عودة المواكب للشارع .. هل تغير المشهد السياسي؟
بعد مواكب تيار أهل السودان ومشاركة تيارات إسلامية محسوبة على حزب المؤتمر الوطني التي كانت ترفع شعارات ضد التسوية التي راجت خلال الأيام الماضية ما بين العسكريين والحرية والتغيير المجلس المركزي، وضد التدخلات الأجنبية، يبدو أن هذه المواكب التي شهدتها العاصمة السودانية الخرطوم سيكون لها ما بعدها ربما يعيد تشكيل المشهد السياسي السوداني ويزيد من تعقيدات المشهد، وبحسب مراقبين أصبحت موازين الشارع واحدة والشارع ليس لفئة معينة وإنما للجميع، وربما هذه المواكب أوضحت بشكل جلي أن التسوية ذاهبة الى طي النسيان ولا مكان لها بعد الآن في إطار الحل اللهم الا إذا كانت تسوية شاملة تجمع كل الكتل والتحالفات السودانية.. ما عدا ذلك ستكون المعادلة صفرية، كما أرسلت المواكب الأخيرة لنداء السودان رسائل الى الخارج بتوقف التدخلات الخارجية في الشأن السوداني وبالأخص رئيس البعثة الأممية فولكر، كما حملت الحشود رسائل الى بعض السفراء بالخرطوم بالكف عن التجاوزات للأعراف الدبلماسية والرسالة الأخيرة كانت فحواها للمكون العسكري بأن يقف على مسافة واحدة من أطراف العملية السياسية وعدم التفاوض مع أي طرف مدني على حده وأن يتعامل مع جميع الكيانات السودانية.. هذه المواكب الكبيرة بقيادة أهل السودان كل المؤشرات تدل على أن هنالك متغيرات وتحولات جديدة ستتشكل في غضون الأيام القادمة.
أحمد عابدين: المواكب تشكل جديد في السياسة السودانية
يقول الباحث والمحلل السياسي أحمد عابدين لـ(اليوم التالي) إن الموكب الأخيرة نستطيع أن نقول إن هنالك مرحلة سباق مواكب ومارثون طويل سيقوده السودانيون للتنافس على نيل ود ومباركة المؤسسة العسكرية والتي نجحت حتى الآن في رسم المشهد المؤكد على أن القوى المدنية السودانية ليست على قدر المسؤولية ولا يهمها الوطن بقدر مكاسبها، وتابع: إن الخاسر الأكبر هي قوى الحرية والتغيير، فإما أن تقنع العسكر برؤيتها الإقصائية، وبالتالي تركب في سفينتهم وتتحمل النتائج لوحدها وإما تتراجع وتقبل بالتسوية الشاملة بلا شروط أو تواصل عنادها وتدخل البلاد في حرب أهلية وذلك برعايتها للخطة (الفولكرية) بتحويل قوات الدعم السريع كما قوات سوريا الديمقراطية كجناح عسكري لقوى مدنية معارضة وستتحمل نتائجه الخطيرة أيضاً، وزاد: بعد ما حدث من مسيرات فإن المعسكر الإسلامي وحلفاءه لن يتراجعوا ولن تجدي معهم نفعاً أي محاولة للكبت أو وصم بفزاعة الإرهاب لتسويق ذلك لداعمي تفكيك الدولة السودانية بالإضافة إلى أن معظم ضباط القوات المسلحة منحازون لفكرة مقاومة الاستسلام للضغوط الخارجية وحتى البرهان وحميدتي يعرفون ومتأكدين من بوار هذه السلعة، ولكنهم دخلوا في وحل التسويات مع مجموعات متناقضة متشاكسة بلا رؤية وطنية، وإنما شلليات وحد بينهم العداء للإسلاميين، بل ليس لديهم أي (قشة مرة) في سبيل السلطة، وأردف: هنالك طرف آخر كسبان هذا الصراع وهو معسكر الحزب الشيوعي والذي ظل يشعل النار تحت أقدام صنيعته السابقة وفي ذات الوقت يشجع اللعبة الحلوة ويسعى دائماً أن تنتهي المباراة بالتعادل لتحقيق غرض إرهاق الكل واستنزافهم لتحقيق الحل الجذري والكنس الكلي، ومضى بالقول: لا حل إلا بتنازل الكل عن الطمع والعمل على مساعدة جهود إنهاء الفترة الانتقالية بلا ضرر أو ضرار، كل ما سبق هو نتاج لمتغيرات المشهد السياسي السوداني هذا وما حصل يثبت أن هنالك تشكل جديد في السودان.
محجوب عثمان: مسيرة أهل السودان أثبتت أن هنالك قوى لا يستهان بها خارج قحت
وأكد الخبير والمحلل السياسي محجوب عثمان في حديثه لـ(اليوم التالي) أن المشهد السياسي يعاني من توتر بسبب وجود عدة تجمعات سياسية بينها عداء شديد مع رغبة بعضها في الحكم منفرداً في الفترة الانتقالية لفرض وجهة نظره في الدستور وقانون الانتخابات وهذه هي أس أزمة السودان في الفترة الانتقالية، وتابع: لقد كانت العادة في الفترات الانتقالية السابقة ابتعاد الأحزاب السياسية والقبول برئيس وزراء من التكنوقراط مهمته تجهيز البلاد للانتخابات وبالتالي مهمة الأحزاب السياسية السودانية الحقيقية التجهيز للانتخابات.
وأكد أن مسيرة أهل السودان أثبتت أن القوى السياسية السودانية خارج قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تعتبر قوة حقيقية لا يمكن الاستهانة بها وأن مراعاتها في أي تسوية سياسية جديدة أمر مهم لاستقرار السودان، وعليه ستسود في السودان موجة من المسيرات والمسيرات المضادة بغرض إثبات وقوف الشعب خلف هذا الفريق أو ذاك وهي تعتبر أداة من أدوات التفاوض بعد إثبات وقوف عدد مقدر من أبناء الشعب خلفهم، وبالتالي ستتأثر المفاوضات والتسويات بهذه المسيرات والمسيرات المضادة ولن تنتهي موجة المسيرات إلا عند التوصل لتسوية تشمل الجميع.
محمد محي الدين: أطراف كثيرة تعارض التسوية الثنائية
وقال المحلل السياسي محمد محي الدين لـ(اليوم التالي) إن المشهد السياسي به تغييرات وكل يوم هو في شأن جديد مستبعداً أن يكون هنالك تغيير دراماتيكي يحصل تحول كامل في المشهد السياسي ومن الصعب أن يتغير كل شي والدخول من جديد، وتابع: المشهد السياسي الآن تحدث فيه تطورات كل مرة كل فريق يحاول إعادة تحسين تموضع وجوده في المشهد السياسي ويستمر في المشهد لفترة قادمة خاصة وأن الشركاء في المشهد كثر وكل تحرك يقابله تحرك من الطرف الآخر، لذلك التغيير الجذري لن يكون حاضراً في المشهد وتساءل محي الدين: عن ماذا سيسفر المشهد ورد قائلاً: الذي سيحدث تتم إعادة تشكيل التصورات حول المشهد السياسي خاصة بما يتصل بالتسوية الثنائية التي أصبح من الصعب تمريرها وأضاف: حسب القراءة هذه التسوية تعارضها أكثر من جهة لجان المقاومة التي تضع شروطها الثلاثة والحزب الشيوعي وبعض لجان المقاومة وتيار أهل السودان إضافة الى الحرية والتغيير التوافق الوطني، وأشار الى أن وجود أطراف تعارض هذه التسوية الثنائية يجعل من الصعب تمريرها وربما سيجعل من يفكرون فيها يعيدون النظر في المشهد وكيفية إدارة هذه العملية منوهاً الى أن من النتائج المتوقعة من مسيرة الرافضين للوجود الأجنبي أنها تعزز ثقة التيار الإسلامي العريض ويواصل حضوره في المشهد السياسي بأكثر من وسيلة وهو يمثل تمريناً لعملية سياسية قادمة تحشيد وتوحيد الجهود إذا تم الإعلان عن انتخابات في أي مرحلة من المراحل وهذا ما سيؤول إليه المشهد بعد 29 أكتوبر.
مصعب محمد: الأزمة ذاهبة في طريق مسدود والجيش ستكون له إجراءات
من ناحيته قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي لـ(اليوم التالي): أعتقد أن المشهد يمكن أن يشهد تغييراً ووصولاً لحل ينهي الأزمة السياسية بالبلاد، وبالتالي فإن الحشود التي تكون من الطرفين يمكن تؤدي إلى انقسام واستقطاب حاد ما لم يتم تدارك ذلك والدخول في عملية حوار سياسي لإكمال الفترة الانتقالية، وتابع: أيضا يمكن القول ومن خلال ملاحظة التصعيد الأخير في المواكب نجد أن الأزمة تتجه لطريق مسدود يمكن أن يذهب بالوضع إلى تغيير جديد وربما يفرض الجيش إجراءات جديدة ويعلن انتخابات خلال عام.