أسامه عبد الماجد: شهادة البشير او ماديبا السوداني
إذا عرف السبب
¤ عجبت للكتابات التي طربت للشهادة التي ادلى بها المشير البشير أمام محكمة (89) المسيسة.. وعجبت اكثر للفرحة التي غمرت مجموعات الاسلاميين على منصات التواصل الاجتماعي.. وهم يصفون اقواله بالشجاعة.. وكادوا يعتبرونه ميسي السياسة.. يا للخيبة، وكأني بهم توقعوا غير ذلك.. اكدوا مجددا انهم لايعرفونه مثلهم والتتار الجدد والشباب المخدوع في الشارع.
¤ انهم يسيئون للبشير مثلهم والقحاته.. جميعهم لا يقرأون التاريخ.. ولا يعتبرون من الماضي.. ينسى القحاته ان الدائرة تدور على الظالمين.. الذي حدث امس ان التاريخ يعيد نفسه.. مع اختلاف الزمان والمكان.. وتشابه شديد بين الشخوص.. بين ماديبا السوداني المشير البشير وسيد الاسم الزعيم نيلسون مانديلا.. الذي يناديه اهله بـ (ماديبا).
وتعني عظيم مبجل.. وهو لقب يطلق على الشخص الأرفع قدراً بينهم.. وهكذا البشير.
¤ شهد الرئيس السابق بالحق.. لانه حفظ عن ظهر قلب مقولة خالدة وراسخة لمانديلا وعمل بها.. (حافظ على كرامتك حتى لو كلّفك الأمر أن تصبح صديقاً لجدران زنزانتك).. والناس تنسى التاريخ.. تحسر الأديب المصري نجيب محفوظ على ذلك وقال (آفة حارتنا النسيان).. ونقول له في مرقده هي آفة بلادنا.
¤ لكن البشير يذكرهم بما حدث في جنوب افريقيا العام 1964.. حينما أعيدت محاكمة مانديلا من جديد.. كان ذلك بعد مرور عامين على سجنه.. في احدى الجلسات ادلى مانديلا بشهادته وقال (أنا مستعد للموت)، واقر بأنه أسس مع رفاقه تنظيم رمح الأمة – الجناح المسلح – لحزبه، المؤتمر الوطني الأفريقي.. لو تذكرون حدث ذلك مطلع ستينيات القرن الماضي يوم قتلت شرطة جنوب افريقيا السود بالرصاص الحي.. فيما عرفت بمجزرة شاربفيل.
¤ طبيعي ان يقول البشير ماذهب اليه.. منذ مايقارب اربعة سنوات فضل المشير (الزنزانة) على (المهانة).. ان يكون خلف (القضبان) ولا (يهان).. ان يكون (عزيزا) لا (ذليلا).. ان يكون محل (افتخار) لا (احتقار).. ان تكون الاسرار طي (الكتمان) ولا يوصف بـ (الجبان).
¤ الامور عند البشير غير قابلة للقسمة على (الوضاعة) او (الخيابة).. ولا تقبل المساس بـ (السيادة).. لم يمارس (غتغتة ودسديس).. ولم يكن له مصحفا بخط اليد (يرغب) او (يرهب) البعض للقسم عليه.. ليكونوا (اعوانه) .. كان الكل (اخوانه).. لا يشتري (ذمم) خاصة اصحاب (العمم).. ولا يجمع حوله (الرمم).
¤ تعامل عمر مع المعارضة باخلاق (الرجال) وشيم (الابطال).. اما مع (الاعداء) كان شعاره النصر او نموت (شهداء).. يسبق الكثيرين لبيوت (الاتراح) قبل (الافراح).. يطرب ل (وردي) و(كابلي) يتابع (المباريات) ويردد (الاغنيات).. ويتفقد (الولايات).. لم يكن غريبا في بيوت (الاعراس) كان مثله وغمار (الناس).. لكنه كان غاليا بينهم مثل (الالماس).
¤ البشير حالة سودانية شعبية بسيطة.. لم يكن حوله جيش من (الحراسات) ولا يتبعه رتل من (السيارات).. ولا يتهرب من تحمل (المسؤوليات).. كان لا يتردد في اصدار (القرارات) او اعفاء (القيادات).. كان في عهده للحكم (هيبة) واصبح الان (خيبة).
¤ حديث البشير بالامس طبقا لمقولة مانديلا.. (عليك أن تكون بالمقدّمة في حال الخطر.. عندها، سيقدّر الناس قيادتك لهم).. والخطر ماثل الان ويمسك بتلابيب البلاد.. التي تعج بـ (العملاء) وتئن من تدخل (السفراء) وتتوجع لكثرة (الوسطاء).. بسبب السياسيين و(النشطاء).. وامتلاء المشهد بالحمقى و (السفهاء).
¤ عرف الناس البشير وهو جاءهم من (الادغال).. وكانت البلاد وقتها غارقة في (الاوحال) ومشاكلها تئن عن حملها (الجبال).. وممزقة (الاوصال) وتحدق بها (الاهوال).. المقولة الاروع لمانديلا (عندما يسكت الحكماء يكثر الحمقى).. ولذلك تحدث البشير امس وقال كلمته لله والوطن والتاريخ..
¤ تحدث بشجاعة عملا بحكمة ماديبا الكبير .. (قد من الخلف واترك الاخرين يعتقدون انهم في المقدمة).. هو في المقدمة بعد ان عجزت كل محاولات التتار الجدد كسر عزته وشموخه.. ظل (صابرا) و (صامدا) حاولوا اذلاله بملاحقه اخوانه وزوجته.. وتاره منعه من تشييع زوجته وشقيقه..
¤ ومهما يكن من امر ظهر البشير كما هو بذات سماحته وبشاشته.. مواجها المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء.