النزاعات القبلية في السودان.. متجذرة ومتكرر
اتخذت النزاعات القبلية في السودان منحى عنيفاً أدى إلى سقوط مئات القتلى وأسهم في ذلك وفرة السلاح لدى القبائل بشكل واضح مقارنة بما كانت عليه ظروف الصراع القبلي في السنوات السابقة، ويرجع خبراء ومحللون في تصريحات لـ«الاتحاد» ازدياد العنف القبلي في فترة ما بعد الثورات إلى الصراع حول الموارد متمثلة في الأراضي الزراعية والمراعي.
وأكدت الباحثة السودانية في جامعة الخرطوم أسمهان إبراهيم أن أصل النزاع في دارفور يعود إلى الصراع حول الموارد متمثلة في الزراعة والرعي، ومع شح الموارد تحدث احتكاكات فردية بين المزارعين من قبائل مختلفة وسرعان ما تتطور إلى صراع بين القبائل بأسرها.
وأضافت أسمهان في تصريح لـ«الاتحاد» أنه بعد الإطاحة بنظام عمر البشير تم عقد اتفاق سلام بين الحكومة الانتقالية وأجزاء من الحركات المسلحة في دارفور لدمج قوات الحركات المسلحة في الجيش السوداني وتنظيم ملكية الأراضي، لكن بعد الاتفاق عاد المتمردون إلى مناطقهم داعمين قبائلهم من دون نزع سلاحهم.
وأشارت الباحثة السودانية إلى أن الصراعات الفردية تتدخل فيها قبائل الطرفين فتتحول إلى صراع قبلي مسلح يؤدي إلى حرق القرى والأسواق والقتل والنزوح، لافتةً إلى أن حادثة قرية «بليل» جنوب دارفور امتداد للصراع الذي بدأ بحادثة نهب بسيطة تطورت للقتل ومن ثم إلى صراع بين القبائل ما تسبب في نزوح الآلاف ومقتل 10 أشخاص ومئات الجرحى. وتجددت هذه السيناريوهات في شمال وغرب وجنوب دارفور لأكثر من مرة آخرها في منطقة «زالنجي»، حيث تطور شجار إلى عملية قتل ومن ثم تدخل قبلي تم على إثره حرق سوق المنطقة.
وأرجعت أسمهان هذه الأزمة إلى اتفاق سلام جوبا وانسحاب قوات حفظ السلام من دارفور بعد توقيع الاتفاق، مؤكدة أن عدم تنفيذ بنود اتفاقية جوبا له أثر قوي في تجدد الاشتباكات خاصة بند نزع سلاح الحركات المسلحة ودمجها في الجيش وتنظيم ملكية الأراضي والتي تعتبر من أصل الصراع في دارفور.
وتعزو أستاذة العلاقات الدولية والسياسية بجامعة الخرطوم الدكتورة تماضر الطيب، تجدد الاشتباكات واستمرارها في دارفور والمناطق الأخرى إلى خلافات ونزاعات قبلية متجذرة، وضعف القبضة الأمنية.
وأضافت الطيب في تصريح لـ«الاتحاد» أن السودان لم يحقق أي خطوة فيما يتعلق باتفاق السلام وتنفيذه في المناطق التي تعاني من نزاعات قبلية خاصة دارفور، وذلك يتطلب اتخاذ خطوات جادة لمواجهة هذه الأزمة بتفعيل الاتفاق.