مسؤول سيادي يطالب بتحقيق لمعرفة مصادر تمويل المتفلتين في دارفور
كشف مسؤول سيادي في السودان، عن تزايد كبير في أعداد الجماعات المُسلحة المتهمة بارتكاب انتهاكات مروعة بحق المدنيين في إقليم دارفور، غربيِّ السودان، داعياً لفتح تحقيق لمعرفة مصادر تمويل هذه الجماعات، واصفا الأوضاع في دارفور بأنها في«غاية الخطورة».
وتنامت خلال الثلاث أعوام الأخيرة، ظاهرة انتشار المليشيات المدججة بكافة أنواع الأسلحة في إقليم دارفور، وتورط عناصرها في المشاركة بالصراعات القبلية الدامية التي أودت بحياة ما يقرب على الألف شخص خلال العام الفائت 2022.
وقال عضو مجلس السيادة، رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، الهادي إدريس، في مقابلة مع «سودان تربيون»: “الأوضاع في دارفور غاية في الخطورة، وارتفع عدد المتفلتين بصورة كبيرة، ما يطرح تساؤلات عمّن يقف وراء تنظيمهم ودعمهم وتسليحهم”.
وأضاف: ” تحركات هذه الجماعات وطريقة تنفيذهم للهجمات تشير إلى أن الأمر ليس صدفةً، ويبدو أن هناك جهة ما تقف خلفهم”.
ومع ذلك امسك إدريس عن اتهام جهات بعينها، مشدداً على أن الأمر متروك للجان التحقيق لإزاحة الستار عن هوية أولئك المتفلتين ودوافعهم وراء عمليات الهجوم على الأبرياء”.
وكشف إدريس، عن نشاط تلك الجماعات في أماكن تفتقر لشبكات الاتصال، مردفاً: “أعتقد أن لديهم أجهزة اتصال خاصة يستخدموها في التنسيق فيما بينهم، وهذا أمر خطير يمكن أن ينتقل لأماكن أخرى بالبلاد، وستكون عواقبه وخيمة، يمكن أن تؤدي إلى انهيار السودان”.
ورهن إنهاء الوضع الأمني المتأزم في بعض مناطق إقليم دارفور بحل الأزمة السياسية وتشكيل حكومة تستطيع توفير المعينات الكافية للأجهزة النظامية، لأداء مهامها، خاصة قوات الشرطة، واصفاً وضع الشرطة في الإقليم بأنه «غير جيد».
وأعلن إدريس، عن إلقاء القبض على مدنيين بحوزتهم منهوبات تخص الأهالي في محلية «بليل» بولاية جنوب دارفور.
وأكد بأن الأحداث التي شهدتها البلدة أدت لتدمير نحو 15 قرية ما بين حريق جزئي وكُلي، وأفاد بأن لجنة التحقيق التي شكلتها الولاية باشرت مهامها للوصول للحقيقة، كما أشار لمباشرة لجان العون الإنساني في تقديم المساعدات للضحايا.
وعاد إدريس وشدد على وجود تنسيق عالي بين المتفلتين الضالعين في أحداث بليل.
وقال: “أعدادهم كانت كبيرة، وهناك تنسيق وتوزيع للأدوار، بين أشخاص مشاركين في الهجوم، وآخرين يزودونهم بالمعلومات”.
واستشهد بتزامن الهجمات على قرى متباعدة في غضون ساعات، بوقتٍ احتاجوا خلال زيارتهم الأخيرة لثلاثة أيام لمعاودة القرى المتضررة.
وعاب إدريس على الأجهزة الأمنية والعسكرية عدم الاستجابة بالصورة المطلوبة مع الأحداث، رغم تلقيها بلاغات مع بدايات الجريمة.
وتابع: “صحيح الشرطة تحركت وألقت القبض على واحد من المتهمين في جريمة القتل الأولى، بسببها اندلعت الأحداث، ولكن عقب تحرك الفزع (نظام استغاثة قبلي لجمع المسلحين) استجابة القوات لم تكن بالصورة المطلوبة”.
وأكد إدريس أن إستراتيجية المتفلتين هو تهجير مواطني هذه القرى، إلا أنه أكد بأن الوفد السيادي شجع الأهالي على عدم النزوح بعد تعهدات بزيادة عدد القوات المشتركة وفتح ارتكازات للشرطة لتتولى مسؤولية تأمين المدنيين.
وعاشت عديد من القرى شرقي نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور خواتيم ديسمبر المُنصرم تفلتات أمنية إثر هجمات نفذها مسلحون راح ضحيتها نحو 11 شخصا بينهم شرطي وآخر من الدعم السريع، وأحرقت المجموعات المسلحة عدد من القرى ما أدى إلى فرار نحو 16 ألف من المدنيين.
قوة تأمين
ونفي إدريس الأحاديث القائلة بمشاركة قوات الدعم السريع أو أي قوة نظامية أخرى في القتال بإسناد طرف على حساب الآخر في الاقتتال القبلي الدامي، بيد أنه عاد وقال “بعض المهاجمين كانوا يرتدون زى بعض القوات النظامية ـ دون أن يسمها”.
وأضاف “جنود الدعم السريع الذين ظهروا في الفيديوهات المتداولة هم قوة تأمين كانت ترافق قائد ثاني القوات عبد الرحيم دقلو الذي كان في زيارة خاصة، وعندما وقع الحادث طُلب منهم التحرك للموقع وهي أول قوة تصل وليس لهم علاقة بالأحداث ولكن سلوك التصوير مرفوض وننتظر لجنة التحقيق تقول كلمتها”.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو “حميدتي” أعلن لدى تفقده القرى المتأثرة بالأحداث في بلدة “بليل” عن توقيف عناصر من قوات الدّعم السريع التي يرأسها للتحقق من انخراطهم في القتال الدامي الذي شهدته مناطق بولاية جنوب دارفور.
اتفاق السلام
وفي سياق منفصل، كشف الهادي إدريس عن اتفاقهم كقوى موقعة على الاتفاق الإطاري مع ممثلي أطراف العملية السلمية؛ على إطلاق مرحلتين للتعامل مع وثيقة جوبا خلال العملية السياسية.
وقال إن المرحلة الأولى خاصة بعقد مناقشات داخلية بين الموقعين للاتفاق على المفاهيم الخاصة بتقييم وتقويم الاتفاق والتطرق للإنجازات والإخفاقات والنظر في المصفوفة الزمنية للاتفاق.
وأبان أن المرحلة الثانية تبدأ عقب تشكيل الحكومة الجديدة التي من خلالها يتفقون مع الحكومة الجديدة على وضع جداول زمنية لتنفيذ الاتفاق فضلاً عن تشكيل الآليات للفصل في قضايا الأرض والحواكير والتنمية والإعمار وإنزال اتفاق “جوبا” لأصحاب المصلحة.
وأوضح إدريس بأنهم هزموا الأفكار التي تُنادي بإلغاء اتفاقية جوبا، وتابع “المتطرفين الذين ينادون بالإلغاء لا ينظرون لقضايا الشعوب وإنما يطالبون بإبعاد أشخاص من المشهد السياسي على خلاف معهم”.
وكشف عن استحالة تعديل اتفاق جوبا ما لم توافق كل الأطراف الموقعة عليه وفقاً لنص الاتفاق.
وأزاح الستار عن مساعٍ ومبادرات لإلحاق الممانعين من أطراف اتفاق جوبا بالاتفاق الإطاري، نافياً وجود إقصاء أي طرف سياسي، وتابع “أكثر الممانعين بذلت معهم مجهودات كبيرة بغرض إلحاقهم وأن ويوقعوا كتنظيمات”.
وتابع: “الكتلة الديمقراطية تم تأسيسها قبل أشهر فقط، وكانت من قبل ميثاق، ومن ثم توافق وطني.. هي غير ثابتة، ولكي ننهي هذا الجدل لا بد على أي تنظيم أن يوقع منفرداً، كما بقية الأطراف التي وقعت لكي يتحمل مسؤوليته”.
وترفض الكتلة الديمقراطية التي تضم حركتي العدل والمساواة قيادة جبريل إبراهيم وتحرير السودان التي يتزعمها مني أركو مناوي بجانب الحزب الاتحادي بقيادة جعفر الميرغني علاوة على قيادات بشرق السودان يتقدمهم ناظر عموم الهدندوة محمد الأمين ترك الاتفاق بزعم عدم شموليته واختزاله بين العسكريين والحرية والتغيير.
ورفض الهادي إدريس، تسمية توقيع العسكريين على الاتفاق الإطاري بالشراكة الجديدة، قائلاً: بأن السلطة المقبلة هي مدنية كاملة دون مشاركة القوات النظامية، موضحاً أن توقيعهم يعني التزامهم بما تم التوافق عليه.
وأبرم القادة العسكريين، وقوى الإعلان السياسي، على إطار اتفاق يمهد لإنهاء الأزمة السياسية التي خلفها الانقلاب العسكري.