هذا الحزب معه إيمان راسخ بالديمقراطية , خرج من الجامعات نحو المجتمع , بدأ حديثه بالتأمل في الثقافة الأولي للسودانيين , وطرح الأسئلة الصعبة لكشف غوامض مرتكزات الحياة السودانية من منظور تقدمي وتحرري , وهكذا تأسس علي الإحتجاج يغالط اليمين واليسار لصياغة موقف مختلف فهل نجح هذا الحزب حتي عصر الأمس
وهو حزب محظوظ حينما جاءت ثورة ديسمبر المجيدة علي مزاجه , خاطب وداد اليمين بأنه حزب يؤدي الصلاة مثل بقية السودانيين وخاطب اليسار بأنه سيحقق لهم التحرر المعقول مع المجتمع الديمقراطي وخاطب الهامش والسودان الجديد بأن جماهيره وخطابه قائم علي قضايا الإنسان المضطهد وهو بالطبع عراب هذه الرؤية
كانت نجومية الحزب لافتة في النقاش السياسي العام وظل يقدم رؤية سليمة لإدارة التنوع وحينما تقدم أكثر نحو الجماهير , تذكر أنه تأخر جدا لمعانقة هذه الخطوة المهمة والفاصلة وهكذا واجه خصوم أساسيين متهما بالغربة والصفوية وبصراحة لو ذهبنا مع هذا الحزب المجتهد الي القري والريف فلن نجد جماهيره إلا طلاب الجامعات والمثقفين في منتصف أحلامهم القديمة وقلة أخري خارجة من اليمين واليسار
وحتي لا نظلمهم فإن كوادر المؤتمر تعدها علي أصابع اليد ولكنها قابلة جدا للتمدد والإنتشار وتمتاز بحجة واقعية لملء الفراغ بسبب عناد اليسار علي الشيوعية الواضحة وهو إتجاه مرفوض بلغة الجماهير الإنتخابية ثم جاء أنتشار الوعي وسط الناس بأهمية تثوير التراث نحو رؤية سياسية جديدة علي حساب اليمين طبعا
لم يتحمل المؤتمر السوداني الحظوظ الكبيرة جراء تجليات ثورة ديسمبر التي جاءت تليق به وبمشروعه السياسي الخلاق , لينطلق في فضاء فسيح وظل حبيس التردد وأنكشف أمام الفرص المشتتة حوله حتي صار حزبا عاديا يعيد إنتاج الأزمات المعروفة قيادة وجماهير وتطلعات وقدم وزراء ومسؤلين في أول وزارة ضعفاء وعليهم ملاحظات مؤلمة كما وضح بأنها كوادر عادية متشابه مع منتجات الأحزاب الأخري وكانت هذه خسارة كبيرة بعد عشم كبير
بتوقيت خيبة الأمل العامة من الحرية والتغيير فإن حزب المؤتمر يواجه نصيبه من السخط وأمامه إدانة مؤكدة حول موقفه من الإنتخابات والمقصود جماهيره الإنتخابية بكونه حزب صفوي وطلابي حينما خسر ليلة القدر السياسية ولياقة ثورة ديسمبرعلي مزاجه
لم تنتهي الدنيا وأمام هذا الحزب فرصة ولكنها ذات تكاليف عالية فالكبار ما زالوا عاجزين لعمل إختراقي والحزب يواجه تحديات حقيقية , إما أن يرتضي مشوار عادي او ينهض مع أخرين بعد خسارة الحرية والتغيير الحاضنة والسلطة والنجومية ببناء تحالف مع اليسار والتقدميين الديمقراطيين ليس فقط تحالفا إنتخابيا كما يفكر البعض لإنهاء إنقلاب البرهان الحالي
هي دعوة لإنفتاح خلاق وإستراتيجي ينسي فيها المؤتمر السوداني النقاش الأول والتماهي مع اليسار بشجاعة المبدئيين لصيانة اليسار أيضا من إفراط مرفوض من الناس العاديين وسيتم تشكيل تجمع تعويضي سيتدفق اليه كل من ظل مؤمنا بالسودان واليسار والديمقراطية بعيدا عن المنشأت القديمة وقد صارت متعسفة بحكم الأيام وأهمية التغيير