الاتفاق النهائي.. للتأجيل أكثر من سبب

أطراف العملية: السادس من أبريل توقيع الاتفاق النهائي
جبريل إبراهيم: الدمج من العوامل التي تحول دون التوقيع على الاتفاق
الفاتح محجوب: أي ميعاد جديد للتوقيع لا قيمة له دون حل المشاكل
الخرطوم: فاطمة مبارك
لم تتفاجأ الأوساط السياسية بتأجيل موعد التوقيع على الاتفاق النهائي، فكل المؤشرات كانت تدل على عدم إمكانية الالتزام بهذه المواقيت على ضوء انسحاب القوات المسلحة من الجلسة الختامية لورشة الإصلاح الأمني والعسكري والقضايا الشائكة التي لم تصل فيها الأطراف المدنية والقوات المسلحة لحلول متفق عليها، إضافة إلى قضايا أخرى متعلقة بمسألة توسيع المشاركة والتباين بين مركزي التغيير والكتلة الديمقراطية حول مسألة من يشارك، كما يبدو أن هذه التواريخ أعلنت من دون أن يكون هناك توافق كامل حولها.
تأجيل التوقيع
وبحسب تصريحات الناطق الرسمي للعملية السياسية خالد عمر يوسف أنه تعذر توقيع الاتفاق النهائي في ميقاته لعدم التوصل لتوافق حول بعض القضايا العالقة، ولفت إلى أن جميع الأطراف ستواصل نقاشها، لتجاوز العقبات الأخيرة في طريق الوصول لاتفاق يسترد مسار التحول المدني الديمقراطي، وانعقد ظهر أمس في القصر الجمهوري اجتماع ضم الفريق أول عبدالفتاح البرهان والفريق أول محمد حمدان دقلو وقادة القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري والآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي والإيقاد وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة “يونتامس، حددت أطراف العملية السياسية السادس من أبريل الجاري موعداً لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي.
عقبات وتحديات:
ظل الاتفاق الإطاري منذ ميلاده في الخامس من ديسمبر يواجه إشكالات وتحديات كبيرة حول قضايا جوهرية ومع تنظيمات وأحزاب تعتبر نفسها جزءاً من معادلة المرحلة الانتقالية، وفشلت كل الأطراف خلال الفترة الماضية بما فيها الآلية الثلاثية والاتحاد الأفريقي في تجاوز هذه العقبات والوصول الى توقيع الاتفاق النهائي، بسبب الصراع الحاد بين القوى الموقعة على الإطاري والقوى الرافضة للتوقيع، بحجة أنه يمثل شريحة سياسية محددة، وزادت المواجهات الإعلامية من توسيع شقة الخلاف، وأدت إلى تعبئة سالبة تسببت فيها كل الأطراف الموقعة وغير الموقعة، شملت القطاعات القبلية والجهوية.
وفي خضم هذا الجو السياسي المشحون، برزت خلافات بين العسكريين (الجيش والدعم السريع) في ختام ورشة الإصلاح الأمني والعسكري حول مسألة الدمج، وأدى ذلك لتعقيد مسار الاتفاق النهائي وتباعد المسافات بين القوى المدنية الموقعة وقيادة الدعم السريع وبين القوات المسلحة، خاصة أن أطراف العملية السياسية كانوا قد أعلنوا جداول التوقيع على الاتفاق النهائي الذي حدد له الأول من أبريل، فيما حدد السادس من أبريل لتوقيع الدستور الانتقالي والحادي عشر من أبريل لتشكيل الحكومة الانتقالية.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تشدد فيها قيادة الجيش على مسألة دمج الدعم السريع رغم أن الوثيقة، هناك رسائل ضمنية بعث بها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، كانت تشير بوضوح الى عدم توقيع القوات المسلحة على الاتفاق دون أن يتم استيعاب بعض التعديلات هذه المؤسسة، ومن بين هذه الرسائل اشتراط البرهان قبل ذلك استمرار القوات المسلحة في الاتفاق الإطاري بدمج الدعم السريع في القوات المسلحة، رسالة أخرى كان قد دفع بها في الجلسة الافتتاحية لورشة الإصلاح الأمني والعسكري، حينما نوه في كلمته إلى أنهم يريدون تمكين سلطة منتخبة لتكون القوات المسلحة تحت إمرتها، بينما نصت الدستورية الجديدة على أن تكون القوات المسلحة تحت إمرة رأس الدولة المدني.
توصيات:
هناك تسريب متناقل في مواقع التواصل الاجتماعي قيل أنها بعض البنود التي وردت في ورقة القوات المسلحة ولم تدرج ضمن توصيات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، طالبت فيها بأن يتم الدمج والتحديث خلال الفترة الانتقالية التي تمتد لعامين، وتسريح كافة ضباط الدعم السريع الذين تم تعيينهم وترقيتهم بعد ١١ أبريل ٢٠١٩م، وإخضاع ضباط الدعم السريع السابقين لمعايرات الكلية الحربية حول شروط الالتحاق ومن بينها اللياقة الطبية، والنفسية والحصول على الشهادة السودانية بنسبة 60% فما فوق، ووقف التجنيد وفتح المعسكرات الجديدة ووالانفتاح والانتشار إلا بالتنسيق مع الفرق العسكرية ووحدات القوات المسلحة ابتداءً من بداية توقيت مصفوفة الدمج والتي ستبدأ مع بداية التوقيع على الاتفاق النهائي، وإلغاء كافة التعديلات اللاحقة لقانون الدعم السريع ٢٠١٧م والتي أضيفت بعد أبريل ٢٠١٩م، وإخضاع استثمارات وشركات الدعم السريع لولاية وزارة المالية، ووقف التعاقدات الخارجية وحصر تزويد القوات بالمهمات العسكرية والتسليح والذخائر من القوات المسلحة، حظر النشاط السياسي والالتزام بخروج العسكريين من العمل السياسي، تفكيك البنية القبلية للقوات التي أنتجها التجنيد الجماعي للأفراد والمجموعات الإثنية لضمان قومية القوات وفقاً لقانون تأسيسها.
وبالموازاة نشرت ”دارفور24“ ورقة الدعم السريع التي قدمها في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، ضمن قضايا الاتفاق الإطاري الخمس، ووفقاً لدارفور ٢٤ أوصت الورقة بتجريم الانقلابات العسكرية، وضرورة الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية، وإخضاع ميزانية الدفاع للمراجعة والمساءلة من البرلمان، ومراجعة وتطوير العقيدة العسكرية.
ووضعت الورقة عدداً من المطلوبات؛ اعتبرتها ضرورية لعملية الإصلاح؛ جاء في مقدمتها، تصفية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع من عناصر النظام السابق وأصحاب الأيدولوجيات، إشراك ضباط الدعم السريع في كافة مشاريع تحسين بيئة العمل أسوة بزملائهم من القوات المسلحة، وتحسين شروط الخدمة في صناديق التكافل، والتمارين العسكرية كافة، في شؤون ومصالح الدولة الخارجية.
واعتبرت الورقة مراجعة مناهج الكلية الحربية أمر ضروري لعملية الإصلاح عطفاً على الإصلاح القانوني والهيكلي وتحسين شروط الخدمة.
وأشارت إلى أهمية التدريب والتأهيل والتهيئة النفسية لعناصر المؤسسات العسكرية لقضايا التحول الديمقراطي والمرحلة الجديدة.
الدمج ليس وحده:
وبالنظر للتوصيات المقدمة من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يتضح التباين الكبير في وجهات النظر حول موضوع إصلاح المؤسسة العسكرية، وهذا الاختلاف يعتبر أكبر مهدد للعملية السياسية برمتها والتوقيع على الاتفاق النهائي، إضافة إلى ذلك يواجه الاتفاق النهائي إشكالات أخرى تتعلق بموضوع توسيع المشاركة ما يعني أن مسألة الدمج قد تكون ليست القضية الوحيدة التي أدت للتأجيل وفي هذا الإطار يقول القيادي بالكتلة الديمقراطية رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم إن الدمج جزء من العوامل التي تحول دون التوقيع على الاتفاق، وأضاف في مقابلة مع قناة الحدث: الشعب السوداني، والقوى السياسية، والقوى النظامية لهم رأي سالب تجاه ما يجري، وقراءة هذا الواقع ربما جعل المقدمين على الاتفاق يترددون في مواقفهم.
ورفض حصر أسباب تأجيل التوقيع، في قضية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وأكد جبريل أن تأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي، يساهم في خلق قدر أكبر من التوافق بين المكونات السياسية، ويعطي فسحة لجهود تقريب وجهات النظر.
كذلك أعتقد مراقبون كثر أن عملية دمج قوات الدعم السريع لم تكن القضية الوحيدة التي أدت إلى تأجيل توقيع الاتفاق النهائي، إذا نظرنا لتوصيات كل من القوات المسلحة والدعم السريع، ولفتوا لوجود خلاف آخر لم تصل فيه الأطراف لاتفاق مرتبطاً بعدد أعضاء البرلمان وحول هل تكوين المجلس السيادي يكون من شخص أم من عدة أشخاص، وفي السياق ما زالت هناك قوى مشاركة في التغيير وموقعة على اتفاق جوبا خارج مظلة الإطاري وتهدد بإسقاط الحكومة الجديدة حال تكوينها، وقوى بشرق السودان نفذت عملية إغلاق الشرق ليوم أمس وهناك جداول لمواكب خلال شهر أبريل أعلنتها لجان المقاومة رفضاً لهذا الاتفاق، وبالمقابل يجد الاتفاق الدعم والمساندة من قوى خارجية، حيث لم يكن اتصال مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الأفريقية مولي فيي بالقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بعيداً عن موضوع تعثر هذا الاتفاق وقد تكون هناك ضغوط مورست لدفع الجيش للتوقيع، كذلك يجد الاتفاق الدعم من الآلية الثلاثية والاتحاد الأفريقي والإيقاد، والسؤال: هل ستنجح الأطراف الخارجية في حمل الأطراف المختلفة للتوقيع، والى أي مدى يمكن الإيفاء بالمواقيت الجديدة والصمود في وجه المعارضين.
المواقيت فكرة غير صائبة:
وبدوره يرى الخبير والمحلل السياسي الفاتح محجوب أن تحديد موعد للتوقيع النهائي على اتفاقية تكوين الحكومة الانتقالية، فكرة غير صائبة ولم تتوقف عندها أطراف الاتفاق الإطاري ولا المجموعة الأخرى أي الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير بقيادة السيد جعفر الميرغني.
بيد أنه قال لـ(ليوم التالي): بالرغم من أن التوقيع مرتبط بالتوافق حول بعض القضايا الأساسية، لكن يصعب التكهن بنجاحه أو فشله وأوضح أن الاتفاق يحتاج لتوصل العسكر لتوافق واضح حول كيفية دمج الدعم السريع في الجيش السوداني حتى تكون العملية السياسية ناجحة وتتمكن من تكوين حكومة انتقالية توافقية بانضمام الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير وإلا ستواجه الحكومة الانتقالية تحديات كفيلة بإسقاطها مثل إغلاق الموانئ والطرق القومية والتظاهرات وتتريس الشوارع، ودعا الفاتح لإنجاز التوافق السياسي قبل تحديد موعد جديد للتوقيع على اتفاقية تكوين الحكومة الانتقالية الجديدة.
وقال: أي ميعاد جديد للتوقيع لا قيمة له من دون حل المشاكل العالقة وسيفشل في التحول الى واقع.
عورة الإطاري:
من جانبه انتقد للواء محمد نعمة الله صدور قرارات ورشة الإصلاح الأمني والعسكري قبل نهاية الورشة وقال: هذه الخطوة كشفت عورة الإطاري والعملية السياسية واصفاً الإطاري بالفاشل وفقاً لتعبيره، وجزم اللواء في حديثه لـ(ليوم التالي) بأن الرأي النهائي في هذه المسائل للقوات المسلحة حتى إذا وقع البرهان وحميدتي، وهذه التوصيات تخصها وبعد أن تقرر لن يكون هناك توقيع بدون فتح الإطاري وتوسيع العملية السياسية للجميع، وأعتقد أن ما دار في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، الهدف منه تفكيك القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، متهماً فولكر بسعيه لتحقيق هذ الهدف، وتحدى محمد نعمة الله أحزاب المركزي بالخروج للشارع في المركز والولايات للتبشير بالاتفاق، وحملها مسؤولية ضياع أكثر من أربع سنوات من عمر السودان دون أن تقدم شيئاً للوطن والمواطن، وأشار إلى أن الجيش ومركزي التغيير لا يلتقيان والجيش لن يسلم السلطة إلا لسلطة منتخبة.

 

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...