بابكر اسماعيل يكتب: نظرات في وثيقة ودستور أسيادنا (٥)

ألسنة وأقلام

 

رأينا في الحلقات الماضية اختلاف مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة (١) عن الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ (٢) من حيث التعامل مع انقلاب البرهان/ ابن عوف في ١١/ ٤ / ٢٠١٩ واجراءات البرهان التصحيحية في ٢٥/ ١٠/ ٢٠٢١ علماً بأن كلا الوثيقتين قد صدرتا عن التيار العلماني السوداني وخلتا من أي إشارة الدين الإسلامي أو اللغة العربية

ورأينا كيف اختفت المادة التي تجرم التعذيب والإهانة والحطّ من الكرامة الإنسانية من مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة وكذلك اختفي منها توصيف السودان بأنه دولة ذات سيادة ومستقلة

فنبدأ اليوم مستعينين بالله نمخر في عباب وثيقة ودستور أسيادنا ونغوص في موادّ وثيقة الحقوق والحريات الأساسية مادّةً مادّة لنبيّن غثّها وسمينها وأصلها وفصلها ونقارن بين الوثيقتين اللتين تعبّران عن التيار العلماني السوداني العضوض

المادة (10):
من دستور مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة تقرأ:
10 – (1):لكل شخص الحق في الحرية والأمان ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الحبس ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها إلا وفقاً لإجراءات ينظمها القانون كما في مجتمع ديمقراطي.
وفي هذا النص تعديل صياغي طفيف عن الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ (المادة ٤٦ (١) و (٢)؛
حيث أضيف الوصف الأخير “كما في مجتمع ديمقراطي” ولا أدري ما هي مدلولاته..

10- (2): لكل شخص حرم من حريته الحق في أن يعامل بإنسانية واحترام لكرامته وفقما ينظّم ذلك القانون في مجتمع ديمقراطي.

وفي الحقيقة هذا نص مرتبك حيث قرّر أن احترام الكرامة الإنسانية ليس حقّاً أصيلاً يحميه الدستور بل منحةً ينظمها القانون وقد فصّلنا ذلك في الحلقة السابقة.
وتكررت أيضاً لازمة “في مجتمع ديمقراطي” في هذا البند وهذا يجعلنا نشكّ في أنها أضيفت لمسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة لحاجة في نفس يعقوب
فأظنّ – وبعض الظنّ إثمٌ بلا شك – أن مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة تريد أن تربط حماية الحقوق التي أضافت إليها لازمة “في مجتمع ديمقراطي” بمجموعات محددة أي أنّه إذا تمّ تصنيف جماعة أو فئة بأنهم ليسوا من مكونات المجتمع الديمقراطي ففي هذه الحالة لا تنطبق عليهم المادة (10) ببنديها الاثنين وستكون هذه الجماعة عرضة للبلّ والدّوس وتطليع الزيت ..

المادة 12: المساواة أمام القانون:
أضيف لهذه المادة بند جديد وكانت في الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ تعديل ٢٠٢٠ تتكون من بند واحد فقط وهو البند الأوّل الحالي ويقرأ كالآتي:
“12- (1): الناس متساوون أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحمايته دون تمييز بينهم بسبب النوع أو اللون أو اللغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل الإثني أو المكانة الاجتماعية أو أي تمييز من أي نوعٍ كان”.

أمّا البند الثاني الذي أضافته مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة فهو ينص علي الآتي:
المادة (12) – 2: تتخذ الدولة تدابير تشريعية وسياسيات وبرامج تمييز إيجابي ملائمة لمعالجة الضرر الذي عاني منه الأفراد أو المجموعات بسبب التمييز في الماضي ولضمان مشاركتهم وتمثيلهم في الحكم ومجالات الحياة الأخري.

وهذا البند الجديد من أخطر التغييرات التي جاءت في مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة لأنه أرسي لمبدأ التمييز بين المواطنين ويناقض هذا البند المضاف حديثاً منطوق البند الأول المحكم الصياغة والذي يقرأ:
12- (1) الناس متساوون أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحمايته دون تمييز بينهم بسبب النوع أو اللون أو اللغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل الإثني أو المكانة الاجتماعية أو أي تمييز من أي نوعٍ كان.

فعبارة أي تمييز من أي نوع كان – عبارة قطعية وقاطعة وتنفي التمييز بكافة أشكاله سلباً أو إيجاباً.
نواصل ..

——————————————————
المراجع:
(١) مسودة دستور لجنة تسيير نقابة المحامين المحلولة https://www.shorouknews.com/mobile/news/view.aspx?cdate=11092022&id=98c5b0af-452e-47fe-b7d4-53e1d456142e

(٢) الوثيقة الدستورية الانتقالية للعام ٢٠١٩ https://moj.gov.sd/files/index/28

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...