إضراب التجار يشلُّ أكبر مجمع لبيع الذهب في السودان
نفّذ العاملون في “عمارة الذهب”، أكبر مجمع تجاري للذهب بالسودان، إضراباً عن العمل، الاثنين، اعتراضاً على تدابير حكومية تتعلَّق بالصادرات والرقابة على المعدن النفيس.
وتوقفت عمليات البيع والشراء في المجمع الواقع وسط الخرطوم، بعدما أغلقت المحال التجارية بشكل كامل في وجه العملاء، محدثة خسائر مالية كبيرة، وفق تقديرات تجار.
وجاء الإضراب الذي استمر يوماً واحداً، بسبب اعتراض التجار على نشاط شركات خاصة في شراء الذهب بأسعار عالية تفوق السعر الرسمي، مما يدخل المعدن، كما يقولون، في عمليات مضاربة مضرة بالاقتصاد، فضلاً عن أنهم كأصحاب محال تجارية، لا يستطيعون منافستها كونها “ستبتلع رؤوس أموالهم”، على حد تعبيرهم.
كما يعترض التجار على عمليات تفتيش مستمرة تنفذها شرطة التعدين في المجمع، بما يخالف اتفاقاً مسبقاً للتجار مع السلطات المعنية بأن تكون “عمارة الذهب” مثل “دار أبي سفيان”، أي “لا تفتش”، حسب وصفهم.
ويعد الذهب، سلعة محررَّة في السودان، إذ تخضع عمليات البيع والشراء للعرض والطلب حسب مجريات السوق العادي، ولا يتدخل المصرف المركزي في تحديد أسعاره.
دوافع الإضراب
وتعتبر “عمارة الذهب” سوقاً رئيسة لهذا المعدن النفيس بالسودان، في ظل عدم وجود بورصة متخصصة في البلاد، ويبلغ حجم التداول الشهري فيها نحو 3 أطنان، طبقاً لأرقام اطلعت عليها “الشرق”.
وقال أمين المال بشعبة مصدري الذهب في البلاد محمد صديق لـ”الشرق”، إنهم “اضطروا للدخول في إضراب عن العمل نظراً لتجاهل السلطات المعنية في وزارة المالية والشركة السودانية للموارد المعدنية مطالبهم، والرجوع المستمر عن الاتفاقات المتعلقة بعمليات بيع وشراء الذهب في المجمع”.
وأوضح صديق أنَّ الأزمة تكمن في قيام بعض الشركات بشراء الذهب بأسعار عالية تفوق سعر صرف الدولار، دون الالتزام بإعادة حصائل الصادر، الأمر الذي يضر بالتجار في “عمارة الذهب”، والذين يشترون المعدن بأسعار أقل وفق السعر الرسمي للصرف.
وأشار إلى أنَّ هذا الأمر “خلق نوعاً من المضاربات في سوق الذهب، وهو ما يضر باقتصاد البلاد، الذي يعتمد على المعدن النفيس لتغطية فاتورة استيراد الأدوية والسلع الاستراتيجية، كما تضر الأسعار العالية للشراء بالتجار وتبتلع رؤوس أموالهم”.
ووفقاً لصديق، فإن الجانب الآخر للأزمة يتعلق بتراجع الشركة السودانية للموارد المعدنية عن اتفاق بعدم تعرض “عمارة الذهب” للتفتيش، وأن تتحصل كامل الرسوم والعوائد من مناطق الإنتاج، وليس من التجار في الخرطوم.
وقال إن التجار في المجمع يتعرضون لعمليات تفتيش مستمرة من شرطة التعدين، كما يتم تحصيل عوائد يفترض أن تتم في مواقع الإنتاج، لافتاً إلى أنهم دفعوا بخطابيّن إلى مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية لمقابلته بغرض المشكلة، ولكنهم لم يفلحوا في الالتقاء به.
“خسائر كبيرة”
وكشف محمد صديق أن حجم التداول اليومي في عمارة المجمع يتراوح بين 90 – 100 كيلوجرام من الذهب يومياً، ونحو 3 أطنان شهرياً يتم تصديرها للخارج، مشيراً إلى أن هذا الإضراب الذي نحاول الإصلاح من خلاله سيخلق “ربكة” وخسائر فادحة.
وفي تصريحات صحافية، شدد صديق على ضرورة أن تلتزم الشركات بالمنشورات الخاصة بعملية شراء الذهب، مطالباً وزارة المالية بتبني سياسة فصل الصادر عن الوارد حتى لا يؤثر ذلك على سعر الصرف.
من جانبه، قال الأمين العام لغرفة مصدري الذهب عبد المولى حامد، إن قطاع التعدين رغم أنه من أكبر الصادرات الا أنه يتعرض للموت بسبب كثرة المشاكل.
وأشار إلى وجود مشاكل في هذا القطاع، رغم أنه أكبر قطاع يمثل الاقتصاد في السودان، بحسب نشرة البنك المركزي.
وأضاف: “طالما نحن نمثل أكبر القطاعات وأكبر الصادرات فيجب على الدولة أن تراعيه وتحافظ عليه وعلى أفراده والمبالغ التي تأتي منه”.
وفي تصريحات الأسبوع الماضي، قال وزير المعادن السوداني محمد بشير عبد الله، إن إنتاج البلاد من الذهب حتى نوفمبر الجاري بلغ 25 طناً، لافتاً إلى خطة لحل مشكلات القطاع وزيادة الإنتاج.