السودان وأثيوبيا موجبات التعاون وعزائم التنسيق
محمد حامد جمعة
المراقب لوضعية العلاقات السودانية . يلحظ بشكل غير خفي أنها قد تتوتر او تصاب بخمول او بعض حدة وربما احيانا الخلافات العلنية لكن بالمقابل فكل ذلك يظل وبحرص من الجانبين غير متجاوز لنقطة اللا عودة او القطيعة الكاملة . كما تلاحظ ان التطورات السياسية لا تنحدر بذات القدر للمستويات الشعبية التي تظل دوما خارج تاثيرات المواقف الرسمية للحكومات على اختلاف انظمة الحكم وهذا ما قد يفسر بشكل ما وضعية التحكم في الخلافات والتباينات مع ثبات المواقف السودانية بشكل اكثر وضوحا على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لاثيوبيا رغم ارتباط تواريخ الاخيرة بإيواء معارضات وتنسيق اعمال عسكرية على فترات سابقة على الاقل وقبل شكل المنظومة الحالية الحاكمة بأديس ابابا وان كانت لم تهمل بقدر ما رعايات ما
2
بعد التغيير الذي حدث بالسودان _ أبريل 2019_ كانت اثيوبيا من الدول المجاورة التي تلقت تنويرات بشأن ما حدث أجراها الفريق جلال الدين الشيخ الذي هبط اديس ابابا مع بدايات المسالة بايام والتقى رئيس الوزراء الاثيوبي الحالي ابي احمد حيث عرض الاخير كامل دعمه واعلن إستعداده لكل شي يسهم في استقرار السودان ودعم المرحلة الجديدة . بعدها كانت أثيوبيا من الفاعلين في مشروع مفاوضات المدنيين والعسكريين التي افضت للاعلان الدستوري والوثيقة الدستورية من خلال المبادرة الافريقية التي هي بالاساس اثيوبية ووسعت ربما لكف أذى عين اطراف اقليمية في المسرح السوداني وقتها . وتبعا لهذا ومع بداية إبحار المرحلة الانتقالية وحتى منتصف 2020 كانت علاقة البلدين إيجابية التفاصيل حتى تفجر قضية الفشقة واهتزاز المواقف السودانية في ملف سد النهضة وهي العوامل التي اصابت العلاقات ببعض الاشكالات التي رغم حدتها أحيانا ظلت ضمن المضاغطات بين البلدين ولم ترقى لدرجة تصرف احمق على المستوى الدبلوماسي الرسمي او الشعبي رغم تأثر الاخير ببعض ارتدادات هذا التوتر
3
شكلت تطورات الاحداث في تقراي بدء من نوفمبر 2020 عامل اضافي في تسخين اجواء مسارات التواصل خاصة بعد ان تزامنت مع انتشار للجيش السوداني على مساحات اوسع داخل اراضيه وعلوق ملف سد النهضة بين مصر والبلدين في تجاذبات فسرت اثيوبيا على هناك مواقف عدائية ضد المشروع انخرط فيها السودان موالاة لمصر وهو الاسقاط الذي تم تنزيله حتى على قضية الفشقة . ورغم هذا يجب الاقرار بان السودان في ملف تقراي التزم الحياد الكامل وابعد نفسه بشكل صريح عن الازمة الداخلية الاثيوبية عدا سماحه للاجئن الاثيوبين بدخول اراضيه وان التزم بشكل صارم بعدم تجاوزهم معسكرات اللجوء للداخل . لكن مع تحولات وضع المسرح العملياتي في تقراي بوضعية لصالح المجموعة الخارجة على حكومة اديس ابابا صارت هناك محاولات لربط السودان بذلك التحول وان كان الامر في شكل تلميحات لم ترقى للاتهام الصريح
4
قد يكون التجاذب في هذا العرض العاجل _ الى حين تفصيل _ مرده من الجانبين الاهتمام بالتكتيك المرحلي اكثر من استراتجية نهائية . فكل من الخرطوم واديس ابابا يشتركا في ان معطيات التفاهم والتنسيق والسلامة المشتركة افضل للجانبين . لان خلوص السودان لتخاشن مباشر مع اثيوبيا ستكون عواقبه باهظة خاصة في ازمة تقراي وبالمقابل للسودان ظروف انتقال وتعقيدات داخلية خاصة في شرق السودان . تلزمه بعدم المجازفة بدخول عراك اقليمي له امتدادات على السودان وتحالفاته وبالتالي فمن الواضح ان البلدين يمارسا الضبط المتبادل على الاقل الى حين بروز رؤية واضحة بناء على معطيات كل طرف وتقديرات ظرفه الداخلي والخارجي