د. خالد حسن لقمان يكتب… يا هؤلاء .. أطلقوا سراح محمد حاتم سليمان

الزرقاء ميديا

لم أعجب من حبس احد من رموز الانقاذ الذين هم في السجون الآن وعدد كبير منهم بلا تهم ثابتة عليه بمثل ما اعجب لحبس الأستاذ محمد حاتم سليمان – المدير الأشهر لتلفزيون السودان خلال العقدالماضي .. ولا أقول هذا من باب التعاطف الأجوف و العاطفة المنكسرة الحانية لشخص عرفته و عملت معه ولكن اقول ذلك بلسان أكثر من ظنوا ان الرجل عدوهم في تلك الأيام التي زاملوه فيها عاملين وموظفين و فنيين في تلفزيون السودان فجل هؤلاء يشهدون الآن بعفة الرجل وطهارته و استقامته فلا مال سرق و لا اخلاق ابتذل و لا ظلم اوقعه عمداً علي أحد .. كل ما عليه انه كان جاداً في عمله برغم كل ما واجهه من صعوبات و مكائد و دسائس جاءته وللأسف من داخل بيت اخوته الانقاذيين أنفسهم قبل ان تأتيه من الآخرين .. بعضهم حاسد والآخر طامع والثالث طامح و الأخير متجبر ومسيطر يريد ان يهزم الرجل ويقعده و يبطل همته ولكن محمد حاتم كان رجلاً صلداً صامداً أمام كل ذلك .. ما تباكي يوماً علي حاله بل كان وكما عداء الحواجز يعدو حتي تتقطع انفاسه ولا يفتر ولا يسقط بل يظل يعدو متجاوزاً كل الحواجز التي أمامه بهمة مدهشة و مثيرة للاعجاب .. ويبدو ان هذا هو سر الحسد و الطمع و الغرور وحب السلطة الذي دفع الكثير من اخوته لمحاولات لجمه وايقافه . .
و المثير أن محمد حاتم كان هو الذي مثل عهد انفتاح إعلام الانقاذ عبر الموضوع التلفزيوني فلم تعد هنالك خطوطاً حمراء له وفي عهده تم تناول أكثر الموضوعات جرأة و اقداماً من اجل بسط قيم حرية الكلمة وهنا كنا قريبين من هذا وأذكر ان شخصي الضعيف وعبر مساهماتي البرامجية في التلفزيون قد قمنا بإستضافة كبار المعارضين للحكومة الانقاذية ليقولوا كلمتهم سواءً كانوا سياسيين أو مفكرين أو من أهل الابداع حينها كنت ألمس بعض الصعوبات ( الهامسة ) هنا وهناك إلا أن محمد حاتم سليمان كان ناصري في هذا بأوامره المباشرة بالموافقة علي هذا النهج التحرري المتقدم في طرح الموضوع و اختيار الضيف الذي يتحدث فيه وقد مرت بي مواقف عصيبة عندما كنت اجد نفسي متوجساً من الدفع ببعض الضيوف اصحاب المواقف الصارخة في معارضتها والناشطة بدورها وعلي رأس هؤلاء عدد كبير من أهل اليسار و الشيوعيين و غيرهم من المعارضين لنظام الحكم ولكن محمد حاتم و ( حكومة الانقاذ نفسها حينذاك ) كان واعياً لما يفعل حيث اراد و ( أرادت – الحكومة حينها ) تنفيذ مرحلة جادة من الانفتاح علي الآخر عبر طرق المسكوت عنه والاتيان بالمغضوب عليه .. لماذا لا يشهد له هؤلاء الآن وعلى الملأ بذلك .. لماذا يتهامسون فيه و لا يصرحون به ؟؟ .. أين نبل المواقف وفعل الرجال ؟؟ .. وحتي علي مستوي الزملاء الكبار الذين نالهم بعض من الظلم ظل محمد حاتم يعافي مواقفهم و يعالجها فأستعان ضمن فريقه العامل معه بكبار الشخصيات التلفزيونية صاحبة المواقف غير الايجابية ( وفق تقدير البعض ورؤاه ) كما اعاد عدد من هؤلاء الي مواقعهم الابداعية دون خوف او تردد وهذا ما كان يميزه .. يفعل ما يريد و كل ما يراه صائباً و لا يخشي النتائج من من يرأسه و ( يقف في رأسه ) .. ولا احد الآن في التلفزيون يمكن ان ينكر ما قدمه هذا الرجل لهذا الجهاز من تطور تقني وفني وبرامجي خطط له وبناه مرحلة مرحلة وكل ما كان يظنه البعض احلاماً اراهم له الرجل واقعاً امام اعينهم الحاسدة المباغضة .. وحتى لحظة آخر اعفاء له ترك اهم انجازاته تلك وقبل ان تعلن في مرحلتها الختامية لخلفه حتي دون ان يثير حوله ما يشير اليه وهذا كان جزءاً من ورعه واستقامته وطهره وزهده ولقد لمست بنفسي في الرجل خصلة لم اراها الا في قليلين من من التقيتهم في حياتي فالرجل كان يرفض التحدث في اي شخص غائب وعندما يهم البعض بفعل هذا لا يجدون عنده غير الصمت المطبق وان نطق قال عبارته المشهورة ( الحركة والسكون بيد
‫الله ) وهي العبارة التي اقترنت بالرجل وعرفه من حوله بها مثل ما عرفه بمقولته الشهيرة ( الفورة ألف ) وهما الكلمتان اللتان كان يتصبر بهما ليعبر مواقفه الصعبة التي ما كانت يوماً سهلة مطلقاً واني في هذا لأعجب لقدر هذا الرجل الذي ما نال قسطاً من الراحة طوال عمره حتي انه يكابد الآن اوضاع حبسه دون ضجيج او تذمر .. هل سمع احد منكم محمد حاتم السجين الآن يبكي حاله و يصرخ لنجدته ولو عبر الدعاية و الاعلام الضاغط .. لم يفعل مطلقاً ولم يطلب من احد مساعدته ابداً ولتعلموا ان شخصي الضعيف لم يلتق الرجل منذ أكثر من خمس سنوات كاملة ولكني أعلم انه حبيس السجن و لاكثر من عامين كاملين و كل ما يملكه الآن مصحفاً شريفاً ونظارة طبية قديمة العدسات يصارعها لتعمل و تريه كلمات الله التامات .. لك الله يا محمد حاتم .. ظلمك اخوتك و هاهو الزمان يظلمك من جديد وهذه المرة من من حاولت انصافهم و اعطائهم قبساً من نور حرية الكلمة والفكر ..

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...