د. عبد السلام محمد خير يكتب : جدل راتب الأستاذ الجامعي يتصاعد .. كان الأعلى يوما!
الزرقاء / د. عبد السلام محمد خير
جدل راتب الأستاذ الجامعي يتصاعد
..كان الأعلى يوما!
د. السلام محمد خير
(وصلنا وين)؟!..إجابة حتمية مصيرية منتظرة الآن من عدة جهات مشتعلة..لا مفاضلة بين هذا وذاك فى حق مشروع،لكن الأولوية متفق عليها وهي(التعليم)- أساس التعالي على عجز القادرين على التمام..هناك حزمة مطلوبات للإنفلات من الأزمات شرطها كسب الوقت وتوظيف التعليم..مذيعة ذكية تدير حوارا شجاعا ضد(مضيعة الزمن) بإذاعة البيت السوداني قالت إن(بروف)هو من(علمهم)إحترام الزمن يوم ذكرهم بتجربة بناء قاعة الصداقة..لقد تعجب الصينيون كيف يضيع الناس وقت العمل فى الإفطار والزيارات الشخصية والكلام ثم ينتظرون الوصول يوما لمرحلة(إكتمال البناء الوطني)!..
وهاهي النتيجة،إعتصام أساتذة الجامعات عماد تهيئة العقول لإحترام الزمن وبناء الوطن!.
إعتصام الأساتذة؟!..أكاد لا أصدق، لولا حكاية(أردول)الرائجة عبر وسائل التواصل، بانتظار حدث ذي شأن يغطي عليها.. الرواية على تسجيل فديو بالصورة والصوت تكشف أن (مرتب مسؤول فى الدولة يعادل مرتب 25 أستاذا جامعيا)!..سينسى الناس الحكاية وكل الحكايات وتبقى قضية المعلم والتعليم..فالأمر جلل أن تصل مشاكل البلاد حد أن يحتج أساتذتنا على شىء،من قبيل وضعهم الوظيفي!..إنهم من علموا من بيدهم الحلول!..كان بإمكان من تعلموا منذ رفع العلم ووضعوا فى مقام صاحب القرار أن يحسموا الأمر بلا تردد،كما فعلت دولا أخرى، فمن ينسى(كاد المعلم أن يكون رسولا)؟!..أمر المعلم والتعليم لا يحتاج لاحتجاجات ومقارنات،يحتاج لإعلاء مكانة العلم وإشاعة قناعة بأن الإصلاح يبدأ من هنا.
متى تسود(القناعة) بأن مكانة المعلم(محفوظة)؟!..إن الإعلاء من شأن التعليم والمعلم هو إعلاء من شأن الوطن..مرتباتهم جديرة بنظرة تتجاوز لوائح متوارثة..المكانة الوظيفية للمعلم تحتاج لوضع دستوري قيمي مواكب للعصر كعصر فتوحات علمية..ويبدو أن هذا الإتجاه مهيأ له أسريا واجتماعيا، وما تبقى إلا اتخاذ القرار المنصف، وهو يتراءى الآن بدليل تجاوب الدولة مع مطالب الأساتذة والإعلان عن تحرير استحقاقاتهم من قيود الخدمة المدنية.
تتزامن هذه(التهيئة)حول وضع المعلم والأستاذ مع بداية عام دراسي يختلف عن سابقيه واقتضى خاصية الشجاعة فى البيئة التعليمية ليتسني التغلب على عقبات أكثر شراسة، الكتب، الفصول، الرسوم، الترحيل،إفطار الطالب،الوضع الوظيفي للمعلم..وما إلى ذلك وأساسه(معنويات المعلم)..إنها شرط التغلب على الصعاب..من مصادرها أن المعلم مقدر من الدولة والمجتمع والنظام التعليمي..هذه المعنويات مطلوبة لتصمد المهنة أمام المهن الأخري وتقوي على مواجهة مفارقات من قبيل مرتب فلان يعادل مرتب عدد من الأساتذة،كما طفح.
الأمر يتطلب الترفع من المقارنات إلى(مراقي الأستاذية) وذلك باتخاذ تدابير تفوق ما ينتظره المعلم والتعليم..تدابير غير مسبوقة من الدولة تنهي(حالة)من الإحتجاج الإضطراري والزمن يضيع..دعونا من وعود تحركها مقارنة بين مرتب(بروف) وتلميذ له شق طريقه بعد التخرج وسط الألغام..وكم مثله شقوا طريقهم فى أرض الله الواسعة بتميزهم فنالوا أعلى المراتب والمرتبات..(مبارك أردول)هذا ربما تصادف أن تمناه أبواه(مباركا)فبورك فى رزقه..وقد يكون فى الأمر تفاخر داهم(بروف)جهير السيرة..إن (مكانة)الأستاذ مصدر إيحاء بالتميز وإن قل مرتبه وقد كان قياسيا يوما، فمما يروى أن الرئيس(عبود)استنكر إقتراحا من أحد معاونيه بمساواة مرتباتهم بمرتب أستاذ الجامعة وكان الأعلى فى البلاد!..أطلق الرئيس قولته المتداولة الآن عبر الوسائط(بروفسور النذير دفع الله وزملاؤه يخرجون لنا أطباء ومهندسين واقتصاديين ورجال قانون، أما نحن فى هذا المجلس من نخرج لنتساوى معهم فى المرتبات)؟!.
رهان التعليم فى هذا البلد قديم،يتجدد الآن..تجلت مظاهره بداية العام الدراسي هذا حيث شغل شأن التعليم الناس عن ما عداه ومنه ما هو خطير، ليبقي متقدما على ما سواه لأنه فعلا كذلك،رهان على القادم..إن التفاف الأسر والمجتمع حول قضايا التعليم كان طابع الأيام الماضية مما يهيء الأذهان لإعادة ترتيب شأن التعليم على أنه يأتي أولا..فحل مشاكل التعليم هو الحل الناجع لمشاكل البلاد..مكانة أهل العلم باقية برغم هيكل راتبي متواضع وبرغم المشاكل التى تحيط ..التعليم طوق النجاة وحافز الإقتداء،رهان المستقبل..من عنده علم لا أحد يسأل عن ماله.
أهل العلم (ورثة الأنبياء)مقامهم لا يقدر بمال..ولقد إقترن التعليم فى السودان بخصائص العمل الصالح،فبقى أثره بين الناس..الخلاوى والمعاهد،بخت الرضا،الشهادة السودانية،التعليم الحكومي منتج النوابغ..وتعليم خاص بريقه ممتد منذ(الأهلية) و(معهد القرش)إلى كليات تحولت لجامعات بألق الطموح والتميز..الإتجاه نحو(تعليم تطبيقي مواكب للعصر)هو الهاجس الآن، أيا كان العائد المالي..تميز الموارد البشرية ميزانه الآن عالميا(الدرجة العلمية)..فلا يكاد يلتقي مهني بمهني إلا وسأله عن(درب) الدكتوراة..أين تكمن كلمة السر؟.
هذا(الدرب)يشكل هواجس العاملين الطامحين فى(المكانة)العلمية..إني بحكم التجربة أشجع بقدر ما استطعت طارقي هذا الباب لأفاجأ بمن يكاشفني بسر..إنه يذكرني بمعروف أسديته ونسيت..يبدو أنني شجعته يوما ليقتحم باب الدراسات العليا، ففعل..نال الدكتوراة!..يسعدني ذلك حتما، فالحكمة تقول(قد تأتيك السعادة من نافذة كنت نسيت وتركتها مفتوحة)!..مادام الأمر كذلك اتركوا النوافذ مفتوحة، بدء بهيكل راتبي مفتوح للمعلم والأستاذ..وانتظروا(النتيجة)!.
د.عبدالسلام محمد خير