المخدرات وآثارها على الفرد والأسرة والمجتمع وأهمية مكافحتها
م/ أحمد حسن الأمير
كثر الحديث هذه الأيام عن المخدرات وانتشارها بين الشباب من الجنسين بكل فئاتهم العمرية ذلك باستهدافهم في أماكن تجمعاتهم في الشوارع والأندية والمؤسسات التعليمية في المراحل الدراسية من المروجين لها وعادة ما تكون الجرعة الأولى (مجانية) للترغيب وسرعة الترويج ذلك بهدف إفساد سلوك الفرد والأسرة والمجتمع وإحداث الفوضى، وانتشار الجريمة وهدم النسيج المجتمعي المترابط بين الأسر.
في الآونة الأخيرة زادت نسبة تعاطي المخدرات في السودان ويعتبر السودان أكبر منتج لمخدر (البنقو) في أفريقيا، وتعتبر منطقة “الردوم” بجنوب دارفور المنطقة الأولى في إنتاج البنقو ويزرع في مناطق وعرة جداً وتنظم الإدارة العامة لمكافحة المخدرات حملات سنوية لإبادة تلك المزارع.
أيضاً زادت نسبة تعاطي مخدر (الآيس) أو (الشبو) أو (الكريستال ميث) مؤخراً في البلاد وهذه المترادفات أسماء لمخدر خطير جداً يستهدف عقول الشباب والشابات في فئاتهم العمرية المختلفة .
لمكافحة المخدرات والحد من انتشارها لابد من التعرف عليها وتأثيراتها الجسدية والنفسية وخطورتها وقد تم تعريف المخدر بأنه مادة خام أو مستحضرة أو تخليقية تحتوي على عناصر منومة أو مسكنة أو منبهة أو مهلوسة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان ومسببة ضرراً نفسياً أو جسمانياً للفرد والمجتمع وتحرمها القوانين الوضعية.
تصنف المخدرات إلى مخدرات طبيعية مثل (البنقو) وشبه تخليقية مثل (الهيروين) وأقراص (الأمفتامين) المنشطة وتصنف حسب تأثيرها على الإنسان الى مهلوسات مثل (البنقو) منشطات مثل (الأمفتامين) ومهدئات مثل (المورفين).
المخدرات تؤثر بشكل كبير على جسد الإنسان وعقله وقد تؤدي إلى الوفاة وتدمير الخلايا، أيضاً تؤثر تأثيراً كبيراً على الجنيـن خلال فترة الحمل ويترتب عليه أن الأطفال يولدون مصابين بأمـراض وتشوهات مختلفة.
المخدرات تؤثر على نمط العلاقات بين الزوجين فيكثر الشجار بينهـما مما يفقد الطفـل الشعور بالأمان ويصبح فى وضع متأرجح يملؤه الخوف على مصيره والقلق والإحسـاس بالضياع، وقد يؤدي ذلك إلى تعاطيه المخدرات في سن مبكرة.
بجانب تأثيرها الكبيرة على مقدرات البلاد من خلال استنزاف طاقات الشباب والطلاب وعقولهم بعيداً عن الأطر الصحيحة التي من خلالها يمكن أن يسهموا في نهضة البلاد وبناء مستقبلها بالتالي فهي مهدد للفرد والأسرة والمجتمع.
المخدرات مهدد اقتصادي يدمر طاقات الشباب الجبارة التي يمكن الاستفادة منها في الإنتاج ومهدد اجتماعي يستهدف تفكيك النسيج المجتمعي بتفشي الجرائم بجميع أنواعها.
المخدرات تهدد الأسرة والمجتمع وتؤدي لارتكاب الجرائم والحرب والنزوح وتعطيل التنمية في البلاد.
عليه لا بد من تضافر الجهود المجتمعية ومساعدة السلطات الحكومية المختصة (الإدارة العامة لمكافحة المخدرات) من مكافحتها فالمسؤولية تكاملية يشارك فيها المسؤولون ومنظمات المجتمع المدني والأسر والمدارس والجامعات والأندية ومختلف الجهات التي يمكن أن تساعد على الحد من انتشارها وتلافي الأضرار التي تحدثها في الأسرة والمجتمع وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية.
ويهتم العالم بمكافحة المخدرات من خلال الاحتفال باليوم العالمي بالمخدرات والتي تعد خطراً داهماً يتربص الفرد والأسرة والمجتمع بالتعريف بها ومكافحتها.
وفي السودان لابد من تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية من الأسر ومنظمات المجتمع المدني والأندية الرياضية ومراكز الشباب والمساجد والخلاوي لمساعدة الجهات المسؤولة والمختصة لتنظيم ندوات إرشادية للتعريف بالمخدرات وخطورتها ومكافحتها والحد من انتشارها من خلال برامج التوعية ومحاصرة مروجي ومتعاطي المخدرات وملاحقة كافة العاملين في الاتجار بها وقد، بدأ فعلاً هذا التعاون من خلال إطلاق: هاشتاغ # (الحق ولدك) لمحاربة “مخدر الآيس
هناك جهود مقدرة للإدارة العامة لمكافحة المخدرات لتنفيذ خطتها الخاصة بتجفيف المنابع التي تأتي منها المخدرات وتخفيف الطلب عليها عبر قطع الطرق على مهربي المخدرات في مناطق الحدود والمعابر ووضع رقابة في المطارات والموانئ للحد من تهريب المخدرات إلى داخل البلاد.
جدير بالزكر حققت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالتنسيق مع جهاز المخابرات العامة إنجازاً كبيراً اليوم من ضبطهما مصنع خاص بإنتاج حبوب مخدر (الكبتاجون) ودخوله البلاد من إحدى دول الجوار وتوقيف متهمين وهذا المصنع الذي تم ضبطه ينتج حوالي (7200حبة/الساعة) حسب التقارير الصحفية في الوسائط الإعلامية.
إذا استمرت الجهود الرسمية والمجتمعية معاً في التعاون لمكافحة المخدرات وملاحقة التجار والمروجين والقبض عليهم مع الأحكام القضائية الرادعة للتجار والمروجين والمتعاطين للمخدرات مع تكثيف الإرشاد للشباب من الجنسين والمجتمع بكل فئاته تخلو البلاد من المخدرات ويستفاد من الطاقات المهدرة في التحصيل الأكاديمي والإنتاج وتحسين الاقتصاد وتقل الجرائم ونحافظ على النسيج المجتمعي من التفكك.