السكر المحلي والمستورد.. الازدواج الضريبي

 

في بلاد تعج وتضج.. بمصانع السكر و تحظى كذلك بأراضٍ زراعية على مد البصر من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، على اعتبار أنه سلعة تمثل مصدر غذاء أساسي، إلا أنها تعاني من ضعف في الإنتاج والإنتاجية منذ بضع سنوات، فبرز استيراد السكر بصورة أساسية وعلى مدار العام، وكأنما تقبع تلك المصانع صورية أكثر من كونها تعمل من أجل تحقيق احتياجات البلاد من السكر، وشهد الأسبوع المنصرم – أثناء الاجتماع المشترك للقطاعات الوزارية برئاسة وزير مجلس الوزراء المكلف، عثمان حسين – السمات العامة وموجهات موازنة العام المالي 2023 قدمها وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عبدالله إبراهيم، ومن ضمن إطارها وافق الاجتماع على إلغاء الإعفاء على القيمة المضافة على السكر المستورد، فالمهتمون من الخبراء الاقتصاديين، يرون أنه من الأجدر معرفة أسباب استيراد السودان لسلعة السكر في ظل امتلاكه للعديد من المصانع، وشدد البعض على الحكومة أن توجه مواردها لإصلاح قطاع السكر المحلي، خاصة بعد تدني إنتاجية مصانع السكر الحكومية الأربعة خلال ثلاث سنوات؛ إلى ما هو دون 15% مقارنة بإنتاجها في السابق، والبعض يتساءل لماذا الاستيراد في ظل وجود المصانع السودانية، و لماذا لا تحتكر الدولة هذه السلعة نسبة لأهميتها لدى المواطن..؟
سكر الجنيد
كشف عضو مهن الإنتاج الزراعي بمشروع سكر الجنيد، صديق حسب الله، عن وجود مشكلات تواجه زراعة قصب السكر منذ الموسم السابق والحالي، وأشار إلى عدم توفر مياه الري نسبة للأعطاب التي لحقت بطلمبات مؤسسة الجنيد؛ مما أدى ذلك إلى قلة نمو القصب وإتلافه، وأكد في تصريح ل(اليوم التالي) أن المشكلة الأبرز متمثلة في عدم إيفاء مؤسسة الجنيد باستحقاقات المنتجين التي قال إنها تبلغ 99 مليار جنيه، وقال بأسى (زول يشتكوا ليهو ماف)، ومضى قائلاً : وزير الصناعة حضر إلى المشروع ولم يفعل شيئاً، بل يصرح بالوعود الواهية على حد قوله، وطالب صديق بضرورة تذليل العقبات التي تواجه ري المشروع، داعياً إلى تأهيل القنوات التي تقف مانعاً لوصول المياه إلى المساحات الزراعية، في الوقت ذاته اسبتعد بأن تكون لمؤسسة سكر الجنيد أي مقدرة على تأهيل المشروع، ونوه إلى قلة إنتاج السكر، كاشفاً عن شروع المؤسسة في بيع قصب السكر إلى أصحاب المواشي، وبحسب حديثه فإن دفار القصب يباع بما لا يقل عن ال25 ألف جنيه، وتوقع أن يؤثر ذلك على المزيد من ضعف إنتاجية السكر بالمؤسسة.
إبعاد الطفيليين
الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي وعضو وحدة ثورة ديسمبر، مالك عابدين، يعتقد أن قضية السكر بسيطة نسبة لوجود أكثر من 6 مصانع ولا تحتاج كل هذا الضجيج، وأضاف سيلاً ًمن التساؤلات.. لماذا الاستيراد في ظل وجود المصانع السودانية، و لماذا لاتحتكر الدولة هذه السلعة، ولماذا تفرض من الأساس قيمة إضافية على سلعة مهمة مثل سلعة السكر..؟ الذي قال يعتمد عليها المواطن، وبالتالي تعتبر مصدر غذاء أساسي له، مناشداً الدولة (كفاية جبايات على المواطن)، مشدداً على ضرورة إبعاد التجار والطفيليين من قوت هذا الشعب.
ازدواج ضريبي
فيما يرى الخبير الاقتصادي د. عوض الله موسى، أن الهدف من القرار تحريك سعر السكر أي سكر القطاع الصناعي المحلي، قائلاً حتى لا يحدث ازدواج ضريبي، وأضاف : أصلاً بعد الدخول فى صناعة أي سلعة بتوضع قيمة مضافة على السلعة حتى إذا كانت للاستهلاك المحلي، وذلك للحفاظ على أسعار المنتج.
أسباب الاستيراد
ويفيد الباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي: بأن قرار منح إعفاء في القيمة المضافة على السكر المستورد كانت له أسباب في الوقت السابق، وقال فكان من الأجدر معرفة أسباب استيراد السودان لسلعة السكر في ظل امتلاكه لخمسة مصانع (كنانة، سنار ، الجنيد ،حلفا، النيل الأبيض) هذا بجانب أراضٍ صالحة لزراعة قصب السكر، وتابع: استيراد السكر يعتبر أحد أهم أسباب ارتفاع سعر العملة الأجنبية، حيث أنه سلعة عالية الاستهلاك في السودان وبها منافسة عالية بين المصنعين، خاصة أن أسعارها تخضع لأسعار البورصة العالمية، في السياق دعا الحكومة الانتقالية إلى دراسة أسباب تدهور صناعة السكر محلياً بجانب معالجة مشاكل الإنتاج و الإنتاجية، وقال د. هيثم ل(اليوم التالي) هناك تدهور ملفت للنظر في إنتاج السكر منذ خمس سنوات، وناتج ذلك، بحسب تقديراته، عن سوء الإدارة لهذا القطاع الأهم في البلاد، وقطع بأن القرار يدعم مصالح صناعة السكر الوطنية، مشيراً إلى أن هذه المصانع لا تستطيع المنافسة في ظل إعفاء المستورد من القيمة المضافة.
قطاع السكر
بينما وصف الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان محجوب، قرار مجلس الوزراء الانتقالي بإلغاء إعفاء ضريبة القيمة المضافة على السكر المستورد؛ بالقرار السليم من حيث الجوهر، وأوضح لأن الحكومة تفرض ضريبة قيمة مضافة على السكر المنتج محلياً، وبالتالي ليس من العدل إعفاء السكر المستورد من ضريبة القيمة المضافة طالما أنها مفروضة على السكر المنتج محلياً، وشدد د. الفاتح عبر تصريح ل(اليوم التالي) على الحكومة توجيه مواردها لإصلاح قطاع السكر المحلي، لافتاً إلى أن مصانع السكر الحكومية الأربعة تدنى إنتاجها خلال ثلاث سنوات إلى ما هو دون 15% من إنتاجها في السابق، وأكد أنه توجد الآن حاجة ملحة لتمويل إعادة تأهيل مصانع السكر الحكومية الأربعة، إضافة لمصنع النيل الأبيض الذي يحتاج لإعادة النظر فيه بشكل كامل، ويعتقد أنه سيؤدي القرار الحكومي بإلغاء إعفاء ضريبة القيمة المضافة على السكر المستورد لزيادة السعر بنحو ثلاثة آلاف جنيه للجوال، ويعتبر أنها قد تكون زيادة طفيفة إذا استقرت مستويات التضخم في ما دون 100%.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...