في أسواق العاصمة الخرطوم.. بائعات (البرتكان) .. (فاكهة) المهن
الظروف الحياتية الصعبة هي التي أجبرت المرأة على خوض أعمال شاقة، ولم تقف عند هذا النوع الناعم، بل تخطت الحدود ونافست الرجال في حرف وأشغال تتطلب أيادي خشنة وقوة بدنية كبيرة مثل البناء، صناعة الفخاريات والطوب، الميكانيكا، المصانع..
بل أصبح مشاهدة إمرأة (جزار) تمسك سكيناً أو تحمل ساطوراً أمراً عادياً، أو فتيات يقدن عربات (الكارو) يجرها حمار مليئة بالبرسيم، ولن تصفعك الدهشة عندما تدخل زنك الخضار وتشاهد النساء ينافسن الرجال في بيع الملوخية والقرع..
إن الوظائف والحرف التي تنافس فيها المرأة شقيقها الرجل من أجل (لقمة العيش) كثيرة ومتعددة ولكن بائعات البرتقال الذي يعرف محلياً ب(البرتكان) يعد (فاكهة) المهن التي تتوافق بشكل كبير مع طبيعة المرأة وطبيعتها المرنة، رغم أن مجموعة كبيرة تخلت عنها وتحول بعضهن إلى مهن أخرى مثل بيع الشاي والقهوة التي تدر عليهن فوائد مادية أكثر تغطي احتياجات الأسرة..
(خديجة – م) تمتلك راكوبة في سوق غرب أم درمان تعمل بائعة فاكهة، الوحيدة بين النساء هناك، كانت تعمل بجوار زميلتها التي تخوض معها نفس التجربة بمساعدة زوجها صاحب “بوكس” يجلب لها الفاكهة والخضار من سوق أم درمان، وبحسب أهالي المنطقة والمعاصرين لتجربتها فإنها بدأت تجارة الفاكهة مطلع الثمانينات، واستمر عملهن عقدين من الزمن تحت هذه الراكوبة، يبعن الفاكهة والخضار قبل أن يتقدم بهن العمر ويتركن محلاتهن الناشطة حتى اليوم تحت إدارة أيادٍ خشنة..
وكشفت ( بت النور ) عن تفاصيل تجارة الفاكهة بالحاج يوسف – القديمة التي ارتبطت بها عشرات السنوات؛ حيث كانت تجلب الفاكهة والخضار من السوق المركزي الخرطوم وتبيعه بمساعدة شاب ، بدأت أولاً ببيع الموز أمام منزلها بالشقلة، ثم ضمت البرتقال إلى تجارتها وبعدها وسعت عملها وجلبت أنواعاً أخرى من الفاكهة، قبل أن تتخلى عن بيع البرتقال بسبب قلة الدخل الذي يصل إلى درجة العجز في بعض الأحيان..
وعلى الرغم من الوجود النادر لبائعات البرتقال ومحاولتهن المنافسة في هذا النوع الراقي من التجارة، إلا أن الرجل بسط سيطرته وأحكم قبضته على تجارة الفاكهة التي تنتشر في الأسواق وشوارع الخرطوم الشهيرة، وتجدها معروضة بطريقة تقليدية تحت رواكيب مؤقتة في التقاطعات بجانب البطيخ والشمام وكذلك الخضروات..
ولم تكن (مريم) هي الوحيدة غرب أم درمان التي تمتلك “راكوبة” لبيع الفاكهة بما فيها البركان؛ لأن بالقرب منها زميلات يقمن ببيع البطيخ والشمام بجانب بعض الخضروات داخل سوق فرعي يطلق عليه (سوق الأرامل) وفي بعض الأحيان يعرف بسوق المطلقات وهو تظاهرة شرائية ناعمة توفر احتياجات المرأة قبل أن تقل الحركة بداخلها بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية الأخيرة، التي طردت الزبائن وأغلقت عدداً كبيراً من المحلات بما فيها بائعات البرتقال فاكهة المهن..