عودة الصين للسودان من البوابة العربية
د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
معلوم أن الصين من الدول التي استثمرت في السودان بحجم كبير في وقت كان السودان يعاني فيه من المقاطعة الأمريكية والغربية القاسية.
ضخت الصين خلال العشرية الأولى من هذا القرن استثمارات تقدر بحوالي ٨ مليار دولار تركزت في قطاع البترول بصورة أساسية ونجم عنها وصول إنتاج السودان من النفط الخام حوالي ٤٥٠ ألف برميل يومياً قبل الانفصال. وهذا ما أدى لاستقرار اقتصادي كبير في السودان خلال العشرية الأولى من هذا القرن، وتم رصد فائض في الميزان التجاري في بعض تلك السنوات.
كان البترول من السودان يغطي حوالي ٧% من احتياجات الصين من البترول، لهذا استمرت الصين في تمويل المنشآت النفطية والمصافي وخطوط الأنابيب، من خلال القروض الميسرة، وكانت تسترد قروضها عن طريق شحنات النفط الخام.
بعد انفصال جنوب السودان، وانخفاض إنتاج السودان من البترول لأقل من ١٠٠ ألف برميل يومياً عجز السودان عن السداد العيني وتراكمت المديونية على السودان فتوقفت القروض والاستثمارات الصينية.
الظروف الدولية الجديدة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقع حدوث نقص في إمدادات الغذاء على مستوى العالم، تمنح فرصة جيدة لعودة قوية للعلاقات الاقتصادية السودانية الصينية خصوصاً في المجال الزراعي ومجال الثروة الحيوانية وقطاعات البنى التحتية في الموانئ والطرق والسكة الحديد في إطار استراتيجية الحزام والطريق الصينية.
وعلى ضوء انعقاد القمة العربية الصينية في الرياض خلال شهر ديسمبر المقبل يمكن أن تتم شراكات ذكية ما بين الدول والصناديق العربية مع الصين للاستثمار بأحجام ضخمة للغاية في الأراضي الزراعية السودانية لتحقيق الأمن الغذائي العربي، والأمن الغذائي الصيني، مع تحقيق فوائد ملموسة للاقتصاد السوداني، ترتفع بقيمة ناتجه المحلي الإجمالي، وبنصيب الفرد منه.
إن الاستثمارات والقروض الصينية في هذه الفترة، بضمانات عربية، تعتبر بديلاً مناسباً في ظل إيقاف البنك الدولي والدول المانحة لقروضها واستثماراتها بعد قرارات القائد العام في أكتوبر ٢٠٢١، حيث كان من المتوقع ضخ حوالي ٢.٧ مليار دولار لقطاعات الكهرباء والري والصحة والتعليم وبرنامج ثمرات لإعانة الأسر السودانية. الآن يمكن أن تغطي الاستثمارات والقروض الصينية الميسرة، بضمانات عربية، من خلال شراكات ذكية، جانباً من هذه الاحتياجات.
علينا في السودان إعادة تصميم مشروعاتنا لتواكب المستجدات الدولية والإقليمية والمحلية، ومتطلبات الشراكة العربية الصينية الجديدة. والله الموفق.