أبشر رفاي يكتب: يسألونك عن المستقلين وعن التسوية السياسية
ظلت الرؤى المتجددة لاكثر من عقدين من الزمان عبر المنبر الحر الذي اتاحه الاستاذ احمد البلال الطيب بصحيفته اخبار اليوم منبرا لمن لا منبر له ظلت وما انفكت تقوم بعمليات مسحية استكشافية وحفريات فكرية عميقة في اجواء واراضين العملية السياسية بالبلاد وقد توصلت ضمن ما توصلت اليه من حقائق وكنوز سياسية كنز ( تفكيك المفاهيم) بوصفها أقصر الطرق لبلوغ المضامين وهي كذلك من اساسيات البنيات الدستورية والقانونية وقد افردت لاجلها بابا كاملا تحت مسمى التعريفات . ومن المفاهيم موضوع التفكيك في قراءة اليوم مفهوم القوى السياسية ومالحق به من مفاهيم سياسية ومسيسة مثل الناشطون والناشطات ، والمنشطين والمنشطات ، والفاعلين والفاعلات ، والمفعلين والمفعلات ، واصحاب المصلحة والكتلة الحية بالمعنيين ، والثوار والقوي الثورية والمثورنة وبتاعين الثورات والكيزان والقحاتة ، وتجار الدين ، وعملاء السفارات وحيث الخارج وعتاة الاستغلال الداخلي وعصاة الاستقواء بالاجنبي .
أن مفهوم القوى السياسية للاسف الشديدة جهات كثيرة بالداخل والخارج قبل التغيير وفي كنفه ظلت تتعاطى معه بمزاجية وانتقائية مفرطة الامر الذي شوه المفهوم وكذلك المضمون مضمون الاعتبارية والحقوق والوجبات .
في الفكر السياسى المتقدم القوى السياسية يقصد بها جميع المنظومات والاطر العاملة في حقل العملية السياسية بمفهومها الاخلاقي الواسع الذي ذكرناه من قبل ولابأس من ذكره مجددا ، مفهوم فن الممكن ، وعلم الموازنات السياسية المستمرة ، ومفهوم الية تصريف شئون الامانة والتي من أولى اماناتها امانة الذات فاذا صلحت ادارة امانة الذات صلحت ادارة سائر الامانات ومنها امانة حقوق الشعوب وحقوق الانسان وامانة صون المناخ وسائر منظومة النظام الكوني .
المستقلون في التجربة السياسية هم شريحة فاعلة ضمن شرائح منظومة العملية السياسية وينقسمون الى قسمين مستقل من حيث المبدأ وأخر نتيجة لرداءة المفهوم والبنية والممارسة الحزبية والكيانية الاخرى .
عبر تاريخ التجارب الوطنية ومنها تجربة النظام السابق قدم فيها المستقلون اروع واشجع الوان الكفاح التراكمي الديمقراطي المتحضر الذي لايخلط من حيث المفهوم والمضمون لايخلط بين مفهوم الوطن والدولة ومفهوم الحكومة والانظمة السياسية المتعاقبة ، للاسف الشديد ان بعض عناصر النظام السابق رغم علمها واعترافها بالحقوق السياسية والمدنية والدستورية والقانونية للمستقلين لكنهم كانوا يكنون لهم العداء بصورة سافرة ينعتونهم ويصنفونهم بكافة اشكال التصنيفات الاقصائية ، هذا ومن المضحك ان النظام السابق كان يصنف المستقلين الذين خرجوا على سياساته يصنفهم باعتبارهم منتمين لاحزاب قحت وقتها وقحت اليوم تصنف المستقلين سرا وعلانية زورا وبهتانا بأنهم ادوات النظام السابق ، فاذن من منطلق هذه المعادلة يبقى الحزبي حزبي ولو ترك الهتاف والمكر السئ والتصنيف .
المستقلون سعادة رئيس مجلس السيادة ورئيس الثلاثية ومنظومةالرباعية شريحة موجودة لها إرث وكفاح تراكمي موثق بشهادة التاريخ والشعب السوداني والاسرة الاقليمية والدولية ، خذ على سبيل المثال لا الحصر في انتخابات ٢٠١٠ وهي انتخابات معترفا بها دوليا شكل المستقلون كتلة جماهيرية كبرى شملت كافة المستويات الانتخابية من المجالس التشريعية مرورا بالولاة والبرلمان انتهاء” برئاسة بلغ عدد المرشحين المعتمدين على كافة المستويات الانتخابية في السودان قبل الانفصال ١٨٠٣ بشهادة المفوضية العامة المستقلة للانتخابات وهي الجهة التي يتبع لها المستقلون وليس مجلس الاحزاب او أي مسمى اخر ، وفي انتخابات ٢٠١٥ مثل المستقلون الكتلة الثانية داخل البرلمان ولكن من أسوأ انواع الاقصاء السياسي الممهنج والذي مورس بحقهم جراء مواقفهم السياسية المعلنة حرمانهم التام من المشاركة في عضوية واعمال الحوار الوطني السابق والذي من المعلوم بأنه قد حملت عضويته كل أنواع القوى السياسية المرضي عنها حمل كل زوج بهيج ومبتهج ، وعندما اندلعت الثورة المستقلون كانوا حضورا ميدانيا وديوانيا بوعي سياسي متقدم ، وحينما كان الفرقاء يتجادلون تسقط بس وتقعد بس كانت ترفع شريحة كبيرة من المستقلين شعار حلول بس وبالفعل ذهبت الجهود منذ ذلك الزمان والى يومنا هذا ذهبت بأتجاه حلول بس بحسبان ان فرضية تقعد بس وتسقط بس لم تتحقق بالصورة التي يتبناها أي من الطرفين وهذا دليل بانتصار فلسفة حلول بس ، فحتى الحديث اليوم عن التوافق وعن التسوية وتسهيل المهام جميعها تندرج تحت فلسفة حلول يس ولكن حقا زامر الحي لايطرب وفارس الدور محقور أمثلة شعبية . وفي ظل التغيير تعرضت شريحة المستقلين لنفس الاشكالات التي واجهونها في ظل التجربة السابقة فلايعقل ان تدار العملية السياسية في ظل الثورة وحركة التغيير وحيث الانتقال تدار بواسطة الحزبية السياسية والايدلوجية وينتظر بعد ذلك مشاركة المستقلين هذا كلام لايستقيم اطلاقا ، وقد تلاحظ اليوم داخل بيئة الحرية والتغيير المركزي والحرية التغيير التوافق وحتي نداء اهل السودان لاوجود للمستقلين في البنية السياسية والتنظيمية لهؤلاء ، فعملية ابعاد المستقلين وتهميشهم من قبل تلك القوى ذات المرجعيات الحزبية والايدلوجية واضح هي رسالة تقليدية مشتركة بين الحزبين يختلفون في كل شيئ ولكنهم يتفقون حول اقصاء وعدم الاعتراف بالمستقلين ولنا عودة بأذن الله للحديث حول كتلة المستقلين التي حاربها النظام السابق وهمشها المكون العسكري وتنكرت على كفاحها التراكمي الحرية والتغيير بشقيها وتقاتت عليها الثلاثية والرباعية اما لجهل منها بحقيقة وبدور المستقلين او تجاهلهم اوجرى من جهة ما تضليل مدروس بحقهم وجهدهم وكفاحهم المعلوم لدى الشعب السواني .