عندما وقفت في طابور المدرسة لأول مرة وانا بالصف الأول لم أكن أفقه معني ان تنتظم الصفوف بكل هذه العناية وكل فصل يقف في صف لوحده ،نظراتي كانت ممزوجة بالخوف والقلق وعدة تساؤلات لم اجد لها إجابة وانا في قمة شوقي للجلوس في الفصل ومسك القلم ، حينها قرعت أذناي تلك العبارات التي كنت أسمعها من إخواتي (نحن جند الله جند الوطن )ولأني لم اكن من الحافظين لها فقد بذلت جهدا للمشاركة وانا أدرك تماما حينها إنحرافي التام عن كلمات النشيد المردد .
كبرتُ وعرفتُ من هم جند الله جند الوطن ، ومن هم حماة الوطن حتي ترسخت لدي عقيدة ثابتة لاتقبل المساس ابدا ولايمكن ان اتزحزح عنها قيد أنمُلة مهما حدث (أن المنظومة الأمنية للدولة الممثلة في قوات الشعب المسلحة والشرطة ) مهما إنحرفت عن مسارها لاتتتغير صورتها لدي لان الجزء لايعني الكل وأن ممارسات بعض أفرادها لايقلل من شأنها ولايحط من قدرها أمام ناظري ، ولكن لابد من العقاب للمتسببين في الخطأ ففي القصاص حياة وفي ذلك حفاظا لهيبتها وأن بها العقاب والثواب، وعلينا أن لاننسي أن بعض الرسل والأنبياء كان من صلبهم فاجر كفار ..فكيف بالبشر؟؟؟
لازلت عند تقديري للدور الكبير الذي تقوم به القوات المسلحة *(مصنع الرجال وعرين الأبطال)* وهم الذين وهبوا الدماء رخيصة للفداء ، وتعلمنا أنهم حماة الحمي الذين يستحقون منا كل التقدير والإجلال لا التبخيس والإذلال ، كانت عبارات (معليش معليش ماعندنا جيش) التي ترددت في بدايات الثورة دليلا قاطع أن هولاء الشباب لايدركون حجم مايقولون ولايعرفون قدر الرجال اصحاب البطولة والقوة وحماة الوطن الذين نذروا أنفسهم لآجلهم وأستدرك حينها أن قمت بتحذير إبنة أختي الصغيرة لآنها رددت هذه العبارة السيئة أمام أسماعنا وحذرتها مرارا أن لآترددها البتة لانها تقول ما لاتفقه بيد أنها مغرر بها في لحظات توهج الثورة.
(الجيش كرب) وهو يسعي في حماية الثغور الخارجية تحسبا لآي دخيل ومتآمر ونضالهم في الفشقة ليس ببعيد عن الآذهان والنصر الذي تحقق بفضل الله وقوتهم هو خير شاهد علي أنهم لم يلتفتوا لعبارات الإساءة والتقليل من شأنهم والتي مارسوا فيها اقوي صور ضبط النفس وقوة التحمل والصبر علي الأذي من صبية وصبيات صغار قادتهم الحماسة الي المسلك الذي يمس الدولة في أكبر مؤسستها ومكتسباتها وليس لديهم عُشر ماكسبه رجال القوات المسلحة في ميادين الوغي ومهر الوطن بدماءهم وعليهم مراجعة السفِر التاريخي المشرف للقوات المسلحة منذ تأسيسها ليدركوا أنهم أجرموا جرما كبيرا ولم يعرفوا قدر هولاء الأبطال وأنهم ليس تبعا لرئيس او حاكم او والي ولكنها لآجل الوطن كان تأسيسها ، وحتي الشرطة لم تسلم من الأذي فإمتلئ جسدها بالأساءات والتجريح فأصبح رجل الشرطة في مرمي النيران لأسباب قد تمس بعض أفرادها ولكنها ليست المنظومة بكاملها ،، حتي أصبحت البلاد الان مرتهنة للأهواء الشخصية والنزاعات القبلية والقوة الميكانيكية ونأت بنفسها عن العقل والمنطق والدين والقانون في ظل صراع كبير علي المنصب والمكسب دون مراعاة للنتائج الوخيمة التي ترتبت علي هذا الفعل المشين الذي قاد المجتمع الي الفقر والعوز ولانلوم من يسرق إذا جاع…ولكن علي الحاكم تدبر أمره حتي لاينفرط العقد الذي تسعي الموسسة العسكرية بشقيها الداخلي والخارجي الي الحفاظ علي تماسك الدولة ، *وتظل المؤسسة العسكرية هي الملاذ ساعة المحن.
رؤي أخيرة
الوطن يٌبني بالعلم والعمل وليس بالحلم والأمل … قوموا الي وطنكم يرحمكم الله وشمروا السواعد لآجله لا لهدمه.