قناة امريكية : الأزمة السياسية تدخل منعطفا جديدا..الجيش في دستور السودان.. مواجهة حاسمة للخروج من النفق المظلم
دخلت الأزمة السياسية في السودان منعطفا جديدا بعد أن أبدى الجيش ملحوظات على مسودة دستور يفترض أن تؤسس لمرحلة انتقالية قبل الذهاب لصناديق الاقتراع، لكن الخروج من النفق المظلم لا يزال أمرا مشكوكا فيه.
وقالت ثلاثة مصادر لوكالة رويترز إن قادة الجيش في السودان قدموا ملحوظات على مسودة الدستور التي اقترحها المدنيون، في إشارة لتخفيف الجمود السياسي المستمر منذ عام.
وأفادت المصادر أن المحادثات، التي بدأت بصورة غير رسمية الشهر الماضي بمشاركة الجيش وائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي تقاسم السلطة مع الجيش قبل الانقلاب، بدأت الآن في التوسع برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى السودان.
ومع ذلك، شكك محللون في إمكانية وصول السودان إلى تسوية سياسية تخرج البلاد من أزمتها عقب أكثر من عام على الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان.
“إرادة الجيش”
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الرشيد محمد، أن “المؤشرات غير جيدة” للتوصل لاتفاق قياسا على التباين في آراء القوى السياسية.
من جهته، يرى المحلل السياسي، شوقي عبدالعظيم، أن حل الأزمة السياسية عبر هذه الوثيقة “مرتبط بإرادة العسكريين”.
وقال لموقع “الحرة” إن “إرادة الجيش هي من تحسم المسألة لعودة المسار الديمقراطي في السودان … المدنيون ساهموا بإعداد الوثيقة والسلطة بيد الجيش الذي لا يزال يراوغ ويبحث عن ضمانات كبيرة لمصالحه ومصالح حلفائه الإقليميين”.
وطلب الجيش ردا على مسودة الدستور، أن يسمح له بتسمية قائده العام، وذلك وفقا لشخص اطلع على الملحوظات، والتي تتضمن أيضا وجهة نظر الجيش بشأن إعادة هيكلة أنشطته الاقتصادية والتخلي عن بعض منها، بحسب رويترز.
ويذهب محمد في اتجاه مختلف بقوله إن الجيش يرد على كل المبادرات والرؤى السياسية من كافة القوى المدنية.
وقال لموقع “الحرة” إن “أبرز ملحوظات الجيش على المسودة – استغلالية الجيش في الفترة الانتقالية، بمعنى ألا يخضع الجيش لأي مؤسسة إلا بعد الانتخابات”.
يوضح قائلا إن “هذا ينبع من الهواجس والاتهامات التي أثارها المدنيون تجاه الجيش، خاصة إعادة هيكلة الجيش التي هي قضية فنية وصارت مساومة سياسية”.
لكن عبدالعظيم يرى أن قادة الجيش يطلب يطلبون البقاء في السلطة بمسميات جديدة طوال الفترة الانتقالية، بما في ذلك البرهان ومحمد حمدان دقلو، وفق قوله.
وقال مصدران من قوى الحرية والتغيير إنه جرى التوصل لتفاهم مع الائتلاف لعدم ملاحقة كبار ضباط الجيش قضائيا لكنهما أضافا أن المشاورات ستستمر على نطاق أوسع بشأن موضوعات الحصانة والعدالة الانتقالية. ولم ترد قوى الحرية والتغيير حتى الآن على طلب التعقيب.
وسيطر الجيش على السلطة في السودان يوم 25 أكتوبر 2021، مما عطل الانتقال صوب إجراء انتخابات ديمقراطية عقب الإطاحة بنظام، عمر البشير، في انتفاضة شعبية عام 2019.
وقبل أسبوعين بالتزامن مع الذكرى الأولى للانقلاب، خرجت احتجاجات شارك فيها آلاف المتظاهرين في شوارع مدن سودانية عدة للمطالبة بحكومة مدنية قادرة على إخراج البلاد من المأزق السياسي والأزمات العديدة التي تعاني منها الخرطوم.
التباين “مؤشر” سلبي
ومن شأن التوصل لاتفاق جديد أن يقود إلى استئناف الإصلاحات ويجتذب تمويلا أجنبيا تشتد الحاجة إليه. لكن آراء القوى السياسية اختلفت حول مسودة الدستور التي يمكن أن تنقذ السودان من الأزمة السياسية وتساعد على إعادة دعم المجتمع الدولي للخرطوم.
يشير عبدالعظيم إلى أن الأحزاب السياسية انشطرت إلى قسمين فيما يتعلق بهذه الوثيقة: من يؤيد انقلاب 25 أكتوبر يرفض هذه المسودة؛ لأنها تعيد المسار الديمقراطي وشراكة ائتلاف الحرية والتغيير مع الجيش، ومن يرفض الانقلاب، وهم القوى المؤثرة في الشارع، يؤيدون الوثيقة.
وفيما يقول الرشيد محمد إن التباين في الآراء “مؤشر” لعدم إمكانية إيجاد فرص للتسوية، يعتقد عبدالعظيم أن الجيش يستطيع أن يقنع القوى الرافضة لمسودة الدستور بالموافقة عليها.
ويرى عبدالعظيم أن المجتمع الدولي مطالب بممارسة “ضغوطات جادة وحقيقية لإرغام الجيش بقبول الوثيقة وإقناع بقية القوى الرافضة … قبول المكون العسكري يؤدي لانفراجة الأمر بشكل كبير”.
وحذر محمد من أن “تمرير أجندة” غير توافقية بالنسبة للجميع، قد يعود بالسودان للمربع الأول.
وقال: “من الضرورة أن يكون هناك رؤية مشتركة حول كيفية إدارة الفترة الانتقالية بزمن قصير” للوصول في نهاية المطاف إلى الانتخابات.