“وسوسة الشيطان والبخور” يجدد معركة الوعي بالسودان
“هل يمكن أن نتخلص من وسوسة الشيطان ببخور اللبان؟”، سؤال تضمنه امتحان التربية الإسلامية في أول أيام امتحانات الشهادة الثانوية في السودان، أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض غريباً وغير منطقي وينشر أفكار مجتمعية متعلقة بالروحانيات التي لا علاقة لها بالدين، بينما رأى فيه آخرون أنه يثير الصراع بين الصوفيين والسنيين.
شرح السؤال
في الوقت الذي أثير فيه الجدل حول السؤال ومدى صحته وعلاقته بالمنهج، قال المعلم بمدينة حلفا، محمود النادي، في تصريح لوكالة السودان للأنباء، إن “السؤال منطقي ومصدره يرجع لباب الآيات القرآنية المختارة للدراسة، وتحديداً الآيات من سورة النحل بعنوان (آيات العدل والوفاء بالعهد)، وموضع السؤال يرجع إلى الآيتين (٩٨-٩٩) من سورة النحل “فإذا قرأۡت ٱلۡقرۡءان فٱسۡتعذۡ بٱلله من ٱلشیۡطـٰن ٱلرجیم * إنه لیۡس له سلۡطـٰن على ٱلذین ءامنوا۟ وعلىٰ ربهمۡ یتوكلون”.
ويضيف أن “الاستعاذة تطرد الشيطان وتحث على الإيمان بالله والتوكل عليه سبحانه وتعالى، ولما كان استخدام بعض المجتمعات في السودان لوسائل خرافية وأساطير في طرد الشيطان والسحر والشعوذة كان هذا السؤال جيداً للغاية، حيث نجد المراد منه علاج مثل هذه الاعتقادات الخاطئة الموجودة في بلادنا”.
وقال إن “الذين سخروا من هذا السؤال عليهم أن يسألوا أهل الشأن وهم معلمو التربية الإسلامية، وأن يتركوا التسرع في الأحكام ونقل الشائعات وتشويه سمعة التعليم وصورته داخل البلاد وخارجها”.
خرافات وجهل
في الوقت الذي دافعت فيه وزارة التربية والتعليم عن السؤال الذي وضعته في امتحانات الشهادة الثانوية، قال التربوي محمد السر إن “الوزارة تتعامل مع الأسئلة بصورة أكثر حداثة وتخرج من إطار الأسئلة العادية والتقليدية وتقدم أسئلة أكثر تطوراً لتجعل الطلاب يخرجون من الأجواء النمطية”.
وفي ما يتعلق بجدلية السؤال، أضاف السر أن “السؤال يتناسب مع المجتمع الذي يعيش فيه الطلاب، حيث يرون بأعينهم خرافات المجتمع، فهناك من يقدم بخارات للمرضى على أساس أنها تشفي وتمنع المرض وتمنح التوفيق والنجاح، وهذا أمر غير صحيح، ويجب أن ينتبه له الطلاب الذي أصبحوا مؤهلين لمعرفة هذه الأمور والعمل على محاربتها ونشر الوعي بخصوصها”.
وقالت الباحثة الاجتماعية نجوى عبد الغني إن “مثل هذه الأسئلة تعمل على جعل الطلاب على وعي بما يتعلق بهذه الأمور التي يعتبرها المجتمع عادية، خصوصاً أننا في مجتمع يؤمن بالخرافات أكثر من الأمور الدينية”.
البعض اعتبر أن السؤال سيفجر أزمة بين “السنيين” الذين هم ضد معتقد (البخرات) والصوفيين الذين يقدمونها للمرضى بهدف العلاج. وقال الشيخ الصوفي عبد القادر علي إن “محاولة تشويه صورة الصوفية كانت مقصودة وواضحة وطرح هذا السؤال واعتبار أن البخرات خرافة ما هي ألا محاولة لتأجيج الصراع بين الجانبين الذين هم دائماً على خلاف، لذلك يجب أن يترك الطلاب في حالهم ليقرروا مصيرهم في ما يتعلق بالمذهب بعد دخولهم الجامعة، وعدم تشتيتهم بأسئلة هي في الأصل عليها جدل كبير”.