عبد الله مكي يكتب: (وانكاي) آخر معارك الإسلاميين (1)

توطئة
كلما جاء يوم 19 أكتوبر من كل عام نتذكر معركة (وانكاي) الشهيرة والتي كانت في (19 أكتوبر 1999) بمنطقة غرب النوير والتابعة لولاية الوحدة، والتي الآن هي جزء من دولة جنوب السودان. ودارت المعركة حول منطقة وانكاي المحاصرة منذ (3 سنوات) بين قوة تتكون من الجيش السوداني ومعهم كتيبة الشهيد هيكل من جهة، وكان عددهم حوالي (300 مقاتل)، وقوات (بيتر قديت) المنسلخ من القائد (فاولينو ماتيب) الموقع على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية من جهة أخرى، وكانوا ما بين (2000 و 3000 مقاتل).
وكذلك نتذكر  ثلة الشهداء الذين مضوا إلى ربهم (والذين لم ننساهم أبداً) وعلى رأسهم أمير الكتيبة الشهيد هشام عبد الله محمد الحسن، وماهر ابراهيم حسين، ومحمد النعيم البخيت، وعمار علي عيسى ، والجرحى وعلى رأسهم أواه عبد المنعم وابراهيم حامد وعبد الله فوستر، والأسرى وعلى رأسهم خالد قديت وذو النون ابن القضارف، والمقاتلين وعلى رأسهم شهاب برج وعلاء الدين فاولينو ومحمد هجين وبخاري ، والأمراء وعلى رأسهم شيخ الجيلي ومحمد عثمان عبد الباقي ، وأمارة الكتيبة وعلى رأسها صالح معلى وأحمد الفادني والقيادة العسكرية وعلى رأسها التجاني سيد احمد وعلي عوجة.
فماذا حدث في في معركة (وانكاي)؟ وكيف تكونت كتيبة الشهيد هيكل ؟ ، والطريف في الأمر أن من تبقى منهم على قيد الحياة ، أو (المنتظرين) – حسب تعبير المجاهدين والمبني على الآية الكريمة : (ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)  – لديهم  مجموعة واتساب باسم (الهيكلاب).  فما هي القصة الكاملة لكتيبة (الشهيد هيكل)؟ وما هي تفاصيل معركة (وانكاي) بمنطقة غرب النوير ؟ وما هي أهم الأحداث السياسية التي صاحبت العمليات العسكرية في تلك الفترة الحرجة من تاريخ السودان ؟
حلقة (1)
في العام 1999 وفي بداية شهر يونيو ، وثورة الانقاذ الوطني تستعد للاحتفال بعقدها الأول أو عشريتها الأولى أو عيد ميلادها العاشر – سمها ما شئت – اتجهت الأنظار لحماية الثورة وهي تستعد للقفز للمرحلة القادمة، وذلك بعد إجازة الدستور قبل عام (1998)، والاستعداد لتصدير أول باخرة نفط من البترول السوداني للأسواق العالمية بعد شهرين من عيد الثورة (30 أغسطس 1999). كل ذلك رغم الحصار الإقتصادي والسياسي والديبلوماسي العالمي على السودان.
وحماية الدولة ونصرها ونصرتها – بعد الله سبحانه وتعالى – والقوات النظامية المختلفة (جيش وشرطة وأمن) كانت تعتمد على قوات الدفاع الشعبي، وهي فلسفة كاملة ونظرية متكاملة، طرحها مفكر الحركة الإسلامية الأول وشيخها الشيخ حسن الترابي بعد قرار السودان الجريئ في حرب الخليج والقائم على الوقوف ضد القوات الأجنبية وخاصة الأمريكية في منطقة الخليج بحجة إخراج القوات العراقية من الكويت أو تحرير الكويت ، وإنما تقوم بهذه المهمة الدول العربية والإسلامية، وعلى إثر ذلك تكون المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي.
والفلسفة النظرية هذه تقوم على ثلاثة أضلاع : (دفع ، نبع ، زرع):
فالدفاع :
يقوم به الشعب كله وهو يحمل هم الفكرة والدعوة والوطن، فالشعوب المؤمنة بقضيتها لا تهزم ، ودونكم كوبا وفيتنام والصومال وافغانستان ، هذا الشعب الذي قهر ثلاث امبراطوريات (البريطانية والسوفيتية والأمريكية).
والنبع :
أنه لابد من استخراج البترول وتصديره وتوفير الطاقة للمشاريع المختلفة ، وحتى لا يستخدم سلاح الطاقة لوأد المشروع الإسلامي الوليد.
والزرع :
لابد من الاكتفاء الذاتي من القمح والمنتجات الزراعية المختلفة بل والتصدير.
لذا فالدفاع الشعبي كان فكرة متكاملة للدفاع عن البلد واستنهاض الهمم وترقية الأداء وليس(مجرد ميليشيات) كما يدعي قصيروا النظر الواقعون تحت ضغط الهيمنة العالمية.
وكان طلاب الجامعات هم رأس الرمح في عمليات الدفاع الشعبي. فكانت دورات (أسامة بن زيد وعزة السودان وغيرها).
وتطورت مؤسسة الدفاع الشعبي خلال العشر سنوات من عمر الانقاذ في الجانب الإداري والتدريبي والقتالي والمجتمعي ، ولكن في السنة العاشرة حدث تطور مهم ، وتم عقد اجتماع طارئ يضم منسقية الدفاع الشعبي وقطاع الطلاب ، فماذا حدث في هذا الاجتماع ؟ وما هي أهم قراراته ؟ نواصل…….

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...