الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاعاقة بين الواقع والمأمول
تقرير: عصام عمر – افنان عبد الله /
تتصاعد المساعي العالمية والوطنية لتحقيق الدمج الكامل لذوي الإعاقة في المجتمع، حيث لم تكن الاعاقة يوما ما عائقا يعترض طريق الابداع، هناك من يؤمن بقدراته رغم عجزه وهناك من يؤمن بعجزه رغم قدراته.
ويعد كأس العالم كأكبر تظاهرة عالمية رياضية واجتماعية أُفتتحت ولأول مرة في تاريخها بآيات قرآنية تلاها القطري غانم المفتاح المصاب بنقص التنسج العجزي وهو أحد الأشخاص الذين لم تهزمهم الإعاقة في ان يكونوا ليسوا فقط ناجحين، بل ومحفزين لغيرهم من غير المعاقين ليهزموا اليأس.
ما الإعاقة الا في الإرادة والرغبة :
قالت سمية خالد أحدى المصابات بالإعاقة الحركية ووالدة الطفل أحمد المصاب بنوع نادر من الإعاقة الذهنية إن الإعاقة الحقيقة ليست في فقدان جزء من من الجسد أو عدم القدرة على استخدامه، بل حقيقة الإعاقة تكمن في اتخاذ الإعاقة ذريعة للخمول ولعب دور سلبي في الحياة.
فلم تكن الإعاقة يوما مانعا من الإبداع في الحياة وعيشها بأفضل الطرق والاستمتاع بما حبانا به المولى عز وجل. وأضافت سمية أنها تحرص على الإعتماد الكلي على نفسها في كسب العيش كحرصها على حصول إبنها على فرصة في الذهاب إلى المدرسة واللعب مع أقرانه، وتتمنى أن يجد وظيفة ملائمة تساعده على كسب قوته في المستقبل .
الإهتمام الدولي بقضايا المعاقين:
لقد بذلت المنظمات والمؤسسات المجتمعية والعاملة في العمل الانساني وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة جهود كبيرة ومقدرة في إدماج أصحاب الإعاقة في المجتمع ليس فقط بتذليل الصعاب وتسهيل الحياة لهم، بل ابعد من ذلك بالسعي لمساعدتهم في لعب دور ايجابي وفاعل في عجلة الحياة، سواء بسواء مع غيرهم ومساواة لهم دون تمييز بل فوق ذلك تجريم كل مايثبت انه تمييز بسبب إعاقة.
لذلك اتخذت الأمم المتحدة بموجب قرار رقم ( 47/3) من قانون الامم المتحدة الخاص الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في اختتام عقد الأمم المتحدة للمعوقين (1983-1992) ان يكون الثالث من ديسمبر من كل عام يوما عالميا لذوي الاعاقة.
كما ناشدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبموجب القرار (88/47) جميع الدول الأعضاء بالاحتفال بهذا اليوم بغرض ادماج ذوي الإعاقة في المجتمع.
لمحة عن ذوي الاعاقة بين القرارات و الواقع:
وفقا للاحصائيات فإن خطر الوفاة المبكرة والمرض أكبر لدى العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة مقارنة بفئات أخرى من المجتمع.
كما تفيد احصائيات اخرى ان 80% من أصل مليار شخص من ذوي الإعاقة يعيشون في البلدان النامية و أن 46% تقريبا من المسنين الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر هم من ذوي الإعاقة.
كما تفيد ذات التقارير أنه يُحتمل أن تعاني واحدة من كل خمس نساء من إعاقة ما أثناء حياتها، بينما يعاني واحد من كل عشرة أطفال من الإعاقة، وان كثيرا من التقارير الصادرة من لجان وهيئات مختصة تشير إلى عراقيل وعقبات تواجه هذه الشريحة سواء في عيش حياة طبيعية او في ممارسة دورهم كفاعلين في المجتمع ونهضته تماما كما الاخرين.
وبالنظر الى ان هذه الشريحة هي جزء لاينفصل من المجتمع، عليه ينبغي بذل كل الجهود التي من شأنها تمكينهم من ممارسة حقهم كمواطنين في بلدانهم وذلك لا يتأتى الا بتضافر جهود مشتركة بين الجهات والهيئات الرسمية والخاصة.
لذلك جاء الاحتفال العالمي للمعاقين هذا العام تحت شعار ( تعليم ، توظيف ، عدالة إجتماعية : نحو إدماج مستدام لذوي الإعاقة في المجتمع)
ذوي الإعاقة في السودان:
لقى احتفال الثالث من ديسمبر بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة اهتماما ملحوظا من جهات عليا في المركز والولايات فضلا عن الجمعيات ومنظمات العمل الإنساني الناشطة في البلاد.
فقد التقى نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول محمد حمدان دقلو وفدا من أصحاب الهمم حيث أعرب عن دعمه لشريحة المعاقين ووقوفه مع كل ما يساعد في ادماجهم في المجتمع واعدا بتذليل كل العقبات التي تحول دون ذلك.
و أكد دقلو خلال اللقاء أنه مع قضاياهم واعدا بتخصيص جسم يُعنى بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، كما تطرق لبعض القضايا ذات الأهمية والتي أكد انها ستناقش عبر لجان وجمعيات ذات صلة كقضية الاعفاء من الضرائب والاطراف الصناعية، بالإضافة للسكن والتراحيل وغيرها من القضايا التي تلعب دورا مهما في حياة أصحاب الهمم.
من جانبه أعرب الوفد الممثل للمعاقين عن كامل شكرهم للنائب الأول مثمنين الجهود التي يبذلها لصالح المعوقين، مبدين كامل استعدادتهم في تفعيل كل ما من شأنه خدمة المعوقين.
وفي ذات السياق إحتفل المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة صباح الأحد في الخرطوم باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، و قال وزير الرعاية والتنمية الإجتماعية الأستاذ أحمد آدم بخيت، إن هذا اليوم يجب أن يكون وقفة لتقييم ما تم تحقيقه في الأعوام الماضية في ملف ذوي الإعاقة وللإعداد لما سيتم في العام ٢٠٢٣، مؤكداً أن هناك الكثير من الجهود والمبادرات ينبغي جمعها وتحويلها لصيغة تخدم ذوي الإعاقة في كافة أنحاء البلاد، كما وعد أن يكون العام المقبل (عام ذوي الإعاقة) بما سيُولى لهذا الملف من إهتمام ورعاية.
من جانبها هنأت دكتورة رحاب مصطفى، الأمين العام للمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة جميع أصحاب الإعاقة في السودان باليوم العالمي، مؤكدة أن هذه الشريحة ظلت تناضل لسنوات طويلة لضمان حقوقها، مؤكدة ضرورة إستدراك ما لم يتم إنجازه في العام الماضي.
وأضافت إن السودان صادق على عدد من المعاهدات والمواثيق الدولية التي تخص ذوي الإعاقة ولكن لم يتم تطبيقها بصورة كاملة، حيث ما زال العديد من ذوي الإعاقة يفتقدون لوجود مدارس مؤهلة ومعلمين مُدربين وبنية تحتية ملائمة.
وعن التحديات التي تواجه المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة أكدت د.رحاب أن ذوي الإعاقة وخاصة النساء يواجهن الكثير من الإشكالات خاصة الإساءات اللفظية والمعنوية مما أدى لإنتشار الأمية والجهل بينهن .
وأضافت أن هناك الكثير من الأمثال الشعبية التي كرست للعنف ضد ذوي الإعاقة وأكدت على ضرورة إشراك المناهج التعليمية في التوعية، مؤكدة وجود تواصل مع المسؤولين في البنى التحتية والصندوق القومي للإسكان لتذليل هذه العقبات .
كما أشارت د.رحاب الى أن غياب الاحصائيات وعدم دقتها من أهم الأسباب التي تحول دون حصر وتعداد ذوي الإعاقة .
إلى ذلك قالت د.نجوى إبراهيم ممثل وزارة العمل والإصلاح الإداري إن الوزارة تسعى لزيادة نسبة ذوي الإعاقة المقبولين في العمل العام من 2% إلى 5% في كل مؤسسة كما ستتم إضافة موظف من وزارة العمل إلى لجنة الإختيار لضمان حصول ذوي الإعاقة على حقوقهم في الإستخدام الوظيفي.
وكان للولايات دورا في حث همم أصحاب الاعاقة:
فقد أكد الأستاذ إسماعيل عوض الله العاقب والى ولاية الجزيرة المكلف لدى مخاطبته بالقاعة الدولية بجامعة الجزيرة احتفال اتحاد المعاقين حركيا بمحلية مدني الكبرى باليوم العالمي للأشخاص ذوى الإعاقة دعم ورعاية حكومة الولاية لبرامج الإتحاد للإضطلاع بدوره ودمج شريحة المعاقين فى المجتمع.
وقال الوالي إن الإعاقة ليست عقبة في تحقيق التطور والنجاحات إنما دافع لإثبات مقدرات المعاق في تخطي مشاكل الحياة.