مواقف قوى المجلس المركزي من الحوار
تحصلت (اليوم التالي) على تسريبات من مصادر موثوقة أن القيادي بالحرية والتغيير ياسر عرمان يقود مجموعة تبشر برؤية مفادها عدم مشاركة الحرية والتغيير في السلطة القادمة، وأن تتشكل الحكومة من كفاءات مستقلة على أن تشارك الأحزاب في المجلس التشريعي الانتقالي.
وأكدت المصادر للصحيفة أن توجه عرمان لا يجد ترحيباً كبيراً وسط كوادر الحرية والتغيير، ومع ذلك لم يرفضوه علناً داخل الاجتماعات التي تداولت مستقبل الحوار بين الحرية والتغيير والمكون العسكري.
اللقاء بين المكون العسكري والحرية والتغيير أنتج ارتدادات قوية وسط أنصار التحالف بين رافض ومرحب ومتحفظ، وكان لافتاً رفض عدد من قيادات الحرية والتغيير لخطوة التقارب مع المكون العسكري وكتب بعضهم وتحدث آخرون للقنوات الفضائية رافضين للخطوة بمبررات عدة ومن بين هؤلاء محمد ناجي الأصم القيادي السابق بتجمع المهنيين، والبراق الوراق، وهو أحد إعلاميي الحرية والتغيير المعروفين، ثم إبراهيم الأمين القيادي بحزب الأمة وهذا مؤشر على أن الحرية والتغيير اتخذت قرار التقارب مع المكون العسكري على عجل ولم يكفِها الزمن لمشاورة وإبلاغ عدد من قياداتها.
ولكن ليس هذا فحسب، فقد أعلن حزب البعث العربي بقيادة علي الريح السنهوري موقفاً رافضاً لخطوة الحوار وقال في بيان له (السبت 11 يونيو) إن لقاء كافوري بين قيادات الحرية والتغيير وممثلي المكون العسكري كانت خطوة غير مدروسة وإنها لم تراعِ تحفظ بعض الأحزاب داخل التحالف على هذه الخطوة، وهو أمر يثير التساؤلات خاصة أن ممثل حزب البعث وجدي صالح كان أحد المتحدثين في المؤتمر الصحفي الذي دعت له الحرية والتغيير بعد لقاء الخميس في كافوري. وقال حزب البعث في بيانه: (أكد في بيان له أن طريق تجاوز الأزمة واحد، خلاصته إسقاط الانقلاب الدموي باستمرار النضال السلمي وصولاً إلى إعلان الإضراب السياسي والعصيان العام عبر بلورة أوسع جبهة من قوى الديمقراطية والتغيير وإقامة سلطة مدنية ديمقراطية تفرض سلطانها على كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، كما أكد على ذلك مؤتمر الحرية والتغيير يوم الجمعة الماضي، سواء بالإرادة الشعبية عبر العصيان المدني أو بعملية سياسية يكون هدفها واضح ومعلن، وهو إنهاء الانقلاب وتصفية ما نجم عنه عبر آلية محددة وفي زمن محدد). حسب تعبير البيان وهذا بالمقابل يثير من التساؤلات أكثر من الإجابات.
فقبل موقف البعث أصدر حزب الأمة (الأحد) بياناً رحب فيه بالخطوة وأعلن كامل دعمه لها وقال البيان: (يؤكد الحزب موقفه الثابت بدعم مساعي قوى الحرية والتغيير لإكمال الحل السياسي عبر مراحله المعلن عنها ويرى أن الخطوة النهائية يجب أن تشرك جميع مكونات القوى الثورية الأخرى توحيداً للصف الوطني)، فيما أعلن المؤتمر السوداني على لسان رئيسه عمر الدقير موقفاً داعماً للخطوة.
وتتشكل الحرية والتغيير المجلس المركزي من أربعة أحزاب رئيسية الآن، وهي لم تعد الحرية والتغيير ذات الـ20 مكوناً حين سقط نظام المخلوع البشير في أبريل 2019 وحين كانت تحالفاً واسعاً وقع على الوثيقة الدستورية في أغسطس 2019 وشكل حكومة حمدوك الأولى والثانية ثم أطاحت بهم من السلطة إجراءات 25 أكتوبر 2021. خرج من التحالف أولاً الحزب الشيوعي مطلع 2021، ثم تبعه خروج تجمع المهنيين السودانيين أحد الأضلاع الخمسة الرئيسية في تحالف الحرية والتغيير الذي قاد ثورة ديسمبر، ثم اتخذ حزب الأمة موقفاً مستقلاً، ثم انشقت الجبهة الثورية وشكلت الحرية والتغيير (ب) أو الميثاق الوطني، وبعد 25 أكتوبر خرج الحزب الجمهوري والحزب الوطني الاتحادي بقيادة أزرق طيبة وتيارات أخرى وشكلت الحرية والتغيير (ج) أو القوى الوطنية بقيادة حيدر الصافي ويوسف محمد زين، فيما لا يعرف موقع الحزب الناصري بقيادة ساطع الحاج من التشكيلات الثلاثة وإلى أيهما ينتمي وينطبق ذات الأمر على حزب البعث السوداني بقيادة محمد وداعة، أما آخر الخارجين من الحرية والتغيير فهي كتلة المجتمع المدني أحد المكونات الرئيسية للتحالف.
إذن لم تعد الحرية والتغيير كما كانت وأصبحت الآن تتشكل من أربعة أحزاب هي البعث بقيادة علي الريح السنهوري، والمؤتمر السوداني، والتجمع الاتحادي بالإضافة لحزب الأمة القومي.. وفي 9 يونيو الجاري اتخذت الحرية والتغيير موقفاً جديداً وتراجعت عن مواقفها المتشددة السابقة وقبلت بالجلوس مع المكون العسكري بوساطة السفير السعودي في الخرطوم ومساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في، وهو الخطوة التي وجدت ترحيباً من الشارع السياسي السوداني الذي أنهكه الصراع الدامي بين الأطراف السودانية والذي امتد لثلاث سنوات ويدخل في عامه الرابع وهو صراع استنزاف للدولة ومواردها وفرصها في التطور السياسي والأمني والاقتصادي.