أزمة الغذاء.. المعاناة الإنسانية والأضرار الاقتصادية

يوم بعد يوم يتفاقم المشكل الاقتصادي سواء محلياً كان أو عالمياً، هذا ما أفرزته التقلبات والصراعات السياسية والعسكرية خاصة بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلال سالبة على اقتصاديات أعتى الدول خاصة الأفريقية، وتبدو أن هذه المرة كانت شديدة الحدة طالما أطلقت المديرة التنفيذية لشركة إمدادات الغذاء العالمي تحذيرات للعالم أجمع، أنه في غضون 10 أسابيع سيواجه العالم أزمة غذاء بسبب تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، مستدلة بحديث الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، الذي قال إن روسيا أغلقت جميع الموانئ تقريباً وجميع الفرص البحرية لتصدير الغذاء، الحبوب، والشعير، وعباد الشمس، وأشياء أخرى، وأضاف: إذا لم يرفع الحصار الروسي على الصادرات الأوكرانية، فإن أزمة غذائية ستضرب العالم.
ولأن السودان ليس بمعزل عن العالم، إذ تخيم بعض الأزمات الاقتصادية المتفاقمة على أرجاء البلاد، متمثلة في ارتفاع معدلات التضخم وأسعار المواد الأساسية متضمنة الأغذية والأدوية والسلع الأخرى، ومع ذلك هناك بعض المؤثرات والمؤشرات عوامل تشارك في انعدام الغذاء، والتي من بينها مسألة النازحين واللاجئين من دول الجوار، وظهور الأمراض المعدية وتغير المناخ كل ذلك انعكس سلباً على ضعف الإنتاج مما أضعف الاقتصاد بشكل كبير.
أزمة غذائية
وتنتج أوكرانيا قدراً كبيراً من الإمدادات الغذائية العالمية، بما في ذلك ما بين 25% و30% من إمدادات الحبوب في العالم جنباً إلى جنب مع روسيا، وتمثل نسبة 30% من إمدادات القمح للعالم من أوكرانيا وروسيا، في الوقت الذي حذرت فيه خبيرة إمدادات الغذاء العالمية في شركة غرو إنتيلجينس، سارة مينكر، من أزمة عالمية في غضون 10 أسابيع فقط، لتضيف إلى تحذير سابق للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.
وقال زيلينسكي في مطلع هذا الأسبوع إن روسيا أغلقت جميع الموانئ تقريباً وجميع الفرص البحرية لتصدير الغذاء، الحبوب، والشعير، وعباد الشمس، وأشياء أخرى، متوقعاً أزمة غذاء عالمية، بعد أزمة الطاقة التي أثارتها روسيا، وأضاف: إذا لم يرفع الحصار الروسي على الصادرات الأوكرانية، فإن أزمة غذائية ستضرب العالم، وستتأثر بها دول إفريقيا وأوروبا وآسيا التي تحتاج إلى هذه المنتجات الغذائية.
تضافر الجهود
ووفقاً لبيانات من مرصد التعقيد الاقتصادي، تمثل أوكرانيا أيضاً 9.29% من إمدادات الذرة في العالم، ومؤخراً أغلقت روسيا موانئ أوديسا وماريوبول وسط استمرار الحرب مع أوكرانيا للسيطرة عليها.
وقالت المديرة التنفيذية للشركة سارة مينكر فإن العالم أمامه 10 أسابيع فقط لإنقاذ احتياجاته من القمح، وأضافت مينكر خلال اجتماع خاص لمجلس الأمن الدولي: (هذا مزلزل) حتى لو انتهت الحرب غداً، فإن مشكلة الأمن الغذائي لدينا لن تختفي قريباً دون تضافر الجهود العالمية، وأوضحت أن الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي والبيانات العامة والخاصة للتنبؤ باتجاهات إمدادات الغذاء، وتؤكد مينكر أن الغزو الروسي لم يتسبب في أزمة أمن غذائي، بل غزا ما كان يجري بالفعل، وقالت مينكر: بدون إجراءات عالمية عنيفة، فإننا نتحمل مخاطر حدوث قدر غير عادي من المعاناة الإنسانية والأضرار الاقتصادية.
الجوع الحاد
وكان قد حصل برنامج الغذاء العالمي في السودان مساعدات مالية تقدر بـ 8.24 مليون دولار، من إدارة التنمية الدولية للمملكة المتحدة لدعم أنشطة المساعدات الغذائية والنقدية للأسر السودانية الضعيفة، ويفيد برنامج الغذاء العالمي أن هذا التمويل المرن سيمكن برنامج الأغذية العالمي من تقديم المساعدات الغذائية والنقدية الطارئة للأسر السودانية الضعيفة التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وقال المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي في السودان إيدي رو وفقاً للبيان: يعاني واحد من كل أربعة أشخاص في السودان من الجوع الحاد، نحن ممتنون للغاية للمملكة المتحدة على هذه المساهمة، والتي تأتي في وقت حرج في البلاد حيث تتزايد الاحتياجات الإنسانية، والموارد المتاحة غير كافية للوفاء بها، وأضاف أن الطبيعة المرنة لهذا التمويل أمر بالغ الأهمية أيضا،ً لأنه يسمح لبرنامج الأغذية العالمي بالاستجابة بسرعة عند ظهور الأزمات، حتى نتمكن من تقديم المساعدة للأشخاص المحتاجين، حيثما يحتاجون إليها، وعندما يكونون في أمسّ الحاجة إليها، وبهذا يرتفع إجمالي المساهمة المقدمة من إدارة التنمية الدولية للمملكة المتحدة في الخطة الاستراتيجية القطرية لبرنامج الغذاء العالمي في السودان خلال الفترة 2019 – 2023 إلى 44 مليون جنيه إسترليني.
مواجهة المهددات
وتجيء ردة الحديث حول ذلك من قبل إدارة الأمن الغذائي بوزارة الزراعة، لتؤكد على أهمية وضع حلول لمواجهة مهددات الأمن الغذائي السوداني بجانب تقوية الاعتماد على الإنتاج الغذائي المحلي دون الارتكاز بصورة مستديمة على الاستيراد، وأوضح مدير الأمن الغذائي بوزارة الزراعة عمار بشير في تصريح صحفي أنه لا بد من وجود آلية مطلوبة ومعمول بها في مجال الموازين الغذائية العالمية، وحثّ على تنشيط وتحريك التجارب الناجحة في مجال إنتاج الغذاء من المنتجات المحلية كالذرة والدخن والذرة الشامية، وأشار إلى أهمية بناء وتقوية وتحديث مخزونات السودان الوطنية الغذائية ومستودعات الطاقة، لمواجهة مثل هذه الأوضاع التي يخشى من أن تلقي بظلالها على السودان مثله مثل الدول الأخرى بالإضافة إلى تنويع وتشكيل مصادر أسواق الغذاء الخارجية، وعدم الاعتماد على منطقة أو إقليم واحد للاحتياجات الخارجية من الغذاء، لتجنيب البلاد المعادلات السياسية والاقتصادية الخارجية، ونبه متخذي القرار قائلاً: علينا بالتركيز والاعتماد بصورة أكبر على أجهزة بياناتنا الوطنية في مجال إمدادنا وتدعيم قرارنا الوطني في جانب الغذاء وأوضاعنا الغذائية، والعمل على تقوية وتمكين وتفعيل هذه الأجهزة لتكون حاضرة في مجال البيانات الوطنية الغذائية، داعمة لمتخذ القرار كافية له في هذا الشأن.

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...