمة في عليائه) الدكتور الشهيد أبوبكر الأمير بقوله : (ومثلما تنسل بادرة الشط من بين أوجاع الصخور، يتسلل الفرح الكبير هازما فينا ذلك الحزن الحلولي المكين) .
وهذا ما فعله سيف الدين حسن ، فكل الناس تلعن في ظلام الجوع والخوف والفقر والمرض والحرب والتشرزم والانقسام ، إلا هو أبى إلا أن يضيئ شمعة (الحرية والإبداع) فأطلق شرارة (مهرجان الخرطوم الدولي لسينما الموبايل) في نسخته الثانية.
وهذا المهرجان هو الأول من نوعه في هذا المجال.
وبهذا يكون الأستاذ سيف الدين حسن قد نقلنا إلى (الضفة الاخرى) فحلقنا في سماء العالمية ، بعد أن تقزمنا في محيطنا واقليمنا وحتى – للأسف – في ديارنا.
ميزات ثلاث
وتميز المهرجان بهيكله الإداري وبرعاته، وبشعاره.
أولا: الهيكل
فرئيس المهرجان هو المخرج العالمي الأستاذ سيف الدين حسن، ومدير المهرجان الإعلامية المتميزة عفراء فتح الرحمن، ورئيس لجنة التحكيم الناقد والكاتب الأستاذ السر السيد.
ثانيا: الرعاية
أما الرعاية فاختصت بها وفازت بألقها المتميزة أبداً (سوداني) وشركة (إرادة) وبنك (النيل)، فارتبطت حضارة (نبتة) و(النيل) ب(إرادة) كل (سوداني).
إذا نقول ونردد (وخليك سوداني) ونغني حتى الثمالة:
(وتصور كيف يكون الحال لو ما كنت (سوداني) وأهل الحارة ما أهلي).
ثالثا: الشعار
وأما شعار المهرجان فقد تفرد في معانيه ودلالاته، وكما تقول الأغنية العربية : (هم كلمتين) فكان الشعار الأقوى والأجمل:
(حرية ، ابداع).
وكأني بالشاعر الفذ علم الدين أحمد زكريا ينظر لكلمتي الشعار (حرية ، ابداع) وينظر إلى (نبتة وسوداني) فيقول :
قمران في كبد السماء توشحا الاستبرق يتناجيان:
أتظنهم من بعدنا هجروا الطريق ؟
أما يا ترى لما يزل في جوفهم بعض الرحيق .
وفعلا كما قيل: (إذا اتسعت الفكرة ضاقت العبارة) .
وتدريب كمان ؟
أجمل وأروع ما في هذا المهرجان هو الدورات التدريبية المصاحبة، في عدد من الجامعات. ولكن بالامس كانت هناك ورشة تدريبية ، استضاف فعاليتها (برج سوداني) .
الورشة شملت العناوين الآتية: (صحافة الموبايل وصناعة المحتوى المرئي والمونتاج والإخراج).
وتألق فيها نجوم الابداع السوداني:
الأستاذ سيف الدين حسن، والأستاذ دودي جمعة، والأستاذ أبوبكر الزاكي، وكان واسطة العقد ومسك الختام والذي جمع بين الدراسة الاكاديمية والموهبة الإبداعية والاحترافية الدكتور عادل ضيف الله.
ورشة الأمس أكدت لي أن هذا السودان (مسكون) بالإبداع والمبدعين رغم الظروف وضيق ذات اليد .
كلمة الأستاذ سيف أكدت أن الفنان والمبدع ليس بعيدا عن هموم وقضايا وطنه ، فنبه الجميع أن السودان هو بلد (اللاءات الثلاثة)، وإن السودان ليس كما يشاع وينشر ويراد له أنه بلد الجوع والفقر والمرض ، بل هو بلد الخير والإبداع والجود والكرم والشجاعة.
جيل العطاء
أما الحضور فقد امتلأت القاعة بهم وضاقت جنباتها، أكثر من (مائتي متدرب) رغم أن المعلن كان ل(120) متدربا ، لكن الأستاذ سيف رفض إرجاع أي شاب وشابة قطع كل هذه المسافة رغبة في علم أو خبرة أو تجربة ، وتفهمت (سوداني) الوضع وكذلك الأساتذة المدربون ، مما أضفى على الجميع حميمية جعلتهم يشعرون كأنهم أسرة واحدة. وكل الأجيال مثلت لوحة رائعة في هذا اليوم، فجيلنا والأجيال التي تلينا من الشباب والشابات، موظفين واعلاميين ومحترفين وطلاب، من العاصمة والولايات ، وكانت مشاركة ولايات دارفور هي الأميز والأروع كما ونوعا ، بالإضافة للجزيرة الخضراء.
مسك الختام
والجائزة باسم الشهيدة شيرين أبو عاقلة، هذا يجعل (نبتة وسوداني) في قمة الدفاع عن (الحرية والإبداع) وسبقوا الكثيرين في ذلك ولعل (الجزيرة) الآن تلحق بالركب ، ونقول لهم :
(شيرين منا آل البيت ال(سوداني).
ففي زمن الشدائد تختار القلة سلامة المنهج ، وتختار الكثرة منهج السلامة.
رسالة الختام
المبادرات والمشاريع الإبداعية في بلادنا تحتاج إلى دعم سخي ورعاية متكاملة ، وإلى شراكات ذكية تلتقط تلك المبادرات وتحولها إلى واقع ملموس ، وإلى مؤسسات غنية بالمعرفة والعلم والإبداع ، فشكرا (نبتة) وشكرا (سوداني) والتي جعلت هذا العمل ممكنا.
*وشكرا معلم الأجيال الأستاذ سيف الدين حسن*.