ما هو فني وما هو سياسي في علاقات السودان بالمؤسسات المالية الدولية
د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
على ضوء مشاركة السودان في اجتماعات مؤسسات برايتون وودز (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واخواتهم) بواشنطن يثور السؤال حول مدى استجابة هذه المؤسسات لطلب السودان باستئناف العلاقات، واستعادة الإفراج عن منح ومساعدات وتمويل يبلغ حوالي 2.6 مليار دولار، كانت هذه المؤسسات أقرته للسودان بعد مذكرة تفاهم وقعت في العام 2020 في عهد حكومة حمدوك الأولى .
كذلك استئناف عملية إعفاء الديون بموجب بمبادرة الهيبيك التي وصلت مرحلة متقدمة جداً في نفس الفترة.
عند تجميد المساعدات وإعفاء الديون بعد قرارات القائد العام للقوات المسلحة في أكتوبر 2021 صدرت بيانات من المؤسسات المالية الدولية؛ ذكرت فيها أن استعادة المسار مرتبط بالاتفاق على حكومة مدنية في السودان، وكان هذا الكلام السياسي انعكاساً لقرار دول الترويكا التي أقرت نفس المبدأ (لا تعامل مع السودان إلا تحت حكم مدني).
طبعاً تنصاع المؤسسات هذه للتوجه السياسي للدول ذات القوة التصويتية الأعلى داخلها، الولايات المتحدة الأمريكية لها أعلى قوة تصويتية؛ بحكم أن مساهمتها هي الأعلى في رأسمال هذه المؤسسات لهذا من الطبيعي أن ينصاع لرأيها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، حتى لو كانت رؤية الفنيين داخل المؤسستين غير.
عانى السودان كثيراً من غلبة التوجه السياسي على الرأي الفني داخل هذه المؤسسات في مسألة إعفاء الديون، لقد انطبقت المعايير الفنية المطلوبة في حالة الاقتصاد السوداني منذ سنوات عديدة، وهي تلك المتعلقة بنسبة الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي، ونسبته لإجمالي الصادرات، ونسبته للإيرادات العامة وغيرها من المعايير، لقد كان موظفو الصندوق يهمسون لموظفي وزارة المالية” إن بلدكم تستحق الإعفاء لكن تحدثوا مع الامريكان”.
في ظل التسوية الجارية حالياً بين المكون العسكري وقوى سياسية، يتوقع عند اكتمالها أن يعطي الأمريكان الضوء الأخضر للبنك والصندوق لاستئناف المساعدات.
طبعاً بالنسبة للأمريكان ليس هذا من أجل عيون السودان أو قائد الجيش البرهان أو وزير المالية د . حبريل، ولكن لتحقيق أهداف استراتيجية يراها الأمريكان، وأهمها تحجيم أثر الصين وروسيا ومصالحهما في السودان بصورة أساسية.
على القادة والنخب أن يعوا هذا جيداً، وعليهم أن يعملوا بالمثل السوداني (أكلوا توركم، وأدوا زولكم)، وأرجو ألا يتطوع أحدهم بترجمة وشرح هذا المثل للخواجات. والله الموفق.