صعوبات الانتقال السياسي في السودان

التوم هجو: الأيدلوجيون الحزبيون اختطفوا المشهد وهم لا يتعدون الـ(20%)
عادل خلف الله: أزمة النظام تجلت في حديث البرهان الأخير وإقراره بالفشل
الإعيسر: على الجميع دعم فكرة التوافق والشراكة ما بين المدنيين والعسكريين
خبيراستراتيجي: الزمن الآن ليس في صالح تسوية البرهان.. والتسويات مستحيل تشمل كل القوى السياسية
أبوبكر آدم: لغة التصعيد هي التي تسود الحالة السياسية والتصعيد المضاد لن يبني وطناً

الخرطوم: الخواض عبدالفضيل
السودان الآن في مفترق طرق يكون أو لا يكون بعد أن تعقدت الأوضاع أكثر مما هو عليه وتفاقم حالة الاحتقان، وكثرة المبادرات من جهات وأحزاب مختلفة، ولا توجد بارقة أمل للعبور، والصراعات في أوجها وانشغال القوى السياسية بها متناسية قرب انتهاء أجل الفترة الانتقالية، ولم يتم إنحاز أي ملف يوحد أبناء الشعب الواحد، والجميع يتحدث عن التوافق الذي أصبح بعيد المنال، ويرى مراقبون أن حالة الانقسام بين القوى السياسية وخاصة الحرية والتغيير تزيد من حالة الاحتقان وتصعب وجود الحل، كما يرون أن تباين الآراء حول الوفاق لن يقود الا لمزيد من التشظي، مما يضطر الجميع الى زيادة مدة فترة الانتقال.

التوم هجو: هنالك تياران حزبي أيدولجي وتيار حزبي وطني
قال التوم هجو رئيس مسار الوسط في حديثه لـ(اليوم التالي) إن هنالك ضبابية خاصة والجميع يتحدث عن التوافق الوطني دون تحديد في ماذا يعني التوافق، وتساءل من هم المختلفون، وزاد: هناك وجود طرفين حزبيين أيدلوجيين ووطنيبن حزبيين، وتابع قائلاً إن الأيدلوجيين هم الذين قادوا الفترة الانتقالية في الماضي بالطريقة الحزبية الأيدلوجية، مشيراً الى وجود تيار همه الوطن وهم الذين قادوا مسيرة تصحيح المسار، مؤكداً أن المعادلة الموجودة الآن ما بين الآيدلوجيين الحزبيين الذين قادوا المرحلة السابقة واختطفوا المشهد وهم لا يتعدون الـ(20%) و(80%) متوافقين، ومضى: كانت هنالك ثلاثة أضلاع للشراكة الحرية والتغيير المجلس المركزي والشراكة العسكرية المدنية في مجلس السيادة ومجلس الشركاء الذي ضم فيه (27) جسماً متوافقاً خرجوا عليه حتى اضطر الجميع الىي تصحيح المسار بقرارات 25 أكتوبر.
وتابع: هنالك ثلاثة ثوابت لابد أن يراهن عليها وهي الشراكة الكاملة وتوسيع قاعدة المشاركة لكل القوى السياسية والالتزام بمواقيت الفترة الانتقالية والانتخابات وتفعيل مطلوبات الفترة الانتقالية “مجلس تشريعي ولاء ولايات”، وأضاف التوم هجو أن كل ما سلف أن كل القوى السياسية متفقة عليه، أما البقية الذين يمثلون قلة فهم في أنفسهم منقسمين وانشطروا الى أجسام مختلفة، وكل جسم يسمي نفسه الحرية والتغيير، وقال إن هنالك خلط بين الإجماع والتوافق إذ بينهما فرق كبير، الإجماع قد لا يوجد في السياسة، لكن الوفاق موجود الآن، نحن في قوى التوافق الوطني نضم 12 جسماً بالإضافة إلى مجموعات ذات وزن كبير وهي متوافقة وليس بها أي إشكالية، لافتاً الى أن حديث البرهان الأخير حرف كثيراً عن سياقه وربط الإجراءات بالتوافق حيث لا يمكن أن تلغي حالة الطوارئ والبلد غير مستقرة بالإضافة الى أنه يجب تطبيق القانون على كل من ثبت تورطه في بلاغات جنائية وإطلاق من لم تثبت عليه أي جريمة.
وأشار الى أن التوافق موجود والذين يتمترسون يمثلون 20% فقط، والبقية هم على اتفاق والحرية والتغيير هي المنقسمة على نفسها ولن تتوافق مع الجميع.

عادل خلف الله: الحل في توافق قوى الديمقراطية والتغيير وليس حديثاً فضفاضاً عن وفاق وطني
قال المهندس عادل خلف الله المتحدث باسم حزب البعث العربي الاشتراكي والقيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي في حديثه لـ(اليوم التالي) إن مفهوم التوافق الوطني يستخدم عادة حسب التجربة السودانية في ظل الأنظمة الشمولية والدكتاتورية التي تمهد الى ما بعد انقلابها بهجوٍم ضارٍ على القوى الحزبية والسياسية والنقابية، وتابع: بعد فشل المشروع الانقلابي يلجأ من موقع الأزمة والفشل في البحث عن حلول جزئية في إطار النظام الدكتاتوري، وزاد: الأداة الرئيسية التي تستخدمها رغم الهجوم على الأحزاب السياسية والحديث عن توافق القوى السياسية بالتالي تصبح كلمة التوافق كلمة ملتبسة.
وأكد عادل أنه عقب انقلاب 25 أكتوبر هنالك اصطفاف وطني وليس توافقاً، وهو أشبه بالضفتين الفاصل بينهما إرادة شعبية عبر أوسع انتفاضة تناضل من أجل إسقاط الانقلاب واستئناف التحول الديمقراطي الى سلطة مدنية ديمقراطية وجزم بأن الضفتين أحدثتا فرقاً ما بين القوى المؤمنة بالتحول الديمقراطي والرافضة للانقلاب والتي تسعى الى تكوين جبهة واسعة من الديمقراطية والتغيير حتى تسقط الانقلاب عبر الإضراب السياسي والعصيان المدني، وزاد: الآن نقول بوضوح بعد مواكب 6 أبريل أصبحت وحدة الاسطفاف الوطني من أجل الحرية والتغيير والشرط اللازم ومفقود لإسقاط الانقلاب، وأضاف عادل خلف الله أن على الضفة الاخرى توجد القوى التي أعاقت الانتقال ومهدت للانقلاب وشاركت فيه والآن هي تدعمه لذلك فرضية حصول توافق بين الضفتين هي فرضية غير واقعية وغير ممكنة وستستمر أزمة النظام التي تجلت في حديث البرهان المسرب الأخير من خلال إقراره بالفشل.
ونوه الى أن حالة التدهور التي يعيشها السودان خاصة في الاقتصاد والأمن هو محفز للقوى الديمقراطية والتغيير لتقوي وحدتها وجبهتها وتنسق الجهود عبر اوسع جبهة للديمقراطية والتغيير من أجل إسقاط الانقلاب، وجزم بأن الحل في توحيد قوى الديمقراطي والتغيير وليس الحل في حديث فضفاض عن توافق، والأداة هي الإرادة السلمية الشعبية عبر العصيان السياسي والمدني.
خالد الإعيسر: على الجميع دعم فكرة التوافق والشراكة ما بين المدنيين والعسكريين
ومن جهة أخرلا قال لـ(اليوم التالي) الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ خالد الإعيسر إن ‏قرار إطلاق سراح المعتقلين ومراجعة حالة الطوارئ يصب في خدمة الوفاق الوطني المنشود ويهيئ المناخ المناسب لوضع أسس للانتقال المدني الديمقراطي بمشاركة الأطراف كافة، وهذا أساس للاستقرار السياسي في السودان، علماً بأن تصريح رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان الأخير والخاص بإطلاق سراح المعتقلين طرح تساؤلات مهمة باعتبار أن الخطاب الذي أعقب إجراءات 25 أكتوبر 2021 سوَّق لفكرة أن المعتقلين من أعضاء لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م واسترداد الأموال العامة ملف اعتقالهم يتصل بتهم جنائية “وليس سياسية”؛ وهذا التصريح الأخير لا يتسق مع ما تم إعلانه في مرحلة سابقة، أو ربما تم تفسيره من قبل أنصار اللجنة داخل بعض المكونات الحزبية بطريقة تتماهى مع مطالب هذه القوى السياسية، أو التفسير الآخر هو أن المعنيين بالتصريح يمثلون مجموعات في لجان المقاومة كمثال أو قيادات حزبية وسطى.. وفي كلا الحالتين الأمر يحتاج للمزيد من الإيضاح، بغرض الإجابة عن السؤال المهم: “هل هناك معتقلين سياسيين أم إن من اعتقلوا ارتكبوا جرائم جنائية مخالفة للقانون والتكليف؟”.
لكن من المهم جداً القول إن فكرة الاعتقالات السياسية مرفوضة مبدئياً، ويجب ألا تكرر في السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة، ونحن دائماً مع مبدأ إطلاق سراح كل إنسان برئ وليس فقط شخصيات سياسية بعينها، مع ضرورة توفر شروط المحاكمة العادلة لكل من أجرم “أياً كان موقعه أو حزبه أو مؤسسته”.
في قضايا العدل لا توجد حلول وسطى أو مساومة، والثورة السودانية قامت بشعارها التاريخي “حرية، سلام وعدالة” من أجل ترسيخ هذه القيم والمفاهيم، ولهذا يجب ألا نسمح بأن تكون العدالة في سودان ما بعد الثورة سلعة لتباع بالكيلو والموازين الظرفية حسب المناخ السياسي.
في المقابل من المؤكد أن هناك اتصالات سياسية مكثفة تجري خلف الكواليس لإيجاد صيغة توافقية بين جميع المكونات الوطنية وصولاً إلى مرحلة تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات مستقلة بعيداً عن القضايا الخلافية، وهذا أمر جيد يمكن أن يسهم في فك حالة الاختناق وتهيئة البلاد للانتقال المدني الديمقراطي المنشود.
وعلى الجميع دعم فكرة التوافق الوطني ومبدأ الشراكة – بين المكونات المدنية والعسكرية – كأساس لقيام دولة المواطنة والقانون، وأصلاً لا توجد دولة مدنية على وجه الأرض تخلو من اندماج تكاملي بين مكونات مدنية وعسكرية “بصلاحيات معلومة ومحددة لكل طرف ووفق الدستور والقانون”، والسودان يمر بظرف تاريخي دقيق وحساس يتطلب التسامي فوق الجراحات والنظر للمصلحة الوطنية العليا قبل أي حساب آخر.
محمد عجيب: التسويات بستحيل تشمل كل القوى السياسية
ويرى الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي اللواء (م) دكتور محمد عجيب في حديثه لـ(اليوم التالي) أن تقديرات رئيس مجلس السيادة عن التوافق لم تكن دقيقة، كانت لديه فرصة في 25 أكتوبر أن يرسم مشهداً فورياً بصورة مختلفة وواقعية بمعزل عن تأثيرات القوى الخارجية بتكوين حكومة تكنوقراط مستقلين ما كان لشخص أن يعترض سواء من الداخل أو الخارج والمناخ كان مناسباً لذلك، وتابع: الآن البرهان يحاول ما يمكن إنقاذه لكنه أرى أنه لا يمشي في الطريق السليم بعد فكرة التسوية، وأضاف أن في الخطاب يوحي منه أن التسوية ليست بادرة وطنية، وواضح أن البعد الأجنبي حاضر بقوة سواء البعد المجاور أو البعد الإقليمي والدولي.
وأشار الى أن التسويات مستحيل تشمل كل القوى السياسة ولن يحصل، دائماً التسويات تكون للجهات ذات التأثير ويتم التجاوب معها، لكن البرهان خلال خطابه تحدث عن كل الناس وحتى الثوار ولجان المقاومة وأضاف أن الزمن الآن ليس في صالح التسوية الا إذا كانت لدى البرهان نوايا أخرى خاصة وأن الفترة الانتقالية وما تبقى منها لا يسمح بمناورات سياسية ومطاولات بهذا المستوى.
ونوه الى أن المتبقي من الفترة الانتقالية يجب الشروع في إجراءات الانتخابات وتكوين حكومة مستقلة، ولفت اللواء محمد عجيب الى أن التسوية المزمعة عرجاء ولن يكون هنالك توافق مع حالة الاستقطاب الحادة التي يعيشها السودان والتسويات ستدخل أجساماً ليس لها وزن مع أجسام لها قواعد جماهيرية، مشيراً الى أن البرهان دخل في منعرج خطير والزمن ليس في صالحه منوهاً الى أن التسوية غامضة وفطيرة غير قائمة على أسس صحيحة والفترة الانتقالية تريد بعض الأحزاب تمديدها لذلك لا أرى توافقاً في الوقت الراهن.
أبو بكر آدم: المشهد السوداني غير واضح بسبب تباعد المواقف السياسية
وقال الدكتور أبوبكر آدم عبد الكريم الكاتب والمحلل الصحفي إن المشهد السياسي غير واضح بسبب تباعد المواقف السياسية والأيدلوجية وعدم رؤية سياسية جامعة تمكن الفرقاء أن يتفقوا عليها على صعيد واحد بسبب تباين المبادرات، وتابع: لا توجد مبادرة يمكن تتفق على الرؤى في المواقف والأفكار والمفاهيم بصورة عامة بالإضافة الى التدخلات الخارجية التي تؤثر على القرار الحزبي خاصة وأن هنالك أحزاب مواقفها غير واضحة مع أو ضد لذلك تباين الرؤى في المواقف والاسطفاف وعدم الحلول بالإضافة عدم وجود مواقف وطنية لتقريب وجهات النظر بين أبناء الشعب السوداني بصورة عامة ولا توجد مبادرات للقوات المسلحة تدفعها لتسليم السلطة للجهات المدنية لذلك الفترة الانتقالية بهذه المواقف ستطول ويتم تمديدها لهذه العوامل بالإضافة الى أن الأحزاب غير منظمة وجادة وغير مستعدة لأي عملية تحول ديمقراطي انتخابي خاصة وأن الفترة الانتقالية شارفت على الانتهاء وتابع: إن هنالك تخوف من بعض القوى أن تأتي الانتخابات بالإسلاميين في المستقبل، لذلك لا تريد الانتخابات في الوقت الحالي تريد أن تمتد الفترة الانتقالية الى أطول مدة زمنية حتى تعمل لنفسها قواعد.
وقال أبوبكر آدم: أرى أن لغة التصعيد هي التي تسود الحالة السياسية في السودان والتصعيد المضاد لن يبني وطناً وستظل الأمور كما هي ويبقى المتضرر هو الشعب الذي صبر على التقلبات التي تحدث كل يوم في السودان. وأضاف أن قوى الحزبية والتغيير منكفية على نفسها وغير قادرة تتمدد حتى تحدث تحولاً ديمقراطياً ولا قادرة تحدث اختراق أن تستلم السلطة من العسكريين جازماً بأن الحريية والتغيير تريد أن تحكم فترة انتقالية مطولة لذلك الآن هي تفقد في رصيدها الشارع السوداني بسبب مواقفها المتقلبة والمزاجية وأكد أن أي انقسام في جسم سياسي يؤدي الى تباعد الرؤى والمواقف لذلك الحرية والتغيير لابد أن تلملم شتاتها وتقدم مبادرات باعتبارها حاضنة سياسية لأكثر من حزب ومواقفها هذه لا تنفعها الآن ولا في المستقبل.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...