ارتفاع تكاليف إنتاج الذهب.. التعدين التقليدي في مهب الريح
مختص في معالجة (الكرتة) :لابد من تجميع المعدنين التقليديين في جمعيات إنتاجية
صاحب طاحونة حجر: ارتفاع سعر الوقود عطل العمل ومهددون بترك المهنة
مستثمر في التعدين التقليدي: نطالب بتخفيض نسبة الشركة السودانية من 33% أو تقسيمها حسب الإنتاج
مهندس تعدين تقليدي: الفشل وقلة الإنتاج في التقليدي عدم دراسة وتخطيط
تحقيق: النذير دفع الله
أعلنت الشركة السودانية في وقت سابق خلال الشهر الماضي أن إنتاجها من الذهب ارتفع بمعدل فاق الـ30%، وهو ما ظهر جلياً ضمن تقرير بنك السودان المركزي حول صادر الذهب وما تتحدث عنه الأرقام حيث كانت صادر الذهب العام الماضي (1,014,1) دولار وارتفع هذا العام ليصبح (1,315,50) دولار بزيادة 300,900 دولار. ولكن الواقع لدى منتجي المعدن النفيس في القطاع التقليدي والذي يمثل نسبة 80% من الإنتاج الكلي للذهب في السودان غير ذلك، وأكدوا أن الإنتاج انخفض إلى نسبة فاقت 50%، وخروج أكثر من 90% من العاملين في هذا القطاع نسبة لارتفاع تكاليف الإنتاج ابتداءً من سعر الوقود والترحيل والطحين فضلاً عن النسبة العالية التي تأخذها الشركة السودانية من خالص الإنتاج والتي بلغت 33% الأمر الذي ألقى بظلاله السالبة وبالغة التعقيد على هذا القطاع العريض والمهم.
خروج غير آمن
المهندس ساتي محجوب ـ أحد العاملين في قطاع التعدين التقليدي ـ قال لـ(اليوم التالي): أعمل في الهندسة المدنية وبسبب التضخم الذي اجتاح البلد تركت المجال وتحولت من الهندسة المدنية للزراعية وأيضاً بسبب السياسات غير الرشيدة والسعر التركيزي للقمح وتدخلات البنك الزراعي، فالسعر التركيزي بين مزراعي الشمالية والجزيرة غير متوافق لأن الري في الجزيرة انسيابي وليس عليه تكاليف إنتاج، كما في الشمالية، وأخيراً خرجت أيضاً من هذ المجال واتجهت أخيراً إلى مجال التعدين التقليدي وبدأنا مع مجموعة في العمل بصورة جيدة وعليه أخذنا معدات وآليات بالأقساط وكنا نتكسب ونربح من الوقود عندما كان مدعوماً حيث كان جرام الذهب الواحد يساوي (3) براميل جاز، ولكن بعد رفع الدعم الجزئي وفتح الاستيراد الحر أصبح جرام الذهب يساوي واحد برميل وقود ومع رفع الأسعار المستمر أصبح (3) جرامات تساوي برميلاً واحداً، بعدها اتجهنا لشراء الجاز أو الوقود الليبي الذي يأتي عبر التهريب، فسعر البرميل الليبي أقل من سعر الجاز السوداني بنصف القيمة، مضيفاً: بعدها وضعت الحكومة رسوماً وجمارك على الجاز الليبي الذي ارتفع وأصبح سعره مساوياً للسعر المحلي مما أثر على إنتاج الذهب في التعدين التقليدي، بل وأصبحت (6) جرامات ذهب تساوي واحد برميل من الوقود، مشيراً الى أن المعدنيين التقليديين خرجوا من القطاع بنسبة 80% بحيث إذا جوال الحجر لم ينتج أكثر من 2 جرام فإن العملية خسرانة لأن تكلفة الترحيل والطحن والغسيل ارتفعت مبيناً أن الذين ينتجون نسبة عالية أيضاً، قلت نسبة لارتفاع الوقود، كما أن الطواحين التي تنتج لم يستطيع أصحابها مواصلة العمل لأن المعدنين التقليديين وقفوا عن العمل مما أثر على كل العاملين في القطاع بكل مسمياتهم حتى الشركات التي تعالج (الكرتة) وقفت واتجهت حالياً لشغل (الجِيرة) أو العقد الثلاثي بين الشركة السودانية والشركة المعالجة للمخلفات والمنتج الذي يأتي بالحجر ولكن النسب ضعيفة، وأضاف: حالياً لدينا طواحين تعمل في طحن الحجار ولدينا كمية من (الكرتة) في نسبة 1,5جرام (ما في زول راضي يعالجها) لأن تكلفة الترحيل أصبحت عالية.
وكشف ساتي أن المشكلة الثانية التي تواجه المعدنين هي النسبة التي تأخذها الشركة السودانية عالية بحيث وصلت 33%.
وأكد ساتي أن القطاع التقليدي الذي يعمل بواسطة (الأجنة والشاكوش) يمثلون نسبة 80% ويوجد أكثر من 2 مليون سوداني يعملون في التعدين التقليدي ولديهم أسر ويعتمدون على هذا القطاع، ورأى ساتي أن الحل لهذه القضية يتطلب من الشركة السوانية تخفيض نسبتها من خالص الإنتاج أو عليها أن تأخذ نسبتها حسب كمية الإنتاج فإذا كان الجوال في حدود 2 جرام تحدد له نسبة وأقل من ذلك نسبة وأكثر من ذلك حتى يستطيع الجميع مواصلة العمل، مشدداً على وجود أطنان من المخلفات من زمن طويل غير معالجة، والحكومة تستطيع أن تعمل ذلك خاصة نسبة مواد معالجة المخلفات ثابتة ولم تتغير فإذا لم تكن النسبة عالية فلا تستطيع أي جهة معالجتها بدون ضمانات.
ضياع وتوهان.
المعدن نقد إسماعليل من العاملين في القطاع التقليدي بالولاية الشمالية منطقة عكاشة ويمتلك مجموعة من الطواحين أكد لـ(اليوم التالي) أن نسبة وارد الحجر انخفضت بصورة كبيرة في كل الأسواق والسبب في ذلك يرجع لارتفاع سعر الوقود وهو ما يصعب على أصحاب الآليات فتح مناجم جديدة لأن نسبة تشغيل الآليات عالية، أمّا السبب الآخر (الكرتة) فكميتها أصبحت ضعيفة، مشيراً الى أنه سابقاً شركات المعالجة كانت لا تضع اعتباراً للترحيل ومع ارتفاع الوقود أصبحت قيمة الترحيل تخصم من صاحب الطاحونة مما أدى لتقليل الإنتاج بنسبة 50% وفي منطقة دلقو انخفض إنتاج الحجر إلى 80%، مشدداً على أن نسبة الشركة السودانية التي تأخذها من صافي الإنتاج عالية وهي 33% من المستخلص مهما كان الإنتاج، كاشفاً أن نسبة كبيرة من المعدنين تركوا التعدين التقليدي وهم قطاع كبير، بل هناك مشكلة أخرى تواجهنا لأن عدداً كبيراً من المعدنين تضرروا من هذه الإجراءات والزيادات سيما وأن المعدنين عليهم عدد من الأقساط على الآليات ولا يستطيعون دفعها لعدم الإنتاج وارتفاع التكاليف الأمر الذي سينعكس سلباً على جميع الشركات والبنوك التي مولت هؤلاء وحتى الشركات المستوردة للآليات أصابها الكساد لذلك هو الضياع.
وأوضح نقد أنه توجد حلول متعددة منها معالجة ـسعار الوقود ومراجعة نسبة الدولة التي تأخذها من الإنتاج حيث يمكن جدولة النسبة حسب الإنتاج وفي حالة النسب الضعيفة على الدولة أن تعفي صاحبها حتى تحافظ على وجود هذه الأسواق التي تستوعب هذا العدد الكبير من الشباب، مناشداً الدولة عبر الشركة السودانية بتوصيل التيار الكهربائي للأسواق أو استخدام الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) لتقليل تكلفة الإنتاج .
ارتفاع التكاليف
مهندس الدويشات محمد الطيب قال لـ(اليوم التالي) إن السيولة الأمنية التي اجتاحت أسواق التعدين أدت لأن يتغول المعدنون التقليديون على مواقع شركات الامتياز بالإضافة لتحرير سعر الوقود، مؤكداً أن نسبة الإنتاج تكاد تكون مستقرة، ولكن المشكلة الكبرى تقع في قطاع التعدين التقليدي بحيث انخفضت النسبة بصورة ملاحظة والسبب يعود لارتفاع تكلفة الإنتاج التي أصبحت عالية واعتماد شركات المعالجة بصورة كبيرة على التعدين التقليدي مضيفاً أن نسبة الآليات المعطلة في مناطق التعدين التقليدي كبيرة خاصة وأن كل عمليات إنتاج الذهب أصبحت عالية ابتداءً من إنتاج الحجر، ثم الطحين والترحيل فضلاً عن الرسوم التي تفرضها الشركة السودانية عالية مما قلل هامش الربح الذي أصبح ضعيفاً جداً، وأشار دويشات الى أن ارتفاع التكاليف أدى إلى تقليل نسبة معالجة (الكرتة) التي تعمل فيها شركات المعالجة ولأن إنتاج الذهب يعتمد بصورة مباشرة ونسبة كبيرة على القطاع التقليدي ومعه شركات معالجة المخلفات التي تنتج أيضاً أكبر من شركات الامتيار، ولكن إنتاجها مؤخراً تدهور بصورة ملاحظة .
وأوضح دويشات أن دعم قرار الوقود مرتبط بالسعر العالمي ولا رجعة فيه. عليه ولتقليل هذه الخسارة وعدم فقدان هذا القطاع المهم يجب تجميع المعدنين في شكل جمعيات إنتاجية وتتم عليهم رقابة فنية وإشراف مباشر لمزيد من التجويد، كاشفاً عن خطورة التعدين التقليدي بحيث يستهدف المعدنون (العرق) الغني والذي دائماً تكون معه صخور مصاحبة حاملة للذهب وفي إطار عملية البحث يستخرجون النسبة الضعيفة كمخلفات ويتم خلطها مع الحجر بدون نسبة لذلك تكون الخسارة فقدان جزء كبير من النسبة موضحاً أن شركات المعالجة يمكنها أن تغطي خسارتها مهما كانت التكلفة لأنها تعتمد بطريقة مباشرة على المعدنين التقليديين الذي تضرروا كثيراً وما زالت الخسارة قائمة مبيناً أنه إذا وجد التعدين التقليدي والإشراف الفني فإن النسبة ستكون مجزية للكل، كما أن عملية العقد الثلاثي ربما تكون جيدة ومربحة لهؤلاء المعدنين، ومن خلال الرقابة يمكن تقسيم الثروات المستخدمة بدرجات بين المعدنين والشركات من خلال الجمعيات الإنتاجية مشدداً على أن عملية الجمعيات ستساعد في انخفاض عملية التهريب .
مغامرة فاشلة
وأكد مختص في مجال التعدين بالشركة السودانية لم يذكر اسمه ل(اليوم التالي) أن انخفاض نسبة الإنتاج في التعدين التقليدي تعود لعدم دارسة الجدوى والدخول في المجال دون استشارات مضيفاً: بعض المستثمرين في المجال يعتمدون فقط على النسبة الأولية الموجودة في (العِرِق) والتي غالباً ما تنضب بعد وقت قليل، وبالتالي تعتبر مغامرة، عليه لابد من دارسة الجدوى ومعرفة ما إذا كان الأمر ذو فائدة أم لا، وأشار ذات المصدر لوجود (عروق) اقتصادية ذات عائد كبير ومستمر وتوجد (عروق) سطحية، فالكثير من هؤلاء اعتمدوا فقط على المعلومات الخارجية والعامة حسب إنتاج بعض الآبار منبهاً الى ضرورة وضع كل المتغيرات ضمن الحسابات والتي دائماً ترتبط بالوضع السياسي والاقتصادي للبلد طالما ارتبط الذهب بالنظام العالمي، مؤكداً أن جميع تكاليف الإنتاج يجب أن تكون ضمن الخطة ابتداءً من الحفر ونبش الحجر، ثم الطحن والغسيل والترحيل كاشفاً أن 60% من المعدنين التقليديين غير مقيدين بهذه التفاصيل، ولذلك دائماً ما تكون التجارب فاشلة على المدى القصير منوهاً الى أن التجربة ستصبح ناجحة على المدى البعيد للذين يمتلكون رؤوس أموال ضخمة، أما بالنسبة للذين يبحثون عن العائد السريع في المدى القصير فإن التجربة فاشلة مناشداً جميع الذين يودون الدخول لمجال التعدين التقليدي وضع دراسات وخطط عبر المراكز المتخصصة كاشفاً أن الشركة السودانية تسعى لتقليل التعدين التقليدي ودمج المعدنيين التقليديين في جمعيات تعاونية للاستفادة من عدة مزايا تتعلق بالتمويل وإحكام الدولة على هذا النشاط مشدداً على أن مشاكل التعدين التقليدي كثيرة منها أن معظم النشاط موجود في مواقع شراكات امتياز الأمر الذي عطل عمل هذه الشركات موضحاً أن الدولة غير مستفيدة من التعدين التقليدي فقط المستفيدون هم أفراد ويدفعون للدولة نسبة 10% فقط هذا إن وجدوا بالفائدة في التعدين التقليدي شخصية .