تركيا في الصومال.. وتطبيق أستراتيجية تغيير الهوية الاجتماعية.
كتب: الهضيبي يس.
شكلت مشاركة الرئيس الصومالي عبدالله فرماجو في أعمال القمة الأفريقية – التركية خلال الأسبوع المنصرم دافعاً جديداً لطبيعة علاقة الدولتين التي بدأت منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.
البداية الحقيقية لعمق العلاقة بشكلها الفعلي بدأت في أكتوبر من العام 2011، عندما كانت الأوضاع الاجتماعية والإنسانية تشتد على الصومالي نتيجة لجوع والفقر، فكانت زيارة الرئيس رجب طيب أورغان وقتها بمثابة طوق النجاة، بتقديم مساعدات إنسانية بواقع مبلغ تجاوز “400” مليون دولارمثلت مجموعة من المواد الغذائية، والأدوية، ومواد الطاقة “الوقود”.
عقب تلك الزيارة المفتاحية توسعت “تركيا” في علاقتها تجاه الصومال بعد إجازتها لاستراتيجية العلاقة التركية مع دول القرن الأفريقي خلال العام 2005 ومن بينها الصومال.
تلك الاستراتيجية التي اعتمدت على العامل “الجيوسياسي” رفعت بدورها حجم التبادل التجاري من 6 ملايين دولار في 2010 إلى 72 مليون دولار لعام 2015 لترتفع الي 200 مليون دولار بحلول العام 2021، بالإضافة إلى تقديم تركيا مبلغ 4 ملايين دولار بصفة سنوية دعماً مباشراً لميزانية الحكومة الصومالية.
وفي شهر نوفمبر من العام 2020 قامت تركيا بتوفير جزء من ضمان ديون الصومال لصندوق النقد الدولي بضخ 2 مليون دولار، مما ساعد على خفض ديون أكثر البلدان فقراً في العالم بمنطقة شرق أفريقيا.
هذا الانفتاح شجع حكومة الرئيس أوردغان على دعوة الشركات التركية بالعمل في مجالات البنية التحتية بأرض الصومال، فكانت إقامة عدة مشاريع منها المطارات، الموانئ، خطوط الطيران، وإنشاء القاعدة العسكرية لتدريب الجنود الصوماليين خلال العام 2017، إدارة مطار آدم عدي عقب خروج دولة الإمارات على إثر خلافات بينها والحكومة الصومالية.
وضمّت القاعدة العسكرية التركية التي أنشئت على متن المياه الإقليمية الصومالية “البحر الأحمر” أكبر معسكر لتدريب القوات الحكومية باسم “تركسوم” بمساحة 4 كيلو مترات، وتمويل فاق 50 مليون دولار.
فقد حوت عمليات التدريب لهذه القوات على كيفية مكافحة الإرهاب، حيث بلغ حجم تعداد الجند الذين تلقوا تدريباً حتى شهر أغسطس الماضي ما بين 15- 16 ألف جندي، الأمر الذي جعل تركيا تدعم الجيش الصومالي بشكل أكبر بتوفير قطع لسلاح من طراز “MBT76″، وكذا 12 مركبة أخرى تستخدم ضد الألغام.
ويقول الكاتب الصحفي حسن الشيخ في حديث لموقع “أفريقيا برس” إن الدعم التركي لحكومة الرئيس عبدالله فرماجو منذ العام 2016 بتوفير العديد من الاحتياجات الأساسية لدولة شكل واحداً من عوامل الاستمرار والبقاء لحكومة الصومالية.
وطبقاً لـ “الشيخ” فإن محاولات ومساعي تركيا تظل تهدف إلى تشكيل مستقبل جديد وفرض واقع لهوية اجتماعية جديدة تستند على استراتيجية جيوسياسية للقرن الأفريقي.
وسط جملة من التحديات التي تقف أمام تركيا في الصومال، منها حركة “الشباب” التي تدين بالولاء لتنظيم القاعدة وترى تركيا بما تقدمه من دعم عسكري لحكومة الصومالية استفزازاً لها.
أيضا المخاوف الإقليمية التي تشكل تهديداً لأهداف تركيا في منطقة البحر الأحمر بعد ظهور تحالف يضم “السودان – مصر- إسرائيل – إرتريا” يهدف لإنشاء قواعد عسكرية في تلك المنطقة للحد من النفوذ التركي.
ويوضح الكاتب الصحفي علي سعيد في حديث لموقع “أفريقيا برس” بأن تمدد تركيا في الصومال زاد من حجم وضع البلاد في كماشة المحاور الإقليمية والدولية، حيث بات الكل ينظر إلى حجم ما تمتلكه الصومال من إمكانيات وموارد وكيفية الاستفادة منها بصيغة مشتركة، إنما فقط تظل قضية الحفاظ على حجم العائد الاقتصادي الأولوية.
ويشير “سعيد” إلى استفادة الصومال من المساعدات الإنسانية التركية، في مقابل إتاحة الصومال فرصة لتركيا من خلالها استطاعت خلق واقع جديد لها وسط منافسة إقليمية َدولية سياسياً واقتصادياً على أشدها.
ويضيف “والآن نحن بحاجة إلى تسخير ما تم سابقاً لصالح مزيد من البنيات التحتية والتقنية التركية للتنمية، وعدم الاكتفاء بتلقي المساعدات فقط، إنما تصميم مشاريع اقتصادية للحد من الفقر وزيادة عائدات الدخل القومي”.ع