زول سغيل

أما حكاية

إيهاب مادبو
* تابعت الحملة الشعواء التي قام بها أصحاب الامتيازات الثقافية الذين ما زالت تتقمصهم ثقافة أم درمان المصنوعة وكل ما سواها من منتوج ثقافي يجب أن يخضع لمعايير حقل أم درمان الثقافي.
* ومن قبل عانى كثيراً الفنان إبراهيم موسى أبا حينما ابتدع لونية إيقاع جديدة علمت على قولبه السائد من إيقاع أم درمان حينذاك فقامت ذات الحلقة الثقافية المسماة بثقافة الوسط بتأطير إيقاعه وفنه في لونية محددة ورفضت استيعابه بداخل حقلها الثقافي لأن ما تعارف عليه وقتها لا يسمح لثقافة الهامش باختراق سياج الأغنية السودانية.
* ولكن أبا بإصراره استطاع أن يفرض لونيته ذات الإيقاع المميز (المردوم) بأغنيات عبرت عن روعة الفنون الكردفانية وقد أحدث فتحاً موسيقياً للأجيال التي جاءت بعده مثل عبدالرحمن عبدالله وعبدالقادر سالم وصديق عباس.
* ومصعب عمر سومي (زول سغيل) فنان يسكنه الإبداع وحينما ضاقت به ذرعاً مواعين الثقافة خلق لنفسه فضاءً ثقافياً استطاع عبره أن يفرض نفسه بقوة ويقدم أعمالاً نالت استحسان قطاعات شعبية كبيرة لأنه لامس بفنه همومه قضاياهم وهبش بشكل مباشر بعض من المسكوت عنه في تفاصيل المجتمع وتقاليده.
* ولأنه لم يأتِ عبر بوابة معهد الموسيقى والمسرح أو أياً من بيوتات أم درمان المسماة بيوت الثقافة فاستل المتثاقفون سكاكينهم وبدأوا بنهش جسده وذبح أعماله الإبداعية التي فضحت زيف النفاق الاجتماعي، والسؤال ما هو الدور الذي لعبه من يغضبون ويرفضون، وتحديداً وعيناً أقصد النقاد والصحفيين ومن لهم إمكانية إنتاج مواد نوعية تؤدي لترتيب رأي عام مستنير.
* وإذا أردنا محاكمة أعمال درامية، ينبغي لنا معرفة ما هي الدراما وما هي فلسفتها؛ حيث لم تكن علاقة الإنسان بالدراما شيئاً جديداً، فهي منذ العصر اليوناني ومسرح أسخيلوس، وسوفوكليس، عندما كان المسرح وسيلة للتعلم والتخاطب، حتى بلغنا الدراما الحديثة التي صارت جزءاً من الحياة، تعيش تفاصيلنا اليومية، تتشابك مع واقعنا لتروي حكاياتنا، أحلامنا، هزائمنا، انتصاراتنا.
* ومع ذلك؛ فالعمل الفني لا يعكس الواقع حرفياً، لكنه يكشف المسار العام والخبايا والأسرار، ولكي يكون العمل ناجحاً لابد من إضفاء الإثارة، والتقاط مفارقات الواقع والشخوص، وتقديم العمل الفني في قالب من التشويق.
* وعليه فإن كتاب السيناريو يجتهدون على الورق في خلق شخصيات وبناء خطها الدرامي صعوداً وهبوطاً، وفق الطابع الكوميدي، أو التراجيدي، أو التراجوكوميدي، وللمبدع حق بناء شخصيات متعددة، تأتي من الواقع، لكنها ليست الواقع، ويمكن أن يتفاوت رسم الشخصيات بطريقة كريوكتورية، أو جعلها (سيوبر)، دون مبالغات تفسد الطبيعة الدرامية.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...