الطاهر ساتي يكتب: يختزلون ..!!
:: ومن قصص نابليون التي سردتها في موقف كهذا، بعد احتلال النمسا، تفقد جيشه منتشياً بالانتصار، وإذا بجندي نمساوي يقف مع جيش الاحتلال، وكان جاسوساً يمدهم بالمعلومات، فأمر نابليون قائد الجيش بمكافأة الجندي النمساوي ببعض المال تقديراً لعمالته.. ولكن لم يتجسس الجندي – ضد بلاده – من أجل المال فقط، إذ قال لنابليون متوسلاً: (أريد مصافحتك)، فابتعد عنه نابليون قائلاً: (عفواً، أنا لا أصافح الخونة)..!!
:: إنها مبادئ الفرسان.. خدمات الجندي لم تهز قناعات نابليون، ومهما كان الجاسوس وفيّاً ومخلصاً، فهو – في النهاية – (خائن)، ولذلك لم يلوث نابليون يده بمصافحته.. وفي أي زمان ومكان، فإن حافز الخائن (حفنة مال)، تُرمى تحت أقدامه، ليركع عند الاستلام.. والخائن لوطنه وشعبه، كمن يسرق مال أبيه ثم يعطيه للص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يشكره.. أو كما قال نابليون..!!
:: ويوم الجمعة كان الخبر بالنص: (طالب المجلس المركزي لقوى الحرية المجتمع الدولي برفض إعادة انتخاب السودان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، موضحاً أن النظام الحالي غير الدستوري، واستنكر المجلس المركزي لقوى الحرية تقدم السودان لإعادة عضويته، و..و..).. كان تحريضاً لدول العالم، أصدره النشطاء بحيث لا يكون وطنهم عضواً في المجلس التابع للأمم المتحدة..!!
:: فالنشطاء لا يميّزون بين الوطن والنظام.. ليس اليوم، بل منذ الأمس، بحيث كان فيهم من تباهى بدوره في فرض الحصار على السودان باسم النضال، ورفض الاعتذار رغم علمه بأن من دفع ثمن الحصار هو الشعب، وليس البشير.. ومن المحن، توجوه مستشاراً في حكومتهم، ثم وزيراً.. وإن لم يكن لتصحيح المسار إنجازاً غير إعادة من يفتخرون بحصار بلادهم إلى مقاهي العطالة، فإن هذا يكفي..!!
:: والمهم.. رغم أنف تحريض النشطاء لدول العالم برفض عضوية بلادنا في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تربع الوطن الحبيب – بالأمس – على مقعده عضواً بمجلس حقوق الإنسان في الفترة من يناير 2023 وحتى ديسمبر 2025.. وكان الفوز بالمقعد كاسحاً عبر التصويت، بحيث بلغ (157 صوتاً)، علماً بأن المطلوب كان فقط (97 صوتاً)..!!
:: بالصفحات الداخلية كل تفاصيل الحدث خبراً وتقريراً وتحليلاً.. أسعدنا الحدث، فأفردنا له مساحات بالداخل، أي كما فعلنا يوم حدث خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأفردنا لذاك الحدث أيضاً مساحات كبرى، وكان النشطاء عهدئذ سلاطينا.. لقد فرحنا معهم – بانعتاق بلادنا من قائمة الإرهاب – حباً لبلادنا وشعبنا، وليس طمعاً في (سلطتهم).. لم – ولن – نختزل الوطن في مناصب، كما يفعلون..!!
:: على كل، فاز السودان بفضل الله، ثم جهد الخارجية والعدل.. وصوتت كل تلك الدول لصالح بلادنا رغم أنف تحريض النشطاء. ويوم شارك السودان في جمعية الأمم المتحدة رغم تحريض النشطاء أيضاً، كتبت بأن المجتمع الدولي ليس ناشطاً ليبني مواقفه على الأوهام.. فالمجتمع الدولي يعلم أن فض الشراكة شيء والانقلاب شيء آخر، وأن المدنية شيء والتمكين المراد تجديده شيء آخر.. و.. هكذا..!!
:: فالمجتمع الدولي ينظر للحقائق (كما هي)؛ وليس كما يهوى الذين يتباهون بفرض الحصار على وطنهم وشعبهم سابقاً، والذين يحرضون على عزل وطنهم وشعبهم حالياً، فقط لأنهم لا يرتعون في مراعي السلطة.. فالحيارى يظنون أن حصار الوطن والشعب وعزلهما عن الآخرين هو أسرع الطرق إلى (التسوية)، ليتقاسموا مع العساكر – مرة أخرى – تلك المراعي..!!