لعلى أكون من ضمن الذين خاضوا معارك عدلية وقضائية شرسة ضد النظام السابق؛ مكنتنى من تلمس مخاطر التدخل السياسى على سير العدالة والدور الذى يمكن أن يلعبه ذلك فى تحويل مسار الدولة الى منعرجات الدولة الفاشلة ؛ ولعله من الواجب التنبيه إلى مطبات الطريق فقد رأيت بالأمس ومن خلال مؤتمر صحفى لجنة ذات صبغة سياسية تقرر وتعلن فصل سبعة قضاة من المحكمة العليا؛ ولأدلل على أبعاد ذلك ساستعين بكلمات من رصيد الحكمة الإنجليزية المعطون بالتجارب؛ فقد إختذلت المعنى بكلمات خالدة وهى تقرر:
“أن العدالة لا يجب فقط أن تطبق .. ولكنها يجب أن ترى وهى تطبق
Justice should NOT only be done, but it should be seen to be done.
على صعيد آخر ومن خلال لقاء تلفزيونى أمس الأول ذكر السيد محمد الفكى عضو مجلس السيادة بصفته نائب رئيس لجنة إزالة التمكين أن اللجنة لها تواصل خارجى عبر وزارة العدل مع منظمات وصفها بالكبري وذات طبيعية بوليسية سرية استخبارية….السؤال الذى يطرح نفسه لماذا تتواصل اللجنة مع هكذا جهات استخبارية؟ وهل تملك اللجنة سلطة هذا التواصل؟ وهل وزارة العدل هى الجهة المناط بها إجراء إتصالات مع تلك الجهات؟
أجهزة الاستخبارات معلوم أنها جهات تعمل فى الظلام ولو أحسنا الظن لقلنا أنها جهات تعمل فى الخفاء، والتعامل معها يقتضى الماما ومعرفة بمن تتواصل معه، وماهى غايتها من ذلك التعامل؟ وكيف تؤمن نفسك ومصادرك وانت تتعامل معها؟ لكل ذلك فان المتعارف عليه بين الدول أن أجهزة الاستخبارات تتعامل معها رصيفتها فى الدولة لأنها تعلم مقدار ومصداقية معلوماتها، ثم أنها تعرف كيف تتعامل معها دون أن تكون فريسة لها وهذه أبجديات مطلوبات التعامل مع أجهزة الاستخبارات.
ثم ماهى طبيعة المعلومات التى تود اللجنة الحصول عليها من جهة استخبارية أجنبية يمكن ان تفيدها فى طبيعة عملها المتعلق بإزالة التمكين؟ وهل عجزت الأجهزة المحلية عن مدها بهذه المعلومات؟ وعلى صعيد آخر يعلم الجميع أن وزارة العدل يحكمها قانون يحدد واجباتها واختصاصاتها وليس من بين ذلك التواصل مع أجهزة الاستخبارات العالمية! فوزارة العدل ليست معنية بإجراء التحقيقات والتحريات حول ما يمكن اعتبارها أفعال إجرامية تشكل مخالفة للقانون، تلك وببساطة سلطة النائب العام.
هل لأن وزير العدل يحمل الجنسية الأمريكية وبتلك الصفة يمكنه التواصل وبسهولة مع أجهزة مخابراتية خارجية؟ أين الاستخبارات السودانية مما جرى؟ بل أين وزارة الخارجية؟
لا أبالغ أن قلت أن اللجنة بفعلها هذا قد اتت بما لم يأت به الأولون والآخرون….. ولعل من الواجب دق ناقوس الخطر.