وقفة واجب مع مزارعي وطني.. مبادرة شراء القمح.. حماية المستهلك مساعٍ لجبر الضرر
بعد أن تمنعت الحكومة ممثلة في البنك الزراعي السوداني بعدم استلام القمح من المزارعين بسعر 43 ألف جنيه، كما أعلنت عنه قبل عمليات حصاد العروة الشتوية لهذا العام، تأتي مرة أخرى وتطالب بتوريد المحصول إلى مدينة جياد جنوب الخرطوم بواسطة المزارعين أنفسهم التي وصفت بشروط قاسية إلى المكان الذي أخطرت عنه، وقبل أن يحدث ذلك، ظهر منشور لرئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك يتضمن إطلاق مبادرة لشراء جوال القمح من المنتجين بسعر يصل إلى 45 ألف جنيه بدلاً عن 43 ألف جنيه من السعر التريكزي الذي حددته الحكومة، واختارت المبادرة شعار وقفة واجب مع مزارعي وطني، وسرعان ما وجدت قبولاً وتفاعلاً واسعاً عبر منصة التواصل الاجتماعي، وبحسب متابعات “اليوم التالي” فإنه من المقرر أن يعقد أصحاب المبادرة، أمس،(الاثنين) اجتماعاً موسعاً لدراسة الخطة والشروع في التنفيذ، دعماً للمزاع والقمح العضوي الطبيعي السوداني بعيداً عن شراء القمح المستورد.
مطلوبات تعجيزية
يروي المزارع بمشروع الجزيرة، محمد عبدالله، أنه تعرض ورفاقه المنتجين لخسائر فادحة بسبب سياسات وزارة المالية، وتابع قائلاً : أنا أقلب صفحات الفيس وجدت أن الأمر متعلق بالقمح، لأجد منشوراً يتعلق بمبادرة شراء القمح، واصفاً أنه نزل على قلبه برداً وسلاماً، وقال إنه عزم على ألا يزرع قمحاً مرة ثانية، وأضاف في تعليق حول (المبادرة) “لكن عشان هؤلاء الرجال سوف أزرع إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً “، وواصل قائلاً “ما لا تعرفونه عن القرارات الأخيرة أن وزير المالية وافق على أن يستلم قمح التكلفة فقط ب43 ألف جنيه، في حين أن نائب رئيس مجلس السيادة، وعد المزارعين بشراء القمح ب 53 ألف جنبه”، وتابع..” إن البنك الزراعي قبل أيام حدد أن يقوم المزارع بتسليم القمح في جياد بجانب أن يكون نوع الخيش والوزن المطلوب وتكلفة الترحيل على المزارع، واصفاً بأنها مطلوبات تعجيزية، وبذلك يتعجب من مسألة أن مزارع في مشروع الجزيرة و في غرب المشروع تصل تكلفة الجوال إلى أن يصل جياد أكثر من 10 آلاف جنيه”!
تعكس التعاون
يقول مهتم بالمجال الزراعي، محمد النويري، إن المبادرة في قمة الروعة وتعكس روح التعاون وطبيعتنا السودانية السمحة في تجسيد الأخوة والتعاون والمساندة، وقال إن قمح الجزيرة معروف أنه عالي الجودة و يسقى بمياه طبيعية خالية من أي تلوث، وزاد قولاً : إن طعمه أحلى من السكر.
منافع اقتصادية
ويرى مهندس زراعي، عمر كرين، أن الأمن الذي يحفظه المزارع للدولة ليس أقل أهمية من الأمن الذي يقوم به العسكر، ويضيف؛ بل تحتاج له الدولة في السلم وفي الحرب، وأبان أن الصرف على الأمن العسكري لا تسبقه دراسة جدوى اقتصادية، وقال.. ينبغي على الدولة واجب الصرف على الأمن الغذائي بتوفير الغذاء الأساسي للمواطن بسعر معقول، و خفض تكاليف الإنتاج للمزارع بدون دراسة جدوى اقتصادية، وأكد أن فوائد الجدوى ستكون اجتماعية؛ مما تنعكس بمنافع اقتصادية للمزارع والمواطن والدولة.
تستحق الدعم
يصف المزارع متوكل الطيب، بمشروع الجزيرة، مبادرة شراء القمح، بأنها جميلة وتستحق الدعم والمساندة، وشدد على ضرورة دعم المنتجين وصغار المزارعين، بالذات في هذا الموسم فقد تكبدوا خسائر فادحة نسبة لتكاليف الإنتاج التي كانت عالية جداً، وأرجع ذلك لطموحات رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بجانب إغلاق الشرق في ذلك الوقت كان المزارع يبحث عن جوال السماد الذي أصبح معدوماً تماماً حتى وصل سعر الجوال الواحد 50 ألف جنيه.
شروط قاسية
يقول الخبير الإعلامي، عبداللطيف محمد البوني، إن البنك الزراعي وضع شروطاً قاسية لاستلام القمح من المنتجين الذين مولهم، وأكد في حسابه على تويتر، “لم يترك حتى نوع الخيش وعدد غرز الخياطة وكل الجبايات يدفعها المزارع والكمية على قدر مبلغ التمويل”، وأوضح أن الأنكى أن الاستلام سيكون في جياد و الباقير والترحيل على المزارع، ويضيف البوني ” كأنما يقول لهم بيعوا بأبخس الأثمان في قراكم”.
كلام ونسه
الخبير الزراعي، أنس سر الختم، وصف مبادرة شراء جوال القمح ب45 ألف جنيه كلام ونسه، وقال إن الأمر يحتاج إلى تنظيم وإصدار قرار للبنوك والممولين بأن لا يلاحقوا المزارع في سداد تمويل تكلفة الإنتاج، وشدد على ضرورة أن يلتزم كل من البنوك والممولين بشراء القمح عينياً بالسعر المعلن وبالتالي يكون ذلك مجزياً للمزارع وموازياً لتكلفة الإنتاج، وطالب أنس عبر تصريح ل(اليوم التالي) بأن تلتزم مطاحن الغلال الكبرى ويتا وسين بشراء القمح من المنتجين مباشرة للحد من استيراد القمح من الخارج، وأوضح أن الضامن لاستلام المطاحن للقمح وزارتا المالية والزراعة، وأنه خلاف ذلك قد يضطر المزارع للبيع في السوق، ونوه إلى أن العالم مقبل على مجاعة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ولفت إلى المساحة المزروعة في الموسم 2022 من العروة الشتوية لا تزيد عن 500 ألف فدان، وأشار إلى أن كمية الاستهلاك المحلي في العام 2013 من القمح بلغت 2300 ألف طن، ويعتقد أنها في العام 2022 ارتفعت إلى أكثر من ضعف ذلك نسبة لزيادة السكان والهجرة من الريف إلى المدن، ومضى قائلاً : مبشرين بمجاعة وكذلك بخريف مبشر للعروة الصيفية، وحث الدولة على استغلال المشاريع على أن تتم زراعتها بأكبر كمية من الذرة.