عثمان حسين الحان من العيار الثقيل

محمد صالح عبد الله يس
‎مرت علينا بالأمس ذكرى رحيل الإنسان الفنان عثمان حسين الذي طرز حياتنا نغماً ووصلاً جميلاً بمختلف المشارب وضروب العطاء الفني الباذخ الموسوم بالأخلاق والمحبة
‎كان أحد أعمدة الغناء في السودان فكم أطربنا وأشجانا بألحانه الطروبة وموسيقاه العذبة الرشيقة
‎عثمان حسين أنجب ألحاناُ من العيار الثقيل وولد من رحمها ذكراناً وإناثاً وشَّى بها ديوان الغناء السوداني وطرز بها مخامل وجداننا وعظام عاطفتنا له
‎ جمل موسيقية رشيقة وباذخة شفيفة الإيقاع سهلة الهضم.. عجينته من طينة نادرة جمعت في أحشائها خرزاً وعقوداً.. عثمان حسين أحد صناع الجمال ومنتجو الدهشة في وجدان الشعب السوداني أنجب من الألحان ذكراناً وإناثاً طرز بها حياتنا ووشّى عتاميرها بالسندس ونداوة الاخضرار أسكرنا بطيوب ألحانه، ثم مضى الى عالم الخلود ولم يزل في كأسه حبب أغنياته من جنس السهل الرشيق كعجوة معطونة برحيق زنابق جبل مرة. فكم أطربنا بعذوبة صوته وموسيقاه الجزلة المكسوة بأبهى حلل الجمال والتي استبضعها من حوانيت معتقة فانتقى أعذبها وغزل منها ألحاناً باذخة تفتك لحاظها من يستغرق النظر إليها بأُذنه كما يقول النطاس البارع البروف صلاح الفاضل (عن فن الرؤية بالأذن) ولله در من قال إن الأذن تعشق قبل العين أحياناً، من يسمعها يخرُّ صريعاً مغشياً عليه. من مرت به تعهنت رأسياته وانتفشت الى فضاء الدنيا مخترقةً وجداننا وأعماقنا البعيدة وتأبى أن تفارق مآقينا
أاضاف مداميك رائعة في ديوان الغناء السوداني.
غاب عثمان حسين وترك لنا قساوة التذكار بعد أن أمتعنا وأتحف حياتنا بكل ما هو جميل.. غاب عثمان حسين وغابت معه تقاسيم فاخرة وصوت عذوب
‎ماذا يفعل فينا الغياب؟ نكبر كل يوم ويتوقع منا الآخرون أن نتوقف عن البكاء ويطلبون منا أن نكون أكثر صلابة وأن نصبح على قدر المسؤولية وأن نعتاد نعتاد الغياب والرحيل.. ‎كل يوم يمر علينا ينعي الناعي لنا أحد أحبتنا كيف نبقى أحياء، بينما تموت أجزاء منا كل يوم يموت الأحبة ويرحل الأصدقاء ونمنع من لقاء أحبابنا لسنوات طويلة لأن أوطاننا لفظتنا بفساد أنظمتها وظلمها وتركتنا في منافي الدنيا نعيش قساوة التذكار وبؤس الغربة.. نعيش هنا ولا ندري من يدفن من؟ عثمان حسين كان يوزع بيده الورود للجميع وحتماً من يوزعها تبقى بيده شيئاً من عبقها.
‎رحمة ربي تغشاك في عوالم الخلود

          
قد يعجبك ايضا
تعليقات
Loading...