د/حسن محمد صالح يكتب أنصفوا د/علي الحاج
لم أسمع وأقرأ عن سياسي عبر عن بثه وحزنه مثلما فعل الدكتور علي الحاج محمد الأمين العام للمؤتمر الشعبي فعقب إنتهاء إجتماع مجلس شوري الحزب في أرض المعسكرات ببري ليلة الأح د قال الدكتور علي الحاج : أنا ما تاجر بنقو حتي أتعامل سرا أنا أدير منظمة سياسية شفافة. وقد جاء هذا القول من الدكتور علي الحاج علي خلفية الإستقالة التي تقدم بها الأستاذ كمال عمر عبد السلام من موقع الأمين السياسي للحزب ومن ثم رفضه تكليف الحزب له بعضوية البرلمان عن المؤتمر الشعبي ضمن نصيب الحزب في حكومة الوفاق الوطني . وقد فعل الشئ نفسه الدكتور شرف الدين بانقا وزير التخطيط الإجتماعي الأسبق بولاية الخرطوم الذي إعتذر بدوره عن عضوية البرلمان وليس هذه هي المرة الأولي التي يعتذر فيها صديقنا دكتور شرف الدين فقد سبق وان إعتذر عن ترشيح المؤتمر الشعبي له لمنصب والي الخرطوم في إنتخابات العام 2005م التي قرر حزب المؤتمر الشعبي أن يخوضها بكوادر جديدة ولامعة تعبر عن عبقرية الشيخ الراحل حسن الترابي الذي دفع بالدكتور عبد الله دينق نيال لرئاسة الجمهورية وهو من جنوب السودان وكان ذلك بهدف تحقيق الوحدة الوطنية كما ترشح مستقلون في تلك الإنتخابات منهم السيد عبد الله أبو فأطمة نائب الأمين العام الحالي للمؤتمر الشعبي ولا ادري متي يضحي دكتور شرف الدين من اجل حزبه الذي ينتمي له ويتجاوز الضغوط الأسرية والعائلية وغيرها من الضغوط والموازنات .
أما صديقنا كمال عمر فهو بلا شك صاحب تضحيات جسام في المؤتمر الشعبي وقدم الكثير ودخل السجون والمعتقلات ولكنه بهذه الخطوة قد أنهي حياته ومستقبله السياسي وفتح الباب لكلام لا يشبه كمال ودوره في المعارضة كأن يقول البعض إن كمال عمر يتطلع لموقع اكبر من عضوية البرلمان (( في الحكومة الجديدة )) وزيرا للعدل مثلا كما أشيع وذكرت بعض الصحف ووسائط التواصل الإجتماعي (( خلال الفترة الماضية)) بأن الريئس البشير خاطب الأستاذ كمال عمر قائلا له يا كمال انا عاوزك تشتغل معاي وزير عدل . ولا شك أن الموقع المميز الذي وجده صديقنا كمال في المؤتمر الشعبي ((وهو الأمانة السياسية )) كان بدفع شديد وإصرار من الأمين العام الراحل الشيخ الترابي علي كمال عمر رغم قلة الخبرة السياسية والتنظيمية ووجود قادة في الحزب يكبرونه سنا وخبرة ولا نذيع سرا إذا قلنا ان هناك من كانوا ضد وجود كمال في هذا الموقع ومنهم من كان يري أنه أحق بمنصب الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي من كمال عمر بدعوي السبق في العمل التنظيمي ولم يكن الدكتور علي الحاج من هذا الصنف من الناس وليس هو الذي أقر مشاركة المؤتمر الشعبي في الحكومة التي كان قد إتخذ قرارها الحزب بقيادة الشيخ إبراهيم السنوسي وعندما سألت الصحافة عن مشاركة الحزب في الحكومة القادمة رد الدكتور علي الحاج قائلا : إنها محسومة بمعني أن قرار المشاركة قد تم إتخاذه قبل المؤتمر العام للحزب وإختيار الأمين العام الجديد دكتور علي الحاج محمد . كما أن مبدا عدم الجمع بين المناصب السياسية والتنفيذية والتشريعية من المبادي التي حسمها المؤتمر الشعبي عقب المفاصلة واكد عليها الحزب في الحوار الوطني وفي المشاركة في حكومة الوفاق الوطني القادمة .
أما الإحتجاج بالمؤسسية وأن الإخوة المعتذرين قد سمعوا عن اسمائهم في المؤتمر الصحفي كما صرح الدكتور شرف الدين بانقا في صحف الأمس فإن كانت هذه معضلة فلماذا لم يعتذر الدكتور موسي كرامة أو السفير إدريس سليمان أو الدكتور بشير آدم رحمة او سهير صلاح الدين والكل يعلم زهدهم في المواقع خاصة دكتور بشير آدم رحمة الذي صرح مرارا وتكرارا بأنه لن يتولي مسئولية في الحكومة القادمة ولكنه عندما تم تكليفه من قبل قيادة الحزب تقبل الأمر بإعتباره امرا تنظيميا لا نقاش فيه ولا جدال .
نقول إن الدكتور علي الحاج هو رمز من الرموز الوطنية وهو قيمة من القيم الكبيرة ويستحق التقدير والإحترام المؤازرة من شباب ونساء وطلاب المؤتمر الشعبي ومن القوي السياسية الأخري ومن الشعب السوداني لمواصلة العطاء الذي بداه مع الراحل الشيخ الترابي والسنوسي وغيرهم من قادة العمل الإسلامي وقد دفعت الحركة الإسلامية بالكتور علي الحاج في كافة المواقع السياسية والتنفيذية وظل علي الدوام جنديا مخلصا وتحمل الغربة والبعد عن الوطن في سبيل المبادئ والقيم التي تعاهد عليها مؤسسو المؤتمر الشعبي وقادته . وكما ذكر لي أحد الإخوة الكرام أن القوي السياسية السودانية لا تشبه المجتمع السوداني لما فيها من عدم تقدير للرموز الوطنية والسياسية وتجريحها بالكلام والجحود لدورها حتي يضطر سياسي في قامة الدكتور علي الحاج أن يقول هذه العبارة أنا ما تاجر بنقو حتي اتعامل سرا وويخرج المكتوم بعد أن كان شعاره المفضل خلوها مستورة .فهل يتقدم الأستاذ كمال عمر بإعتذار للدكتور والشيخ الجليل علي الحاج محمد أرجو أن يفعل الأستاذ كمال ذلك فقد ظل يعتذر للشعب السوداني عن إنقلاب الإنقاذ وعن بيوت الأشباح وغيرها من الإتهامات التي طالت حكومة الإنقاذ من القوي السياسية المعارضة إذا الإعتذار ضمن أدبيات الأستاذ كمال أبو عمر وسيفعلها وسيكون ذلك له وليس عليه .
انعاش الذاكرة السياسية.