ماذا حدث في “الجغب”؟ الشرطة تضرب أوكار عصابات “9 طويلة” ومواطنون يشكون من انتهاكات نظامية
حملات مكثفة على أوكار الجريمة نفذتها الشرطة، استهدفت عصابات معروفة شعبياً بـ”9 طويلة” بعد أشهر من انفلات أمني عاشته العاصمة الخرطوم.
وأسفرت الحملات عن توقيف مئات المتهمين بينهم فتيات ودراجات نارية (مواتر) وتكاتك، إضافة إلى سيارات غير مقننة وعدد من الأسلحة النارية (طبنجات) وأسلحة بيضاء (سواطير) علاوة على خمور بلدية.
وبحسب سكرتير لجنة التغيير والخدمات _ الفطيماب شمال، عبدالعظيم يعقوب كبسور حامد، فإن القوة المشتركة والتي ضربت أوكار الجريمة بمنطقة “الجغب” حققت نجاحاً قدره بـ(75%)، وقال في تصريح لـ(اليوم التالي): ولكن لكل قاعدة شواذ، فقد حدثت بعض الانتهاكات لعدد من المواطنين الأبرياء وكان كل سببهم أن منازلهم بالقرب من هذه المنطقة، وأنهم تقدموا بشكوى إلى والي الولاية والذي بدوره وجه جهات الاختصاص بحل الأزمة.
إزالة العشوائيات
وتراجع مستوى الأمن بالعاصمة خلال الأشهر الماضية إثر انتشار عصابات تعرف محلياً بـ”9 طويلة” والتي تمارس عمليات النهب والابتزاز بالطرقات العامة وداخل الأحياء السكنية.
وعزا خبراء ومختصون التراجع الأمني إلى الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه البلاد منذ الـ(25) من أكتوبر الماضي.
ويقول سكرتير لجنة التغيير والخدمات – الفطيماب شمال، عبدالعظيم يعقوب كبسور حامد لـ(اليوم التالي) إن منطقة الجقب تقع شمال مربع 7 الفطيماب وهي منطقة تكثر فيها صناعة الخمور البلدية، مما جعلها تكون منطقة ذات طابع إجرامي وهي منطقة عشوائية تتبع إدارياً للفطيماب شمال، ولكن لديها لجنة أراضي قائمة بذاتها.
وأضاف : نسبة لتوفر الخمور البلدية ولعدم توفر الأمن بها جعلها ملاذ أمن لكثير من المجرمين الذين يأتون من خارج المنطقة، ولهذا أصبح النشاط الإجرامي بها ملحوظ وأن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي أبداً، فقد حضرت قوة مشتركة، وذلك بغرض شن هجوم على أوكار الجريمة، وقد نجحت في ذلك بنسبة 75% واستطرد بالقول “لكن لكل قاعدة شواذ فقد حدثت بعض الانتهاكات لعدد من المواطنين الأبرياء وكان كل سببهم أن منازلهم بالقرب من هذه المنطقة، ومن تلك الانتهاكات قد تم أخذ بعض تلفونات المواطنين والبعض الآخر أموال” مشيراً إلى لجوء المواطنين إلى اللجنة باعتبارها حكومة مصغرة بالحي، وتابع.. “بالفعل ذهبنا معهم إلى ولاية الخرطوم وتم رفع الأمر إلى أمين عام حكومة الولاية وقد وجه بحصر اسماء المواطنين الذين تم أخذ أشيائهم وقد شرعت اللجنة في ذلك وسيتم رفع الأمر لأمين عام الحكومة، ونحن نرى أن الحل الأمثل لحل مشكلة الجقب أولاً، يتم إزالة هذه المنطقة العشوائية وذلك بتسويتها بالأرض وإزالة بقايا مخلفات صناعة الخمور البلدية مثل البلح وهي كالجبال، وربما يكون قد رأوها أفراد الحملة مؤخراً لأنها لا تخطئها العين، وثانياً يتم تسليم سكان العشوائي لأن جميع إجراءاتهم منتهية ولم يتبق إلا إجراء قرعة السحب والتي تم تقديرها بالمليارات، كما نرى أن يتم إنشاء قسم شرطة، وذلك للحد من الجريمة، كما أنه يوجد نشاط ملحوظ لعربات الصرف الصحي والتي جعلت تلك المنطقة مكباً لها.
تحجيم النشاط الإجرامي
والثلاثاء الماضي، قالت وزارة الداخلية، في بيان صحفي، إنه “في إطار خطة لجنة الأمن والدفاع لمحاصرة الجريمة والقضاء عليها وتجفيف الشبكات الإجرامية؛ شنت القوات المشتركة يوم (الاثنين) حملات منعية وكشفية كبرى واسعة النطاق ضمن عمليات الأمن الداخلي استهدفت بها منطقتي العزبة بمدينة بحري شمالي الخرطوم والجغب بالحارة (26) غربي أمدرمان”.
وشدد البيان أن الحملة بالمنطقتين أسفرت عن توقيف 193 متهماً بينهم 8 فتيات، و33 دراجة نارية “موتور” و26 توكتوك “ركشة”، بجانب 5 سيارات غير مقننة و 2 طبنجة، وعدد كبير من الأسلحة البيضاء “سواطير” والتخلص من كمية كبيرة من الخمور البلدية، وأضاف البيان أنه تم اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة المتهمين بمراكز شرطة دوائر الاختصاص، وتم حجز المعروضات توطئة لتقديمهم للمحاكمة.
وأشارت وزارة الداخلية إلى أن “هذه الحملات حققت أهدافها المطلوبة في تحقيق الأمن والأمان للمواطن وتحجيم الأنشطة الإجرامية لهذه المجموعات الإجرامية التي تستهدف المواطنين الآمنين وتعمل على ترويعهم”.
انفلات أمني
ويرى متخصصون أن انتشار الظاهرة بصورة مستمرة يضع الجهات الأمنية والشرطية في اختبار يقدر نجاحها المواطن بتوفر الأمن والأمان.
انتشرت، وبصورة ملفتة للأنظار في الآونة الأخيرة، عمليات السرقة والنهب بواسطة عصابات الدراجات البخارية، والتي عرفت بمصطلح ( 9 طويلة) في دلالة إلى سرعة عملية النهب أو القتل أو الضرب أو غيره، مما جعل كثيرين يتخوفون من انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير داخل العاصمة الخرطوم، وذهب كثيرون إلى ضرورة حمل وترخيص الأسلحة النارية لحماية أنفسهم من وجود ما أسموه بـ(التفلتات)، فيما ذهب البعض الآخر إلى ضرورة حمل الأسلحة البيضاء كوسيلة للدفاع في حالة اعترض أي شخص طريقهم.
وقال المواطن بدرالدين الصادق إن ما يحدث من انفلات أمني نتيجة لتراخي السلطات في حسم التفلتات التي تحدث بصورة يومية، والتي أودت بحياة الكثيرين مما قلل الثقة بين المواطن والسلطات الأمنية والشرطية في المحافظة على أمن وسلامة المواطن.
وتكرر انتشار ظاهرة النهب والسرقات الليلية لأصحاب الدراجات البخارية، حيث تابعنا قبل يومين اعتراف المتهم بقتل نظامي رمياً بالرصاص وطعناً بالسكين، حيث سجل المتهم بقتل نظامي رمياً بالرصاص وطعناً بسکين اعترافاً قضائياً بالجريمة بمحکمة أمبدة.
ذعر تام
بدورها قالت الاختصاصي النفسي د. عفاف إبراهيم حامد، حول انتشار ظاهرة سرقات المواتر خلال الفترة الماضية، لـ(اليوم التالي): لا أنكر أننا نعيش في ذعر تام بالنسبة لأبنائنا جعلنا نتخوف من ذهابهم إلى المناطق النائية، مشيرة إلى تأقلم كل الشعب السوداني مع الظاهرة وابتدعوا لها مسميات ترسخت في ذهن المواطن ، وتساءلت عن غياب الجهات الأمنية والشرطية مما يحدث من إجرام منظم، وأضافت.. أن بسبب انتشار مثل هذه الجرائم ستنعدم القيم السودانية السمحة وينعدم التكافل الاجتماعي .
وأشارت بالنسبة إلى السارق فإن تداعي الشائعات التي وضعت عدداً من التساؤلات أهمها: هل هذا
العمل منظم أم أنها تنفيذ لأجندة سياسية، أم أنها تفلتات نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية…؟
واستنكرت حدوث مثل هذه الجرائم، مضيفةً أن ما يحدث يعني وجود خلل في النفسية والسلوك الإنساني للإنسان تجاه أخيه الإنسان وفي مبدأ الحوجة نفسها، وتساءلت أيضاً هل هي حوجة من أجل توفير القوت والشراب أم أنه سلوك إجرامي ناتج للمخدرات وغيرها من المنشطات أم السلوك التربوي…؟
وشددت على ضرورة عرضهم على الاختصاصي النفسي، وأن الظاهرة تخضع للدراسة والبحث، وذهبت إلى ضرورة تناول إحدى الحالات كعينة للإجابة على التساؤلات التي تتبادر إلى ذهن المواطن .
فيما طالبت بتدخل الجهات العليا لتوفير الأمن والأمان والاستقرار للمواطن وحسم مثل هذه التفلتات.