بعد رفض واسع للتسوية… ما هو السيناريو القادم؟

 

محلل سياسي: الانقلاب العسكري من السناريوهات المتوقعة

خبير عسكري: لا أستبعد حدوث انقلاب لقطع طريق العملية السياسية

استراتيجي: الانقلاب لن يكون حلاً ويؤدي إلى أزمة أكثر تعقيداً

 

بعد إعلان قوى سياسية واسعة رفضها العملية السياسية الجارية، لم يستبعد متحدثون لـ(اليوم التالي) سيناريو حدوث انقلاب عسكري لقطع الطريق أمام العملية السياسية الجارية، وقالوا إن حظوظه بالفوز والنجاح ضئيلة، وأنه ويقود البلاد إلى حالة تشظٍ وعنف، في ظل وجود أكثر من جيش، بجانب وجود مجموعات معارضة لمبدأ قيام انتخابات حرة نزيهة وقيادة البلاد الى الدولة المدنية مؤكدين أن الانقلاب العسكري لن يكون حلاً للأزمة، إنما قد يعقدها ويمكن أن يؤدي إلى أزمة أكثر تعقيداً من الموجودة الآن.

 

استقطاب سياسي:

لم يستبعد الخبير في الشؤون العسكرية عمر أرباب في حديثه لـ(اليوم التالي) حدوث انقلاب في الوقت الراهن في ظل حالة الاستقطاب السياسي الماثل، لقطع الطريق أمام العملية السياسية الماثلة والمشهد السياسي الذي يتشكل

وقال إن حظوظه بالفوز والنجاح ضئيلة، وإنه ويقود البلاد إلى حالة تشظٍ وعنف، في ظل وجود أكثر من جيش، علاوة على أنه ليس عملية عسكرية مجردة، إنما عملية سياسية متكاملة يحتاج إلى حاضنة سياسية وقبول شعبي ومجتمعي ودولي، وأن هذه القضايا تعتبر مشكلة في طريق أي عملية سياسية.

ويرى أن المجموعات التي تقوم بالانقلاب مغامرون لا يفكرون في كل أبعاد العملية السياسية.

ووفق أرباب أن مرحلة الانقلابات الناجحة التي تستطيع أن تؤسس لنظام سياسي أصبحت غير واردة في ظل التغييرات التي أحدثتها ثورة ديسمبر

إطاحة بالتسوية:

ويقول الخبير الاستراتيجي الفاتح عثمان في إفادة لـ(اليوم التالي)، إن التسوية السياسية المقترحة قد ترجع الحرية والتغيير المجلس المركزي إلى السلطة التنفيذية كاملة دون شراكة مع العسكريين في مجلس السيادة، وأنه في حال استمر سلوك المجلس المركزي بذات الوتيرة السابقة في التعالي على العسكريين، فلن يستطيع البرهان منع حدوث انقلابات عسكرية تطيح بأي اتفاق تسوية سياسية، وعليه لمنع حدوث أي انقلابات توجد حاجة ماسة لسياسات حكيمة تجاه القوات المسلحة تشمل تحسين المرتبات وإيقاف الهجوم الإعلامي المكثف ضد منسوبي القوات المسلحة ورموزها العسكرية والتوقف عن التعامل معهم كأنهم جزء من النظام السابق.

وأشار إلى الفترة التي سبقت إجراءات الفريق أول عبدالفتاح البرهان العسكرية التي أطاح بها بشركائه في قحت المجلس المركزي والتي قد شهدت تململاً واسعاً وسط القوات المسلحة، ووصل ذروته بانقلاب الفريق أول الحسين، ثم اللواء بكراوي وقيل وقتها إن تحرك البرهان جاء لقطع الطريق على مجموعة من الانقلابات العسكرية التي ترفض إهانة القوات المسلحة أو الحط من قيمة منسوبيها.

 

انقلاب دموي:

يقول العميد ركن متقاعد د. خالد محمد عبيد الله، لـ(اليوم التالي) إن الانقلابات العسكرية وتاريخها في السودان يدبرها السياسيون وينفذها المغامرون من ضباط الجيش، وأحياناً من ضباط غير منتمين أيديولوجياً للمجموعة التي مهدت للانقلاب، وبعد حدوث الانقلاب تتم معرفة من ورائه.

وبحسب خالد أنه في حال حدث انقلاب سيكون دموياً وذلك لوجود قيادات عسكرية لديها خبرة، بجانب وجود قوات موازية كالدعم السريع، والحركات المسلحة، (نكون أو لا نكون)، وأن من يختار الانقلاب يريد حلاً سهلاً لمشكلات السودان.

ويرى أن الحلول القادمة صعبة وغير مقبولة للذهنية التقليدية للقيادات السياسية السودانية.

وتوقع إمكانية حل الأزمة عبر الانقلاب لأنه أقرب للانقلاب منه التحول الديمقراطي بنظام رئاسي بمن هم في المشهد من العسكريين، لبقاء المؤسسة العسكرية في رأس الدولة.

 

سيناريو متوقع

ولم تذهب بعيداً المحلل السياسي د. ابتهال بابكر، وتقول لـ(اليوم التالي): في ظل وجود مجموعات تمتلك السلاح والقوة إن سيناريو الانقلاب العسكري من السناريوهات المتوقعة في المرحلة القادمة، وذلك لتقلب الوضع السياسي في السودان وسعي العديد من الجهات الحصول والاستحواذ على السلطة السياسية، وخاصة في ظل مجموعات معارضة لمبدأ قيام انتخابات حرة نزيهة ومن ثم قيادة البلاد إلى الدولة المدنية، وترى أن من يقوم بالانقلاب مجموعة من داخل القوات المسلحة السودانية على المجموعات الديمقراطية.

تعقيد أزمة

غير أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي يقول إن توقع حدوث انقلاب عسكري في السودان يقرأ في سياق تعقد الأزمة السياسية وحالة انسداد الأفق السياسي التي تمر بها البلاد.

وقال مصعب لـ(اليوم التالي): في حال حدث انقلاب أتوقع أن يكون من أطراف ترفض التسوية السياسية أو لقطع الطريق إذا لم تكن تسوية شاملة.

واستدرك: رغم ذلك فإن الانقلاب العسكري لن يكون حلاً للأزمة، إنما قد يعقدها ويمكن أن يؤدي إلى أزمة أكثر تعقيداً من الموجودة الآن، وفق حديثه.

انقلاب آخر

قال مركز استخباراتي أميركي إنه لا يستبعد حدوث انقلاب آخر، في السودان، ونوه إلى أنه لا توجد ضمانات لجهة الانقسام الداخلي والمنافسة داخل المؤسسة الأمنية – لا سيما بين أفراد الجيش وقوات الدعم السريع – ما يشكل تهديداً لانتخابات حرة ونزيهة في عام 2024.

وحذر مركز الاستخباراتي الأميركي في تقرير من رفض لجان المقاومة تقديم تنازلات للعسكر مع احتمال استمرار الاضطرابات ووصولها إلى مستوى معين من العنف، ينذر بتقويض نقل السلطة إلى المدنيين.

وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأميركي المعروف اختصاراً باسم “ستراتفور” في تقرير إن المكونين المدني والعسكري في السودان يقتربان من التوصل إلى اتفاق على مشروع لدستور البلاد.

لكن التقرير الذي أضاف مستدركاً أن لجان المقاومة المدنية السودانية ترفض تقديم تنازلات للجيش، ما قد يعني استمرار الإضرابات العنيفة والتقلبات السياسية حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق.

وأشار تقرير المركز الاستخباراتي الأميركي إلى أن البرهان كان قد أعلن في يوليو الماضي تحت ضغط دولي متزايد لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الأمنية، أن الجيش سيتنازل عن السلطة إذا توصلت الجماعات السياسية المدنية ولجان المقاومة إلى اتفاق بشأن حكومة تكنوقراط جديدة، لكن التقدم في هذا الاتجاه ظل متقطعاً، في حين لا يزال الجيش يحتفظ بالسيطرة على الحكومة.

وبحسب مركز ستراتفور يبدو أن الأطراف المعنية تعمل على مسودة الدستور المقدمة من نقابة المحامين السودانيين، والتي من شأنها أن تشكل حكومة جديدة بمشاركة الحركات المسلحة وقوى الحرية والتغيير وأحزاب سياسية أخرى وجماعات احتجاجية منفصلة.

وبموجب هذا الترتيب، سيخضع جهاز أمن الدولة لإصلاحات، وسيقوم مجلس مدني على الفور بتعيين رئيس وزراء مدني يقود البلاد إلى انتخابات عام 2024 ويرأس مجلس دفاع الأمن في نهاية المطاف.

وسيحصل الجيش على بعض الضمانات للعمل باستقلالية، والتحرر من الملاحقة القانونية على الجرائم التي ارتكبت خلال العام الماضي وأثناء ثورة 2019.

وتشترط المسودة على الجيش أيضاً استيعاب قوات الدعم السريع، وفقاً لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ يوم 17 أكتوبر الحالي.

ويرجح مركز ستراتفور في تقريره أن يؤدي التوصل إلى اتفاق على هذا المنوال إلى إلغاء تجميد مليارات الدولارات من المساعدات الغربية والاستثمارات الأجنبية في المشاريع الزراعية والبنية التحتية التي تم تعليقها عندما استولى البرهان على الحكومة في عام 2021، ما يعطي دفعة كبيرة للاقتصاد السوداني المتعثر ويخفف من أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وحذر التقرير من أن رفض لجان المقاومة تقديم تنازلات للعسكر مع احتمال استمرار الاضطرابات ووصولها إلى مستوى معين من العنف، ينذر بتقويض نقل السلطة إلى المدنيين.

وورد في التقرير أيضاً أنه من غير المرجح أن يتنازل البرهان وحميدتي وأعضاء آخرون في المؤسسة الأمنية عن السلطة دون تأكيدات على أن الحكومة المدنية الجديدة لن تحاول مقاضاتهم على جرائم مزعومة ارتُكبت في عهد الرئيس المعزول عمر البشير وعلى مدى حكم المجلس العسكري.

ولا يستبعد المركز الاستخباراتي الأميركي حدوث انقلاب آخر، قائلاً إن ذلك ليس مضموناً، وأضاف أن الانقسام الداخلي والمنافسة داخل المؤسسة الأمنية – لا سيما بين أفراد الجيش وقوات الدعم السريع – من شأنهما أن يشكلا تهديداً لانتخابات حرة ونزيهة في عام 2024.

وفي الوقت الذي تسعى فيه لجان المقاومة إلى إبعاد الجيش عن السياسة، تبدو الأطراف السياسية على استعداد لدعم شكل من أشكال تقاسم السلطة، مما يضعف موقف تلك اللجان.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...