(الحميات) بشمال كردفان.. (القاتل الصامت)
الأبيض: مصعب عبدالله
ارتفعت وتيرة الحميات بولاية شمال كردفان بصورة مخيفة خلال الايام الماضية، وشهدت المستشفيات والعيادات، ازدحاماً كثيفاً من المرضى، وأصبح على رأس كل ساعة يشيع أحدهم الى مثواه الأخير الى المقابر بسبب تلك الحمى، أو تسمع شخصاً يحكي عبر الهاتف لشخص آخر بأن (فلان) داهمته حمى مميتة، وهو الآن يتلقى علاج الملاريا دون جدوى.
لحظة كتابة هذا التقرير هناك المئات يلزمون السرير الأبيض، في المستشفيات المختلفة بمدينة الأبيض خاصة وولاية شمال كردفان عامة، وفي كل منزل تجد العديد من الأشخاص يعانون من الحمى والملاريا. وما زاد تفاقمها هو ضعف البنى التحتية في الولاية، وإيقاعها البطئ، وعدم توعية المجتمع، كل ذلك أدى لتفشي الوباء بهذه الطريقة السريعة.
معرفة المرض
تضارب كبير في الأسبوع الماضي أصاب الجهات المسؤولة في تشخيص المرض، تارة ملاريا وتارة تايفويد، وأحياناً لا يظهر في التشخيص، أدى ذلك الى أن أخذت عينة عبر الوزارة الى معمل استاك في الخرطوم فتبين المرض أنه حمى الضنك، بذلك أعلنت الوزارة في اجتماعها الأخير أن حمى الضنك والملاريا منتشرة في الأبيض، بعد أن أنهكت أجساد المواطنين وقتلت بعضهم.
خطة الوزارة
للأسف ليس لدى الوزارة خطة واضحة المعالم لمكافحة المرض حتى هذه اللحظة ولم تعلن الوزارة خطتها وصرحت فقط بأن 163 مليون جنيه هي ميزانية لخطتها لمكافحة الحمى النزفية. وهم الآن يقومون بتنظيم حملات للرش في الولاية، أيضاً هناك نقص كبير في التوعية بالمرض على كافة الأجهزة الإعلامية، ومعروف أن حمى الضنك تسببها بعوضة تشنط نهاراً.
عنابر عزل
يقول دكتور عامر آدم مدير مكافحة الأمراض خلال اجتماع وزارة الصحة ومنظمات العمل الطوعي لتدارك هذا الوباء وعن جاهزيتهم لمكافحته: الولاية تعمل الآن على مكافحة المرض، وأيضاً نقوم بتجهيز حملات الرش للولاية وفق الإمكانيات المتاحة! وأضاف: الآن نعمل لتجهيز عنابر عزل في المستشفيات.
غياب الجهات المسؤولية
ويضيف الأستاذ محمد جمعة لـ”اليوم التالي”، أن صحة البيئة في المحلية تكاد تكون معدومة، سمعنا من الجهات الرسمية بأن هناك حملات للرش من بداية الخريف الى أن انتهى ولم تظهر تلك الحملة، مضيفاً: على المحلية أن تفي بما وعدت به المواطنين، وأيضاً أن تهتم بصحة البيئة في الولاية من رش وردم للبرك التي يسببها البعوض، وأضاف: البعوض الآن موجود بصورة كبيرة في الأبيض، وغياب تام للجهات المسؤولة وعلى الولاية العمل على القضاء على هذا المرض.
شكاوى المواطنين
وشكا عدد من المواطنين لـ”اليوم التالي” الدور الباهت الذي لعبته حكومة الولاية ممثلة في وزارة الصحة والمحلية، وأضافوا أن دورها سلبي مع غرف الطوارئ، مما ساعد في تفشي المرض ذلك بعدم ردمها للبرك وتركها لصحة المواطن، حتى أصبح هناك انتشار مجتمعي للمرض والعدوى كل يوم في زيادة.
منظمات المجتمع المدني
تقول د. مشاعر محمد علي مدير إدارة المنظمات بشمال كردفان: نعول على منظمات المجتمع المدني كافة، والذي أصاب المواطنين هو حمى الضنك، وكل الحالات يتم تشخصيها الآن على أنها ملاريا، كما تتم متابعة الحالات في مراكز التقصي التي تبلغ 137 مركزاً، والآن تم إعداد خطة ربع سنوية لاحتواء ومكافحة المرض، واهتمامنا الآن هو كسر حلقة نقل المرض ومكافحة الناقل. ونتمنى أن نتحكم في المرض ومكافحته مع الجهات المسؤولة.
الوضع مؤسف
يضيف الإعلامي عبداللطيف أحمد لـ”اليوم التالي”: الشاهد في الأمر أن هنالك انهيار تام في المنظومة الصحية بكافة قطاعاتها التي تكمل بعضها بعضاً من حيث المهام والتخصصات، لذا لم يكن غريباً ما نحن فيه الآن، فالوزارة والمحليات لم تعطِ أمر المكافحة لجميع النواقل جهداً ومالاً أو زمناً، فلا خطة للخريف لهذا العام، بجانب سلسلة إضرابات العاملين بالدولة مما انعكس سلباً على العملية الصحية في كافة أركانها، كما أن قلة الصرف المالي على الصحة تسبب في انهيار البنى التحتية وتراجع كبير في بيئة العمل والآن المطلوب خطة إسعافية عاجلة بصورة علمية ومنهجية بعيدة عن الانفعال والعواطف تتمثل في توفير الأدوية وتفعيل عمل حملات الرش وإزالة النفايات وكنس آثار الخريف مع الاهتمام بأمر التوعيه والتثقيف الصحي مع ضرورة الحراك المجتمعي وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وتشبيك عمل المنظمات الدولية والأهم من كل هذا وذاك أن يرتفع إيقاع وزارة الصحة والمحليات لأن أساس المكافحة المواقيت، ونسأل الله الصحة والعافية للجميع.
نقل المرض
وأوضحت دكتورة إيمان مالك مدير عام وزارة الصحة بالإنابة في الاجتماع المشترك الذي ضم وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية ومدير عام وزارة المالية والتنمية الاقتصادية بالأمس، أن الوزارة وضعت خطة محكمة للقضاء على وباء حمى الضنك والإسراع بالتدخل الفوري بالتوعية الصحية المكثفة للمواطنين وتكثيف حملات الرش، وأضافت أن نشاط الباعوض الناقل للأمراض صباحي وعلى المواطنين لبس ملابس بأكمام طويلة وألوان فاتحة، ورش المنازل يومياً بالمبيد (البف باف)، وتغطية أواني حفظ الماء جيداً، وتجفيف أحواض الزهور والمكيفات من المياه.
توعية المجتمع
أما الإعلامية مروة حبيب الله التي تعمل في تلفزيون وإذاعة شمال كردفان قالت إن الإعلام لم يتحدث عن المرض، وهناك دور كبير يلعبه الإعلام في توعية المجتمع، في بدء التشخيص وأكدت أنها تأخذ علاج التايفويد والحال كما هو، وهناك أقوال عن حملات للرش لكل أنحاء مدينة الأبيض، ولكن حتى الآن لم تأتِ طائرة للرش، ومعظم هذه الحملات لا تغطي كل المدينة والآن أغلب الأسر في الحي الذي أسكن فيه أصابتهم الحمى.
حمى الضنك
ولمعرفة أكثر عن المرض يضيف الدكتور محمد عادل أن المرض انتشر بصورة مخيفة وكبيرة في ولاية شمال كردفان، وبعض المواطنين يستخدمون أدوية الملاريا بدون استجابة غير مدركين أنها حمى الضنك، وهي عبارة عن مرض فيروسي ينقله الباعوض من شخص لآخر وسنوياً يصيب 50 مليون شخص حول العالم خاصة في المناطق الاستوائية لارتباطها بموسم الأمطار، وأعراضها تظهر ما بين اليوم الثالث الى 14 يوما من عضة الباعوضة الحامله للفيروس ويستمر من يومين الى 7 أيام ثم تبدأ في الاختفاء وبعض الحالات تصل الى 10 أيام.
حكومة الولاية
الأستاذ حسن موسى عيسى الأمين العام لحكومة الولاية وجه بضرورة تفعيل غرف الطوارئ الصحية بالمحليات المختلفة وتفعيل دور المنظمات المجتمعية وتحريك كوادر المتطوعين من توفير المبيدات والناموسيات للقضاء على المرض.