ورشة الإصلاح العسكري…هل يتحقق حلم الجيش الواحد؟
البرهان: الجيش يجب أن يخضع لسلطة مدنية
دقلو: الإصلاح الأمني ليس نشاطاً سياسياً ولا يخضع لأجندة سياسية
فولكر: مفهوم الإصلاح يشمل مواكبة التطورات العالمية
خالد عمر: السودان بحاجة لإعادة بناء شاملة تقضي على الاستبداد
وسط انتظار وترقب السودانيين تحقيق حلم طال انتظاره، حلم جيش وطني موحد بعيداً عن السياسة، تحت قيادة مدنية ديمقراطية، انطلقت بقاعة الصداقة في الخرطوم أمس، أعمال ورشة الإصلاح العسكري والأمني، وهي الورشة الأخيرة من بين 5 ورش لمؤتمرات المرحلة النهائية للعملية السياسية، تم الاتفاق عليها ضمن متطلبات الاتفاق الإطاري السياسي الموقع بين المدنيين والعسكريين في ديسمبر الماضي.
وتناقش خلال أربعة أيام قضايا الإصلاح في المنظومة العسكرية والأمنية بما يقود لجيش واحد مهني وقومي، والترتيبات الأمنية وإصلاح جهازي الشرطة والمخابرات، وتصب توصيات الورشة في الاتفاق السياسي النهائي.
وأكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان؛ أن بلاده تعتزم بناء جيش لا يتدخل في السياسة، وقال إننا نريد بناء قوات مسلحة بعيداً عن السياسة والمشاركة في أي أعمال داخلية، ما لم تطلب الحكومة، وقال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو: إن عملية الإصلاح الأمني والعسكري ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية كجزء من إصلاح الدولة، وأن الوصول لجيش واحد هدف الجميع.
ويشارك في الورشة ممثلو القوات النظامية والقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح، ومتقاعدو القوات النظامية وطيف من المختصين الوطنيين.
التزام بمعايير الديمقراطية
أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الالتزام التام بالانحياز لأهداف التغيير وتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة.
وقال – لدى مخاطبته أمس ورشة الإصلاح الأمني والعسكري – لن نقف حجر عثرة في سبيل إصلاح الدولة السودانية مبيناً أن الإصلاح الأمني والعسكري عملية طويلة ومعقدة ولا يمكن تجاوزها بسهولة ويسر، وقطع بأن العملية السياسية عملية سودانية خالصة وضع أسسها السودانيون، وأضاف.. أن القوات المسلحة مرت بتجارب عديدة منذ نشأتها التي تقارب المائة عام، وقد شهدت خلالها تقلبات كثيرة انعكست على أدائها ومشاركتها في العمل السياسي.
وأضاف رئيس المجلس السيادي “نريد أن نبني قوات مسلحة ملتزمة بمعايير الأنظمة الديمقراطية” وقال: إن للقوات المسلحة تجارب في الإصلاح يمكن البناء عليها، وقال: إنه يجب النظر لمفهوم الإصلاح نظرة فاحصة، داعياً الشركاء في هذه الورشة للإلمام التام بقانون القوات المسلحة وكيفية استنباط العقيدة العسكرية، بجانب الاستراتيجية القومية الشاملة، وذلك حتى نتمكن من وضع الأسس التي نتشارك فيها جميعاً لبناء قوات مسلحة سودانية مهنية بعيدة كل البعد عن العمل السياسي؛ تضطلع بمهام حماية الدولة السودانية وصون أمنها واستقرارها، وعدم الزج بها في أي معترك يخص الأمن الداخلي أو المشاركة في أي أعمال داخلية، ما لم تطلب الحكومة التنفيذية منها ذلك.
وأكد البرهان أن القوات المسلحة ستكون تحت إمرة أي حكومة مدنية منتخبة بأمر الشعب. وقال إن هذه فرصة مواتية لوضع أسس الإصلاح الأمني والعسكري وكل أجهزة الدولة المختلفة خاصة الأجهزة الشرطية وأجهزة العدالة.
ودعا الفريق أول البرهان الممانعين للعملية السياسية للانضمام إليها باعتبار أن ما يطرح فيها هو طرح سوداني خالص شارك الجميع في صياغته وهو يلبي طموحات الشعب السوداني ويخدم أهداف التغيير والتحول الديمقراطي.
وناشد رئيس مجلس السيادة رئيس الحركة الشعبية شمال عبدالعزيز الحلو ورئيس حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور للانضمام لعملية البناء باعتبار أن السودان يمضي بخطى حثيثة لوضع أسس حقيقية لبناء دولة ديمقراطية حرة.
تطوير ومواكبة
وقال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو إن عملية الإصلاح الأمني والعسكري ليست مهمة سهلة، لكنها ضرورية كجزء من إصلاح الدولة، وأن الوصول للجيش الواحد هدف الجميع.
وأكد أن الإصلاح الأمني والعسكري ليس نشاطاً سياسياً، ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية، فهو عمل وطني مرتبط بالأهداف العليا للبلاد، قبلناه برضاء ووعي كاملين، مستفيدين من التجارب الإنسانية في محيطنا الأفريقي والعربي والعالم.
وقال دقلو – لدى مخاطبته أمس بقاعة الصداقة ورشة الإصلاح الأمني – هناك الكثير من النماذج والأمثلة في عمليات إدماج الجيوش، والتي تأتي غالباً في ظروف مختلفة عن الواقع السوداني كما هو الحال في تجارب جنوب أفريقيا والفلبين وزيمبابوي وناميبيا وغيرها من البلدان، يجب علينا الاستفادة من هذه التجارب، مع الأخذ في الاعتبار، الفوارق الكبيرة بين جيوش تلك البلدان، بجانب حالة قوات الدعم السريع، التي أنشئت وفق قانون، نظم عملها وحدد مهامها، مؤكداً أن عملية الإصلاح الأمني والعسكري تحتاج إلى تطوير ومواكبة في التشريعات والقوانين، وهذه مهمة مؤسسات مدنية مثل وزارة العدل والمجلس التشريعي.
مشدداً على ضرورة إصلاح يشمل أجهزة الدولة كافة، مؤكداً التزام قوات الدعم السريع بالانحياز التام للتحول الديمقراطي
ودعا القوى السياسية إلى الخروج من السِجال السياسي؛ لجهة أنه لا سبيل لضوضاء الهتافات والشعارات في عملية فنية معقدة وحساسة، غالب أجزائها يجب أن يعالج خلف غرف محكمة الإغلاق.
وأشار إلى أن بلوغ النجاح في إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، مرتبط بالأهداف السامية، وهي ترفيع وتعزيز الأمن القومي السوداني ومؤسساته، بعيداً عن أية أجندة أو منافسة سياسية.
وقطع بأن المدخل لإعادة البلاد من حالة التوهان السياسي والاقتصادي الذي تعانيه، هو الحل السياسي الجاري الآن، من أجل توافق السودانيين على كلمة سواء.
وبحسب قائد الدعم السريع أن، الورشة تمثل ختام ورش القضايا العالقة، التي تفضي إلى الاتفاق السياسي النهائي، وبالتالي نحتاج للتركيز على الغاية الأسمى لهذه العملية السياسية، وهي فتح طريق النهضة أمام الشعب.
جيش موحد
وشدد رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان، ممثل الآلية الثلاثية فولكر بيرتس؛ على أن الهدف من ورشة الإصلاح الأمني والعسكري هو إصلاح الأجهزة الأمنية ودمج الجيوش، مشدداً على أن مفهوم الإصلاح يشمل مواكبة التطورات العالمية في الجانب العسكري.
و أكد أهمية وجود جيش سوداني موحد وحديث، لخدمة الوطن والمواطنين يتماشى مع التحول الديمقراطي والمدني.
وقال فولكر أنا سعيد أن أكون بينكم لافتتاح ورشة الإصلاح الأمني والعسكري والجهود المبذولة من أصحاب المصلحة لتحقيق مقاربة بين الأطراف، وذكر فولكر أن نقاط التوافق في العملية السياسية بين المكونات العسكرية تفوق نقاط الخلاف مما قد يسهم في تذليل العقبات أمام الاتفاق السياسي .
ودعا فولكر الأطراف غير الموقعة الى اللحاق بالعملية السياسية، وقال إن ذلك يحتاج إلى مرونة، معتبراً أن اتفاق سلام جوبا مرجعية لعملية الإصلاح الأمني.
من جانبه قال ممثل الاتحاد الأوروبي إن ورشة الإصلاح الأمني والعسكري ترسل رسالة واضحة عن تقدم العملية السياسية للأمام نحو الحكم المدني، مضيفاً أن عملية إصلاح القطاع الأمني عملية طويلة، وأشار إلى أن الإصلاح الأمني والعسكري من أهم القضايا التي تواجه السودان، مبيناً أن بدون الإصلاح لن يستطيع السودان أن يحقق السلام والاستقرار.
تناغم ووحدة
وبدوره، قال الناطق باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف: إن هناك جهات تعمل على إحداث الوقيعة بين المدنيين والعسكريين من أجل إضعاف البلاد وتقسيم الصف المدني.
وأضاف يوسف في افتتاح أعمال ورشة الإصلاح الأمني والعسكري أن السودان بحاجة لإعادة بناء شاملة تشمل كافة مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني تقضي على إرث الاستبداد وحكم الحزب الواحد، وأكد أن الإصلاح الأمني والعسكري ضرورة مرحلية كأحد أهم عناصر البناء والإصلاح المؤسسي بالدولة التي تخدم التحول الديمقراطي وبناء الدولة المدنية.
مضيفاً أن مشروع التحول السياسي الذي يجمعنا يمضي في تناغم ووحدة، كما أن القوى السياسية خاضت نقاشات جادة مع القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، اللتان تحلّتا بشجاعة كبيرة للعبور بالبلاد إلى مسار التحول المدني والديمقراطي وبناء دولة مدنية وإصلاح ودمج وتحديث المنظومة العسكرية، مؤكداً سعي القوى السياسية الموقعة للوصول للرفقاء الذين لم يوقعوا على الاتفاق الإطاري وإقناعهم بذلك.
وأشاد خالد بالدور الإقليمي والدولي الذي تعاطى مع القضية السودانية دون المساس بثوابت البلاد والتدخل في شؤونها؛ معتبراً أن الورشة تجيء وسط تحديات كبيرة تمر بها البلاد. وضمت كافة العسكريين المدنيين، مشيراً إلى أنهم جميعاً حريصون على مصلحة الوطن.
عنصر حيوي
ومن جهتها رحبت المجموعة الرباعية والترويكا (النرويج، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية) بافتتاح ورشة العمل الخامسة والأخيرة من المرحلة النهائية للعملية السياسية.
وأكدت الرباعية خلال مخاطبتها ورشة إصلاح قطاع الأمن، أن معالجة القضايا القانونية والدستورية والسياسية حول دور القوات المسلحة وقوات الأمن الأخرى هي عنصر حيوي في أي انتقال من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية.
وشدد على ضرورة أن يختار السودان طريقه الفريد، وأن تشمل الرؤية الواضحة التي تتقاسمها جميع الأطراف؛ تقييماً واقعياً للأطر الزمنية والقدرة على تحمل التكاليف.
وترى أن ورشة العمل مجرد بداية لعملية، ولا يمكن توقع الخروج بخطط مفصلة طويلة الأجل.، داعية إلى التركيز على بناء الحد الأدنى من توافق الآراء حول كل من الرؤية طويلة الأجل، والخطوات التالية الفورية بعد إنشاء حكومة انتقالية جديدة بقيادة مدنية. وأكدت الرباعية استعدادها لتقديم الدعم التقني، مع احترام القيادة السودانية.