في ظل تدني إنتاج النفط المورد القومي.. الاستكشاف والتنقيب والفرص المتاحة!

ينظر كثيرون إلى قطاع النفط بأنه أهم القطاعات التي يمكن من خلال تطويره واستكشافه وتنقيبه أن ترتقي البلاد إلى مصاف الدول المتقدمة، هذا من حيث الإنتاج، لكن لتحقيق ذلك الهدف الأسمى ربما يعتمد الأمر على تعديل سياسات وقوانين الاستثمار حتى تتاح الفرص وجذب أضخم الشركات العالمية في المجال، وبناءً على معلومات حكومية حديثة من الممكن تطوير الإنتاج النفطي من الحقول الموجودة، وبحسب مؤشرات اقتصادية فإنه من غير السهل في ظل ما تشهده البلاد أن تشرع الدولة نفسها في الدخول في استكشافات جديدة غير السابقة، وكان قد أدى توقف بعض الحقول وتناقص إنتاجية حقول نفطية أخرى إلى تراجع إنتاج السودان النفطي إثر انفصال جنوب السودان، من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف برميل، وتواصل الانخفاض خلال العامين الآخرين إلى أدنى من 70 ألف برميل يومياً، مع تزايد حجم الحاجة للطاقة والمشتقات النفطية، وهو ما أرغم الحكومة على استيراد أكثر من 60% من المواد البترولية، لتلبية الاستهلاك المحلي.

الاستهلاك اليومي
فيما يجيء تصنيف السودان كتاسع دولة عربية من حيث كمية الاحتياطي النفطي، بتقديرات بين 5 إلى 6 مليار برميل من النفط، ومع ذلك ما زال يستحوذ على أقل من 1% من الاحتياطي العالمي، إضافة إلى “2” تريليون متر مكعب من الغاز موجودة تحت الأرض، بيد أن استخراج واستغلال هذا الاحتياطي يحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة لم تكن متوفرة طيلة السنوات الفائتة، ووفقاً لمعلومات غير رسمية أن الاستهلاك اليومي يقدر بنحو 150 ألف برميل من النفط ومشتقاته من الاستهلاك العالمي، فيما يبلغ متوسط إنتاج النفط الحالي بين 60 إلى 70 ألف برميل يومياً، أي ما يقل عن نصف احتياجات الاستهلاك.

تنقيب قديم
وقديماً بدأت عمليات التنقيب عن النفط في السودان فعلياً بعد توقيع اتفاقية مع شركة شيفرون الأمريكية 1975 وبناءً على النتائج الجيدة لأعمال التنقيب تم التوقيع على اتفاقية أخرى ثنائية مع شركة شيفرون نفسها عام 1979 أعقبها إبرام اتفاقيات مع شركتي توتال الفرنسية، وصن أويل الأمريكية وبعد إجراء مسوحات جيولوجية وجيوفيزيائية في مناطق مختلفة من البلاد تم حفر 95 بئراً استكشافية منها 46 بئر منتجة مثل حقول سواكن، أبو جابرة، شارف، الوحدة، طلح، هجليج الأكبر، عدارييل وحقل كايكانق، و49 بئراً جافة، لكن كل هذه الاستكشافات لم يتبعها أي نشاط إنتاجي.

فرص استكشاف
وخلال النصف الثاني من العام الجاري أضافت الحكومة 3 ألف برميل من إنتاج حقل الراوات، كما نجحت اختبارات بئر بترول استكشافية بإنتاجية تبلغ 840 برميلاً في اليوم بحقل أبو جابرة مربع 17 ضمن خطة لوزارة الطاقة والتعدين لزيادة الإنتاج النفطي، وأوضحت أن شركة شارف في إطار خطتها نحو زيادة الإنتاج عملت بالتركيز على حقلي أبو جابرة وشارف، من خلال حفر عدد 2 بئر استكشافية و3 آبار تطويرية بالإضافة إلى زيادة الإنتاج باستخدام الطرق المحسنة وتم حفر البئر الاستكشافية الأولى بنجاح تام وهي في انتظار الربط والدخول في منظومة الإنتاج، بجانب اكتمال حفر البئر الاستكشافية الثانية بنجاح ووضعها في الإنتاج التجريبي لفترة من الزمن، وما زالت الاختبارات مستمرة لعمل مضاهاة ومقارنة لهذه الطبقة مع مثيلاتها في الآبار المقبلة بهدف زيادة الإنتاج ويعتبر مربع أبو جابرة من المربعات الواعدة بفرص استكشاف وتطوير الموارد النفطية بصورة كبيرة تتميز بجودة خاماتها.

مزاد مرتقب
في وقت تعتزم في وزارة الطاقة تطوير الإنتاج النفطي، وذلك بالإعلان عن مزاد عالمي قريباً تطرح فيه 27 ترخيصاً لامتيازات البحث والتنقيب عن النفط والغاز وتنميتهما، منها 24 امتيازاً في مناطق برية و3 امتيازات في مناطق بحرية، بحسب ما قال الوزير المكلف خيري عبد الرحمن أن السودان يأمل في جذب شركات ذات قدرات تكنولوجية واسثمارية قوية.

ضعف التخزين
يقول المختص في قطاع النفط إسحق جماع إن السنوات التي أعقبت خروج حقول النفط جنوباً مع الانفصال، لم تنقطع المحاولات لتطوير مناطق النفط المتبقية، بيد أن عقبات التمويل وقفت حائلاً دون إتمام مشروعات كثيرة، وقال إن الاستشكاف والإنتاج يحتاج لميزانيات ضخمة وشركات كبرى، وأوضح أن الاستثمار في قطاع النفط رغم ربحيته العالية للشركات والمستثمرين إلا أنه بطيء العائد وقد يستغرق عشرات السنوات، وأوضح جماع في تصريح، أن عدداً من الشركات العالمية الكبرى جاءت في العام الماضي لبحث الاستثمار النفطي في السودان بيد أن الأمر توقف عند الزيارة دون أن تبدأ خطوات لاحقة فعلية، وأكد وجود مواقع تحوي احتياطات كبيرة بحسب المسوحات غير أن الاستكشاف مكلف جداً – كما أسلف، لافتاً إلى أن الاستثمارات الكبيرة تحتاج إمكانيات وتجهيز البيئة المحلية، قائلاً: الوضع الراهن غير مساعد للاستكشاف، لكن من الممكن تركيز الاستثمار في زيادة المواقع الحالية ورفع مواعين التخزين لأن البلاد لا تملك مواعين لتخزين كميات كبيرة من النفط.

سياسات متكاملة
ويرى المحال الاقتصادي محمد النيل أنه ينبغي أن تستعجل الدولة العمل في المربعات المستكشفة ودمجها في دائرة الإنتاج النفطي وذلك لسد العجز المحلي، وقال في تصريح لـ(اليوم التالي) إن الشروع في الدخول في حقول النفط الجديدة سيجعل الحكومة في موقف أفضل إذا أرادت أن تتجه نحو تحرير سوق المنتجات النفطية – على حد قوله، وأكد أن قطاع النفط في حاجة ملحة لسياسات متكاملة وشفافة أكثر دون النظر في المعالجات المؤقتة أو الجزئية، مشيراً إلى وجود عجز في الإنتاج المحلي نتيجة لعدم وجود خطط لتغطية حاجة البلاد من الاستهلاك النفطي.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...