تقرير: بين الإلغاء والتعديل.. إتفاق سلام جوبا هل من طريق ثالث؟

مصطفى تمبور: (السلام باقٍ شاءت أحزاب الخرطوم أم أبت)

 

في ظل تعثر حلول الأزمة السياسية السودانية المستفحلة مع كل تعقيداتها وطول أمدها، بدأت تطفو في الآونة الأخيرة تجاذبات جديدة كانت متوارية خلف كواليس التفاوض فجرتها المطالبات بمراجعة اتفاق جوبا لسلام السودان، وسرعان ما انفتح على إثرها باب لخلاف جديد بين شقي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والتوافق الوطني الذي يضم بعض الحركات المسلحة، من بعد إرهاصات عدة بتقارب الطرفين وتوافقهما، وتبدت أولى مظاهر الخلاف عند طرح مسودة الإعلان الدستوري المرتقب الذي يعكف عليه المجلس المركزي، ويشير في نصه إلى أن أحكام الإعلان ستسود على ما عداها من القوانين، بحيث تلغي أو تعدل كل ما يتعارض معه باعتباره القانون الأعلى والأسمى في البلاد، بما فيه اتفاق السلام وبعد هذا البند ارتفعت الأصوات بين إلغاء وتعديل لاتفاق سلام جوبا؟
لُقمة: الحديث عن إلغاء الاتفاق لا جدوى له
واعتبر القيادي بحركة العدل والمساواة إدريس لقمة، خلافات الجبهه الثورية خلافات شكلية سيما وأن الكل متفق على صلب القضايا خصوصاً المجموعات ذات التأثير والموقعة على الاتفاق، وقال لُقمة في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الذين التحقوا بالاتفاق أمثال تمازج وغيرها يريدون لفت الانتباه فقط، وإن الحديث عن إلغاء الاتفاق لا جدوى له لجهة أن الحركات طوت آثار الحرب ولا عودة لها مرة أخرى.
قيادات تطالب بالإلغاء
وكشف مصدر موثوق أسباب تأجيل اجتماع أطراف السلام بالمستشار الأمني لرئيس دولة جنوب السودان توت قلواك الذي كان مقرراً خلال زيارته، بسبب خلافات بين بعض قادة أطراف العملية السلمية دفعت بعضهم للمطالبة بإلغاء اتفاق سلام جوبا، وأكد ذات المصدر لـ(اليوم التالي) استياء المستشار الأمني لرئيس دولة الجنوب الراعية لاتفاق سلام جوبا، توت قلوك من أطراف بالعملية السلمية بسبب خلافات بين رؤساء وقيادات تنظيمات موقعة على اتقاف السلام، وأوضح المصدر أن توت قلواك اجتمع ببعض القيادات التي وقعت على الاتفاق بطريقة فردية بعد أن تم إلغاء الاجتماع. وأشار المصدر إلى أن هناك بعض القيادات التي رأت إلغاء الاتفاق بأكمله.
الثورية: نرفض أصوات إلغاء الاتفاق
فيما أعلنت الجبهة الثورية السودانية في بيان لها حصلت (اليوم التالي) على نسخة منه، عن رفضها القاطع لدعوات إلغاء اتفاق جوبا للسلام في السودان متهمة جهات لم تسمها بالوقوف وراء الحملة، وكشفت الجبهة الثورية أن هناك لقاءات دورية لمتابعة تنفيذ اتفاق جوبا.
والتقت الجبهة الثورية السودانية لجنة وساطة جنوب السودان الزائر هذه الأيام للخرطوم بفندق السلام روتانا بغرض متابعة سير تنفيذ اتفاق السلام الموقع في أكتوبر 2020م، وتطرق اللقاء للعديد من القضايا التي أعاقت تنفيذ اتفاق السلام، وقدمت الجبهة الثورية مذكرة للوساطة تحتوي على كافة القضايا والمظالم، وفي هذا الإطار تقدمت الجبهة الثورية برؤية تتبنى مشروع تقييم وتقويم اتفاق جوبا للسلام من خلال إقامة الورش والمؤتمرات وأكدت الثورية تمسكها باتفاقية سلام جوبا ورفض كل الأصوات الداعية إلى إلغاء الاتفاق فى عملية التسوية المزمعة التي يجري الإعداد لها، ويأتي تمسك الجبهة الثورية بالاتفاق باعتباره ناقش معظم جذور الأزمة السودانية وأوقف الحرب في بعض ربوع السودان مع الاعتراف بأن هناك نواقص في عملية تنفيذ السلام نعمل مع الطرف الحكومي ولجنة الوساطة على إكمالها، كما ننوه على ضرورة الالتزام بنصوص الاتفاق والنسب الواردة وضرورة تنفيذها بشفافية وعدالة بين كافة المسارات والحركات دون تمييز طرف على آخر .
وناقشت الجبهة الثورية السودانية مع الوساطة قضايا التنظيمات والحركات الداخلية وحجم الإقصاءات الذي مارستها تلك الحركات ضد قيادات كان لها دور أساسي في التفاوض وموقعة على العديد من البروتكولات ونوهت إلى ضرورة بحث السبل المثلى لمعالجتها حفاظاً على الروح الثورية بين الرفاق، وأكدت الوساطة رفضها التام للأصوات الداعية لإلغاء اتفاق سلام جوبا وأقرت بالأخطاء والإشكالات التي صاحبت عملية تنفيذ الاتفاق ووعدت بالجلوس مع الطرف الحكومي لمعالجة هذه الإشكالات.
تمبور: (السلام باقٍ شاءت أحزاب الخرطوم أم أبت)
فيما قال عضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية ورئيس حركة جيش تحرير السودان، مصطفى تمبور (إن السلام باقٍ شاءت أحزاب الخرطوم أم أبت) ولن نعود مجدداً للأقاليم لكي ندير أي عملية حربية مطلقاً، كاشفاً عن وجود عمل ممنهج تقوم به جهات معلومة بالنسبة للشعب السوداني وهي ليست متضررة من اتفاقية السلام لكون أن منطق العقل يكذب ادعاءهم الباطل وأضاف تمبور في تصريح لـ(اليوم التالي) أن الكل يتفق مع من يقول إنه متضرر من الحرب وأجزم أن السلام لا يحافظ عليه إلا الذي ذاق مرارة الحرب من قتل وحرق ونزوح ولجوء إضافة إلى تدمير البنى التحتية ومئات الآلاف من الفاقد التربوي والأطفال الذين فقدوا حظهم من التربية والتعليم، وقطع تمبور بأنهم لا يعيرون أدنى اهتمام لمطالبات إلغاء اتفاق جوبا لأنهم يعلمون مصادرها قائلاً إنها جهات منهزمة وفقدت امتيازاتها التاريخية وفشلت في الشراكة مع المكون العسكري الذي لا يستطيع أحد أن ينكر مساهمته في التغيير وإنجاز مشروع الثورة، وتتهم أغلب الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا بدعم انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان مطيحاً بشركائه المدنيين الذين قاسموه الحكم منذ 2019 بعد أن نفذت اعتصاماً أمام القصر الرئاسي يدعو لتوسيع دائرة مشاركة الحكم وإنهاء هيمنة قوى الحرية والتغيير على السلطة قبل وقت وجيز من وقوع الانقلاب.
الفاتح: الحل الوحيد فتح اتفاقية جوبا للسلام لمراجعته
وفي ذات الإطار يرى المحلل السياسي د. الفاتح عثمان، أن اتفاقية جوبا للسلام تتمتع بكل مقومات الإبقاء عليها لأنها تضم كل حركات دارفور عدا حركة عبد الواحد محمد نور وحركة مالك عقار في الانقسنا، ومع ذلك تشتمل اتفاقية جوبا للسلام في ذات الوقت لكل مقومات الإلغاء لأنها لم تضم كل حركات التمرد إذ أن حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور خارج الاتفاقية، أما مسارات الوسط والشرق والشمال فهذه وحدها كارثة تكفي لإلغاء الاتفاقية وإذا أضفنا الاستحقاق المالي الوارد في الاتفاقية لإقليمي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان فهو أيضاً كافٍ لإلغاء الاتفاقية لاستحالة تنفيذه بحكم العجز المالي الكبير لحكومة السودان، إذن الحل الوحيد المتاح هو فتح اتفاقية جوبا للسلام لمراجعة بنودها خاصة مسارات الوسط والشرق والشمال وأيضاً فتحها لضم حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور وتعديلها لتتناسب وكيفية إدماج هاتين الحركتين لكن من المعلوم أن أي إدماج لحركة الحلو قد يؤثر على حركة عقار .
جلاب: نحن ضدد إلغاء أو تعديل اتفاق جوبا
ومن جهته انتقد رئيس الحركة الشعبية شمال خميس جلاب ارتفاع الأصوات حوال إلغاء الاتفاق بدلاً عن الحديث عن إلغاء الاتفاق عليهم أن يتحدثوا عن تقيم وتقويم الاتفاقية وهناك مادة داخل الاتفاق تتحدث عن آلية تنفيذ الاتفاق، لكن للأسف لم يتم تفعيلها يجب على الأطراف تفعيلها، هناك ادعاءات من أطراف العملية السلمية بأنهم هم من وقعوا الاتفاقية واحتكروا السلطة، لذلك تم تشويه الاتفاق بعدم تنفيذ ما جاء في الاتفاق وأيضاً لم يهتموا بنشر وتوضيح الاتفاق، وأكد جلاب في تصريح لـ(اليوم التالي) أن حركته ضدد الإلغاء والتعديل لأن بهذه الطريقة سنعود إلى طريق الحرب مرة أخرى ونحن لا نريد ذلك .

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...