التمسك بدمج الدعم السريع…هل يعصف بالاتفاق النهائي؟
أمين مجذوب: إن لم يتم إنهاء الدمج لن يكون هناك توقيع اتفاق نهائي
عمر أرباب: تمسك الجيش بالدمج محاولة ضغط لتحقيق مكاسب
أسمهان اسماعيل: الاتفاق يمضي متعثراً وقد يصل طريق مسدود
الخرطوم: محجوب عيسى
بعد ظهور بوادر انفراج الأزمة السياسية في البلاد، وإعلان جداول التوقيع النهائي وتشكيل الحكومة خلال الشهر الجاري، ولم يتبق سوى انتهاء ملف دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة؛ بغية تكوين جيش وطني موحد، إلا أن اللجنة الفنية فشلت للوصول لرؤية موحدة بشأن ملف دمج الدعم السريع في القوات المسلحة، رغم تواصل اجتماعات اللجنة الفنية بين الطرفين، فهل تمسك القوات المسلحة بدمج الدعم السريع يعصف بالاتفاق النهائي؟
تباينت آراء متحدثين لـ(اليوم التالي) فالبعض يرى أن التوقيع على الاتفاق النهائي مرهون بالدمج، وإن لم يتم إنهاء ملف الدمج؛ فلن يكون هناك توقيع اتفاق نهائي، وآخرون اعتقدوا أن تمسك الجيش لن يعصف بالعملية السياسية.
محاولة ضغط
واستبعد الخبير في الشؤون العسكرية عمر أرباب تعثر المفاوضات لدرجة إفشال العملية السياسية، وأضاف لـ(اليوم التالي).. ليس هناك خيار للطرفين سوى الوصول لاتفاق، وأن التعثر يؤخر الاتفاق لا أكثر.
وقطع أرباب بأن المجلس المركزي لن يكون وسيطاً مباشراً في حال تعثرت المفاوضات بين الطرفين، لأنه محسوب على أحد أطراف الصراع، واستدرك.. يمكن أن يكون بصورة غير مباشرة، مشيراً إلى أن الوساطة الدولية تقوم بمهمة تقريب وجهات النظر.
وحول تمسك الجيش بدمج الدعم السريع قال عمر إن حديث الناطق الرسمي يعتبر محاولة للضغط لتحقيق مكاسب أكبر؛ من خلال التفاوض، وقطع بأن تمسك الجيش بالدمج لن يعصف بالعملية السياسية، وتساءل: إلى أي مدى يمكن أن تصمد العملية السياسية نفسها، وتستطيع تحقيق مطالبها وبلوغ غاياتها.
مشكلة أكبر من الدمج:
فيما قال الخبير الاستراتيجي الفاتح عثمان، إن قادة الجيش وافقوا على الاتفاق الإطاري لأنه تحدث بوضوح عن دمج الدعم السريع في الجيش السوداني، وأضاف.. لذلك هم غير راغبين في التوقيع على الاتفاق السياسي دون الاتفاق على جدول ملزم وواضح لدمج الدعم السريع في الجيش، وأوضح أن تسليم السلطة التنفيذية مرهون بإنجاز مهمة الاتفاق على وضع جدول زمني محدد لدمج الدعم السريع في الجيش السوداني.
ويشير عثمان إلى وجود مشكلة؛ قال إنها أكبر من مشكلة دمج الدعم السريع في الجيش السوداني! تتمثل في عدم الاتفاق مع الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير بقيادة السيد جعفر الميرغني، وتابع.. وفق تهديداتهم سيقفلون الشرق والموانئ والشمال والغرب وكافة ولايات البلاد، ما يعني فشل أي حكومة تنتج عن الاتفاق السياسي.
وشدد على ضرورة تفاهم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي مع الكتلة الديمقراطية، لا سيما وأنه لا توجد خلافات حقيقية بين الطرفين؛ بل توجد عداءات شخصية بين بعض قيادات المجلس المركزي وبين بعض قيادات الكتلة الديمقراطية للحرية؛ ما يعني أن الطرفين إن قدما مصلحة الوطن يمكنهما التوصل لاتفاق تسوية سياسية جديدة، ويمكن لهما معا دفع الجيش والدعم السريع للتوصل لاتفاق وسط، يلبي هواجس الطرفين، وعندها فقط يمكن التوصل إلى التوقيع على الاتفاق السياسي؛ سواء بشكل جديد او الاتفاق الحالي.
ونوه إلى أن تمسك الجيش لن يعصف بالعملية السياسية، وذلك لأن الكرة لا زالت في ملعب المجلس المركزي وعليهم التعامل بمرونة للمضي قدماً بالعملية السياسية الجارية الآن لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية إلى موضع التنفيذ.
إنهاء ملف
غير أن خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية، اللواء ركن مهندس دكتور أمين إسماعيل مجذوب، يرى أن الاجتماع الذي تم بين الجيش والدعم السريع، خاص بالتوقيتات الجديدة؛ ولم يتم مناقشة أصل المشكلة دمج الدعم السريع داخل القوات المسلحة، وأضاف لـ(اليوم التالي).. من الوثائق التي قدمها الطرفان يبدو أن الهوة شاسعة بين الطرفين، وهناك اختلافات كبيرة في جهة النظر في الطلبات المقدمة، ورهن استمرار العملية السياسية بتقديم تنازل وثقة بين الطرفين حتى يحدث اتفاق في المهلة المحددة.
ويطالب بضرورة عقد إجماع مرة أخرى بكل الأطراف لمناقشة دمج الدعم السريع وليس التوقيتات الجديدة.
ووفق مجذوب؛ إن جوهر الأزمة كيفية دمج الدعم السريع ومراحلها والتوقيتات الدقيقة، بجانب الرئاسات؛ لأن هذه القضايا ربما تأخذ في النقاش وقتاً اطول.
ويوضح أن قضية دمج الدعم السريع في القوات المسلحة ملف حساس؛ به عقبات أبرزها أن الدعم السريع قوة مساندة للقوات المسلحة أنشئت بالقانون، لجهة أن الدمج بحاجة إلى إجراءات قانونية غير متوفرة وغير متاحة؛ لعدم وجود مجلس تشريعي.
ولفت إلى أهمية تشكيل مجلس تشريعي لإنهاء التشريع القانوني الخاص بقوات الدعم السريع، لأن الجداول التي يطالب بها قادة القوات المسلحة والدعم السريع أو الوسيط نتائج عملية فنية عسكرية مستمرة لا تنتهي في توقيت محدد.
وأشار إلى أن مقترح دمج في عامين حتى لا يخرج مرشحين للانتخابات لديهم جيوش سواء كان مرشحاً للرئاسة او مرشحاً للمجلس النيابي الجديد بعد الفترة الانتقالية، لا سيما وأن الانتخابات لا تقبل جيوشاً متعددة.
وأضاف.. هناك نقاط إدارية تحتاج إلى مراجعة، ويؤكد الفترة التي حددت غير كافية لحسم ملف الدمج، ويضيف.. إن لم يتم إنهاء هذا الملف لن يكون هناك توقيع للاتفاق النهائي، وإن لم يوقع في الاتفاق النهائي هذا يعني أن التسوية السياسية والانتقال الديمقراطي وتكوين الحكومة المدنية في كف عفريت، الأمر الذي يجعل الاندماج في المجتمع الدولي وإعفاء الديون عسير.
بركة الخلاف
ومن جهتها تقول الباحثة في العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، اسمهان اسماعيل لـ(اليوم التالي).. في حال تعثر المفاوضات بين الجيش والدعم السريع في عملية الدمج وعدم الوصول لاتفاق واضح ينهي الخلاف، قد يتدخل المجلس المركزي ليكون وسيطاً بين الطرفين.
وتضيف.. لا أظنه سيكون وسيطاً محايداً؛ لا سيما وأن بعض أعضائه يرون أن الدعم السريع سيكون نواة لجيش قومي موحد، علاوة على أن الوساطة لن تحرك ساكناً في بركة الخلاف بين الدعم السريع والجيش.
وتؤكد اسماعيل أثر تأخير التوقيع على الاتفاق النهائي لأن دمج الدعم السريع قضية جوهرية للجيش، حيث وضعها كشرط للموافقة على المضي قدماً في العملية السياسية والتوقيع النهائي.
وتشير إلى أن الاتفاق النهائي يواجه تحديات كبيرة من بينها عقبة دمج الدعم السريع في الجيش، والتي قد يتم فيها وفاق؛ ولكن بضغوط دولية، وسيمضي الاتفاق قدماً بعد أن يتعثر لفترة من الزمن وأن التحدي الأكبر يتمثل في المعارضة الشرسة ضد الاتفاق السياسي والتي تعتبر أكبر مهدد له، ولا يوجد أي حل غير توسيع قاعدة المشاركة ومعالجة نقاط الخلاف بين القوى المدنية المعارضة، وتابعت.. عدا ذلك سيمضي الاتفاق متعثراً وقد يصل إلى طريق مسدود.
فشل الوصول لرؤية
وفق مصادر (الشرق) أن اللجنة الفنية بين القوات المسلحة والدعم السريع ناقشت قضية الدمج فقط، وفشلت في التوصل لرؤية موحدة بشأنها، وأن الاجتماعات متواصلة للجنة الفنية بين القوات المسلحة والدعم السريع.
ويشير مراقبون إلى أن الخلافات بينهما، كانت حول المدى الزمني الذي تستغرقه فترة الدمج، إذ طالبت الدعم السريع فترة 10 سنوات من تاريخ التوقيع النهائي لإكمال عملية الدمج، فيما تمسك الجيش بفترة عامين فقط لإكمال تلك العمليّة الفنية.
وقد كان الورقة التي قدمتها قوات الدعم السريع في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، شددت على تجريم الانقلابات العسكرية، وعلى نأي المؤسسة العسكرية بنفسها عن التدخل في السياسة، علاوة على تطهير الجيش والدعم السريع من منسوبي النظام السابق، بجانب مراجعة مناهج الكلية الحربية.