فضل الله رابح يكتب: أحمد هارون .. أسئلــة الغياب ومخاوف الحضور ..?
ـ كلما زارتـه مجموعـة من اهل كردفان بسجن كوبـر كانت تشركه حيرتها وفقدان خادمهم ومفجر ثورة نهضتهم ويخبرونه بزيادة وجعهم وهو كعادته يملؤهم بالحماس والطاقة الموجبــــة وبالضحكات .. أكثر من (1400) يومِ قضاها مولانا احمد هارون بسجن كوبـر من دون ذنب سوي أنه خادم الشعب وكل مرة يتم التجديد له لمدة شهرين أو تزيد من دون أن يذهب بنفسه الي القاضى كما ينص القانون ومع ذلك وبكل أسف ان القاضي الذي يجدد له يكتب في مذكرة التجديد ويقول : ( حضر امامي احمد هارون ) وهو لم يحضر أمامه ولم يسمع منه .. اكثر من ( 1400) يوم من الغياب لمفجر طاقات شعب شمال كردفان وسؤال الغياب لم ييارح مكانـه وسط الشباب واهل الرياضة والفن والتصوف بالولايــــة ..
ـ. هل الانقاذ أكلت أمها وأباها وبنيـها وهم أحيـــاء أم ماذا جرى بشأن الثورة الملونــة وتغيير 11 أبريـــل 2019م بكل تفاصيلــه الصغيـــرة والكبيرة .. المعلنــة والمسكوت عنها ?!! ـ لقد نفد صبر الإسلاميين وشبابـهم وكل السودانيين وتقاصرت طاقـة إحتمالهم لواقع لم تعتدل سفينته بعد والجميع يعلم أن السودانيين إذا بايعوا لا يخونون ولو كانت بيعتهم علي قص رقبـــة لكن من يتابع مشاهد نفرة اهل كردفان امس يدرك ان صدور اهل كردفان قد إستشاطت غضباً .. وليس سهلاً أن يصمت المجاهد حاج ماجد سوار فى مناسبة داعيها الكلام والمناصرة وهو عرف بالمجاهدة وقول الحق لكن منعه الشديـــد القوى وليس سهلاً أن يبكى سليل الفراس صديقي مبارك شمو بـن أم أبادر مبارك شمو الذى يُعلِم الناس الرجالـــة والجسارة عانقنى وهو يبكى بحرقــة على غياب هارون وإخوانه .. ليس سهلاً أن يبكى أخى حامد عبدالرحمن ( كلينكيت) وهو سليل أمراء المهديــة وفرسانها وليس سهلاً أن يحتار أخى وصديقى حسن حمد لكن يبدو أن الوجع قد تزايـــد عليـهم وفاض .. حذارى من غضب حراس الفضيلة والمكارم وأن يتركوا وهم يتلوون داخل غُرف الحبس ويصدرون أنفاس غضبٍ يوقظ النائمين ..
ـ لقد تحدث مصطفى كبر بذات قوة بيانـه وفصاحته وبحكمة وأدب وعشم إبن الإدارة الأهلية ولخص حديثــه فى عبارة : ( سنلجأ إلي الشعب إذا تعذرت العدالــــة) .. كل من تحدث فى نفرة احمد هارون أمس كان حذراً وهو يعلم أنه يتحدث عن رجل ولد وعبـق البارود والدخان حولــــه ويدرك انه يتحدث عن رجل شجاع لم ترتجف يـــده يوماً من حمل السلاح رجلٌ يعلم أن حياتـــه وديعـة من الله ويمكن ان يأخـذها فى أي لحظـة والموت وهو واقــف اكرم إليـه من أيـة حياةٍ وليس من خلود لرجل كردفانى أنبل من أن يموت بعزة وتغنى النساء والحكامات لجسارته بعد موتــــه واحمد هارون رجل مؤهل للموت بعزة في اي لحظة ولم يخترق الخوف جوفـه مرة ولم يتلجلج وهو يواجه أصعب التحديات ..
ـ بالأمس إخوات رابحـة الكنانيـة أجبـن على سؤال الغياب بعد صمت طال وقلن ان (هارون) إمتداد لأمراء جيش المهدى وخليفتـه وهن بلا شك حزينـات لكنهن صابـرات .. كانت رسائل احمد هارون وإخوانـــه تأتى مخيفـة لسجانيهم ومن داخل السجن وأن الهزيمة بالحق تبدو قريبـة وسيخرجون بأمر الله فاتحين بعد ما كانوا مأسوريــن .. أحمد هارون وإخوانه ليسوا على غفلـة عندما ذهبوا إلى السجن بل كانوا رافعين رايات القبول والرضا بالتغيير ومتوشحين بالايمان إذا كان سجنهم يأتى بالخيـر والاستقرار لاهل السودان وكان بمقدورهم ويمتلكون الشجاعة أن يقاتلوا عن دين الله وشرف السودان وثورتهم لكنهم لم يفعلوا ومعلوم فى تاريخهم ما وهنوا يوماً لكنهم كانوا يعلمون إذا قاتلـوا ستكون خسائر الوطن أكبر وسيكون قتالهم وبالاً على البلد وستمتلأ الميادين بالجثث والأرض بالدماء القانيـــة فسلاح الصبر والإحتساب عندهم كان امضي من أى سلاح غيره فلم يشهروا بندقيـــة ولم يطلقوا طلقـــةً فقد كانوا مؤمنين بنصر الله وحتماً سينتصرون طال الزمن أم قصر طالما هناك أيادى مرفوعة الي الله بالدعاء ومن أناس جوعى و أصحاب حاجات كان احمد هارون وآخرون يخدمونهم بلا رياء والآن تعطلت مصالحهم بسبب طمع السلطة وغياب من يخدمهم فالله لم يتركهم يعانون ولكن سوف يأتى إليهم بمن يقيل عثراتهم بلا منٍ أو أذى .. كل من يزور شمال كردفان هذه الأيام يلحظ ذهولاً خاوياً يبعثر نظرات أهلها وكأنهم يعيشون على أشباح الموت وكأنه ليس ذاك الشعب المبتهج الفرح بهلال الابيض وليالى عروس الرمال فقد ضاعت كل أيام وأحلام النفير.. وهنـا تحضرنى قصة رواها لى حاضرون لمباراة المريخ العاصمى والاهلى الليبي التى جرت مؤخراً بملعب قلعـة شيكان بالابيض وحضرها السفير الليبي بالخرطوم الذى علق بفرح وامتنان لكرم الكردافــة وجمال الملعب وقال بالحرف : ( ملعب كهذا ليس عندنا فى ليبيا ) وكان تعليـــق الحضور صادماً للسفيـــر عندما قالوا له للأسف أن الرجل الذي شيـد هذا الصرح يقبـع الآن حبيساً بالسجن السياسى عقوبة علي إقترافه هذا الذنب ..فتعجب السفير ومرافقوه من قولهم .. عجباً لأمر السودان يُسجن أحمد هارون وبعض الدراويش طلقاء .. لكن عذاءنا أن هارون صار قلباً فى أجساد الغلابـــة النحيلة فهو رجل يعيش الحياة بأكثر من وجه وهو فى سجنه يخدم الناس وفى سجنـه يبكى الناس ويطربهم لكن خصومه لا يعلمون وهم يكادون يموتون بغيظهم وهم يرتجفون ويتابعون إنفعالات الناس معه رغم محاولات دسه وتغييبــه عن المشهد .. اللواء عمر نمر لم يتحدث فى حفل نصرة هارون غير انه إكتفى بإلتقاط المؤثرات وإنتزاع المواقف والمشاهد المؤثرة بعيون مفتوحـــة يستحى الخصم أن ينظر إليها أكثر من مرة ..
ـ يا بخت هارون وإخوتـه بناة السودان .. بنوه وسجنـوا من أجله ظلماً وحسداً لكنهم لم يهدموا جدراناً إنتصاراً لأنفسهم بل تزايـــدت إنشغالاتهم والبحث عن الإجابـــة لسؤال : كيف يبنى السودان وينهض ..??