*(السودان أولا)..إمراة مربية ومتعفف دافع زكاة*!
*(السودان أولا)..إمراة مربية ومتعفف دافع زكاة*!
الأجواء تسيطر عليها أحاديث تثير الشجون،تدعو للتسامح،وتجدد نوازع عزة البلد من قبيل(أنا سوداني أنا)و(لا للدخيل)و(بلدنا غنية بمواردها،لدينا كفاءات، الانتاج هو الحل)..صحيح إن الحل كامن فى الإنتاج..هذا مفهوم واقعي ومحبب، لو أنه يحظى بعمل يكافؤه؟..(عشت يا سوداني) نرددها منذ رفع العلم وبها نطرب..أدبيات حافلة بأبلغ ما يقال،لكن القول ظل يشتاق الإقتران بالعمل عبر الأجيال..الآن سيرة الإستقلال على كل لسان، تجدد الأمل فى عمل تهفو لنتائجه البلاد، يجبر الخاطر ويجمع الشمل- كرفع العلم.
الجديد،الإضافة،العمل المبهر..هذا هاجس العام الجديد،وهو ما يشتهيه الناس ويراهن به الإعلام،ويحرض له المتفائلون..تجربة قطر ومونديالها الشاهد والدليل،وكذلك وكذلك.. وجدت ضالتي كذلك فى قناة فضائية ولائية تستقطب خبراء من المركز وتطرح قضية عالمية أصلها محلي..هكذا التلاقي الآن محليا وقطريا وعالميا فى عصر الرقمنة نصيرة المبتكرين برغم الظروف..على الشاشة من يتحدثون عن شىء مبتكر،عملي، جدير بأذن صاغية..إنهم يحدثونك فى كيف تزيد دخلك بدلا من أن تشتكي لغيرك-( أعطوك أو منعوك).
برنامج بعنوان(السودان أولا)بفضائية الشمالية،ولربما هو شعار للولاية،ولسان حال لمواطنيها..إعلامي اقليمي سهل العبارة جهير النبرة،الأستاذ جابرالمأمون، يستضيف خبير وخبيرة كلاهما متخصص فى التنمية المستدامة، قادمين من المركز لمخاطبة الولاية الشمالية عبر قناتها ومسؤوليها- دكتور أمين صالح يس،ودكتورة إنتصار إبراهيم حاج التوم..جاءا من وزارة المالية الإتحادية يمسكان بملف(الإستخدام الأمثل للموارد وتوطين التنمية المستدامة وخفض الفقر ومحاربة الجوع)وفق إستراتيجية قومية 2023 – 2030..إستوقفني طرح إقليمي إتحادي عالمي شائق وحيوي يتعهد بتنمية مؤكدة،إذا وإذا.
قرين الكلام وردت نماذج عملية..منها تطبيق مشروعات توصف بأنها(منتجة) نسمع بها ولا نرى نتائجها فى الأسواق ولا عبر الإعلام..من ذلك مشروع(الأسر المنتجة)- فرص لعمالة،زيادة الدخل،دخول السوق بمنتجات ذات عائد مجز،سهلة التناول..وردت أمامنا بيانا بالعمل أمثلة تسر الخاطر، مقترنة بدور المرأة فى تحقيق ناتج ملموس لصالح الأسرة.. إمتدح البرنامج بسخاء المرأة المربية، المنتجة..قيل عنها الكثير،منه إنها(باقية عشرة) على الأسرة فى كل الظروف،وإنها تتحمل مسؤولية تدبير البيت بما يتيسر،وإدارة المال العام بالوجه الصحيح، وإنها بإنتاجها تصرف على نفسها وعلى غيرها،تضرب مثلا لأسر متعففة صامدة باقية على عهدها مع(العمل فى صمت)وإنها(مربية أجيال)..وهناك إضافة كالمفاجأة، بينهن من بلغت مبلغ(إمرأة أعمال)..فهذه خبيرة فى شؤون التنمية المستدامة قادمة من الخرطوم تضرب مثلا بإمرة أعمال معروفة بإحدى المحليات،وتقول إنها بمقاييس ما عرف عالميا بالتنمية المستدامة تعتبر أنموذجا للإستثمار وتنمية الأسرة أساس نهضة المجتمع والدولة.
(حسن إدارة الأعمال) و(المرأة المنتجة الأنموذج) أصبح مدار الحديث..هناك تحديات وظروف معقدة،ولكن النتيجة مؤكدة،التحول من ضائقة الفقر الى آفاق الإكتفاء،وأكثر..وكم من أمثلة..أسر كانت تتلقى الزكاة أصبحت منتجة،حققت عائدا،تضاعف دخلها مقترنا بنية الإنفاق، فادركت مسيرة مبرورة قوامها الإنتماء لفئة دافعي الزكاة،وهم من كانوا يستحقونها بالأمس..البون شاسع،بلغة الأرقام وبالوضع الإجتماعي الجديد، فضلا عن مآلات الفتوى الشرعية لمن كسب رزقه بعرق جبينة وأنفق موعودا بالخير والصلاح منذ عصر الصحابة،باذن الله..الفكرة هي(بدلا من المساعدة نقدا وفر لهم مشروعا يعملون فيه وينتجون ويصرفون على أنفسهم)..وهي فكرة مجربة عالميا وسارت فى البشر كالحكمة(إعط سنارة بدلا من سمكة)!..هو مشروع قومي يطرحه ديوان الزكاة ليعم فضله البلاد..تنسب له نتائج ملموسة بل باهرة، إعلام الديوان أجدر بالكشف عنها كجديد فى ملامح التحول فى المجتمع يدل عليها ظهور هذه الفئة الجديدة المجيدة..آن الأوان الآن لتقفي هذه التجربة الإجتماعية الإقتسادية،دروسها ونتائجها..(كانوا يستحقون الزكاة فأصبحوا يدفعونها)!. يا للبهاء.
الأمر أشبه بتصريح صحفي خطير بمقياس الفكرة والرؤية والتخطيط والتنفيذ ..منظومة ساحرة فى(الإرادة والإدارة)..صادفت يوما بإحدى الولايات ما يوحي بذلك،وكذلك الآن ضمن تجليات برنامج تلفزيوني عنوانه(السودان أولا)..كأنه يعطي المثال العملي لهذا الشعار ولمن أراد أن يقرن القول بالعمل..أهمية البرنامج أنه كلام لخبراء عن متعففين اصبحوا أغنياء إعتمادا على كدهم،وبرغم الظروف..دا الكلام!..الخبيران يتحدثان فى مقام ولائي، لكنهما أعادا الأذهان لما يشغل العالم حاليا من أشواق برغم ما يتعرض له من دمار وخلخلة لقيم الخير والفضيلة ضالة البشر فى عالم متغير..رسالة البرنامج هي أن العالم يفكر بمدخل جديد لمحاربة أعداء ألداء- الجوع والفقر والمرض..هذا المدخل هو(التنمية المستدامة).
على طريقة(فليعلم من لم يكن يعلم) تبارى الخبير والخبيرة معا فى التعريف بهذه التنمية العالمية(الجديدة) وضربا المثل من الواقع..كم من أسر أفراها كلهم يعملون،ربة الأسرة بوجدان بار تدبر ميزانية البيت، ترعى الاطفال بأمومة تسع الجميع،(تتم الناقصة)،تحدث التوازن، تحقق الرضا داخل الأسرة أساس توازن المجتمع والدولة..هكذا تنجح مشروعات(الأسرة المنتجة) ويتصدر الأخبار مشروع طموح لديوان الزكاة لتحويل الأسرة من مستحقة للزكاة الى منتجة، دافعة للزكاة..ليته يتشكل كإتجاه قومي إستراتيجي للتنمية.
ما ورد من أمثلة عملية عن التنمية فى المجتمع إتخذها البرنامج أساسا للتعريف بموضوع التنمية المستدامة المطروح عالميا،والمثال العملي ماثل هنا محليا- أنموذج المرأة المنتجة القائدة لأسرتها لبر الأمان..وكذلك مثال الأسر المتعففة التى أصبحت دافعة للزكاة،قدوة فى فقه الإنفاق وفى حسن التدبير والإقتصاد..التعريفات المتداولة عالميا للتنمية المستدامة تقول بهذا الذى بدأ يحدث محليا(تلبي إحتياجات الجيل الحاضر دون التضحية أوالإضرار بقدرة الأجيال القادمة).
(التنمية المستدامة)ثقافة متداولة الآن، محورها قضايا الناس الملحة..حددت لها وزارة المالية 17 هدفا..الغاية خفض الفقر،محاربة الجوع،الإهتمام بصحة الإنسان..هناك شروط، إتخاذ وسائل فعالة،التناغم،الحفاظ على الموارد،تحسين نوع الحياة،حماية البيئة،الإستثمار الأمثل..الغاية القصوى إقتصاد قوي، رخاء..إنها دعوة ملحة عنوانها(السودان أولا).. أطلقتها الولاية الشمالية على أعتاب الإستقلال،مشكورة..وكل إستقلال وأنتم فاعلين.
د.عبدالسلام محمد خير