الوضع الاقتصادي يبدد فرحة أطفال السودان بالعيد
ما زال صدى سؤال رائعة المتنبي العيد عن أحواله يتردد وهو يدور دورته كل عام، “عيدٌ بأية حالٍ عدت يا عيد… بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟”، ولو جاز للعيد أن ينطق ويجيب هذه المرة، لحكى مطولاً عن حال كيف وجد السودانيين يكابدون بمنتهى الشدة في استعداداتهم لعيد الفطر هذه الأيام، من أجل الحفاظ على ما اعتادوا عليه من مراسم وعادات في هذه المناسبة بوصفها سانحة للتصافي يتسامحون فيها، ويصافحون بعضهم البعض، مرددين عبارة “العفو” كأبرز ملامح هذه المناسبة الدينية الروحية، فبعدما كانت جائحة كورونا حاصرت عيدهم السابق، تصر قبضة الضائقة المعيشية على سرقة ملامح فرحة العيد وتبديد بريقها حتى في عيون الأطفال هذا العام.
تبدد الفرحة
درج السودانيون الاستعداد لاستقبال العيد بمجموعة من التجهيزات والطقوس الاحتفالية بالإعداد المبكر للحلويات والخبائز والمعجنات المختلفة، وتحرص السيدات في الثلث الأخير من شهر رمضان على تجهيز “خبيز العيد” مثل كعك العيد وبسكويت الشاي، وسط أجواء فرح جماعية، فضلاً عن إعادة ترتيب المنازل، ومع اقتراب إطلالة العيد، يتعاون على ذلك جميع أفراد الأسرة. كذلك، يعتبر تجهيز ملابس العيد، أهمها الجلباب الأبيض والعمامة والشال، مع أحذية الصلاة للكبار من الجنسين، لكن الأطفال يتمتعون باهتمام خاص في كسوة العيد التي ينتظرونها بفارغ الصبر ويحسبون الأيام في الحصول عليها هي وبقية الألعاب والهدايا التي تضفي على عيد الفطر ألقاً وبهجة.
لكن الوضع الاقتصادي هذا العام رسم واقعاً جعل من الصعب استجابة معظم فئات الشعب السوداني لمتطلبات العيد في ظل تدني القوة الشرائية والارتفاع الجنوني المفرط في أسعار كل الحاجات الضرورية، ما يهدد بسلب العيد بهجته ويجعله يكتحل بسواد وقتامة الوضع الاقتصادي المتردي.
جنون ومفارقة
على غير العادة في مثل هذه الأيام من كل عام، اختفت معظم تلك الاستعدادات وضعفت حركة الأسواق بعدما كانت تشهد تدافعاً وإقبالاً وازدحاماً حتى الصباح، بسبب عدم قدرة معظم الناس على الشراء وعجزهم عن مجاراة الأسعار.
تقول علوية عبد الرحمن (61 سنة) ربة منزل، “كنا كل عام منذ سنين طويلة نستقبل العيد بكل جديد في مظهر البيت ومحتوياته، فضلاً عن إعداد مخبوزات العيد (الخبيز) التي كانت رائحتها تعطر كل شوارع الأحياء في مثل هذه الأيام، لكنها للأسف اختفت هذا العام، بسبب المبالغة في أسعار الدقيق وبقية المكونات، ما حرمنا من صنعه في المنزل، أما التفكير في شراء حلويات وخبائز جاهزة، فذلك يبدو ضرباً من المستحيل في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية التي نعيشها، بخاصة أن التزامات شهر رمضان كانت استنزفت كل الموارد على قلّتها، فشهر رمضان تأثر هو أيضاً بالضائقة المعيشية”.