فرصة قد لا تتكرر أمام السودان
د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية، من ارتفاع هائل لأسعار الغذاء والطاقة، وتوالي ارتفاع نسب التضخم لأرقام قياسية في الاقتصادات المتقدمة، بسبب تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، يجعل هناك فرصة مواتية للسودان لانطلاقة اقتصادية كبرى، بسبب توفره على موارد طبيعية هائلة في الأرض والمياه، وإمكانات هائلة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة من السدود المائية، وهي موارد صديقة للبيئة.
تحركات جادة تقودها الجامعة العربية لتفعيل ملف الأمن الغذائي العربي، سفير السودان بجمهورية مصر العربية ومندوب السودان لدى الجامعة العربية السيد/ محمد الياس، في قلب هذا الحراك استشعاراً منه للدور الذي يمكن أن يلعبه السودان في هذا الملف المهم.
أعلنت الجامعة العربية عن مبادرتها الخاصة بمكافحة الجوع، وأوكل إطلاقها من منصة الجامعة العربية للدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال أسبوع التنمية المستدامة الذي أقامته الجامعة العربية بالقاهرة قبل أسابيع. وفي نفس الإطار تبنت دولة الكويت مبادرة الأمن الغذائي العربي خلال المؤتمر التشاوري لوزراء الخارجية العرب، وتمت إحالة المبادرة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية لإعداد الدراسات بشأنها؛ توطئة لاعتمادها في الاجتماع الوزاري القادم في سبتمبر 2022، ليضمن أجندة القمة العربية المقررة في نوفمبر القادم بالجزائر.
إذا ما اعتمدت قمة الجزائر مبادرة الأمن الغذائي العربي، فإنها سوف تكون القمة العربية الثالثة التي تتبنى مبادرة بهذا المسمى، فقد سبقتها من قبل قمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في يناير 2009، ثم قمة الرياض الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في يناير 2013. ما يجعل قمة الجزائر مختلفة هو أنها تأتي في ظروف بالغة التعقيد والصعوبة على الدول العربية.
بناءً على القرارات الصادرة من قمتي الكويت والرياض المشار إليهما أعلاه، فقد كلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية، الاستشاري شركة لامير الألمانية، لإعداد دراسة حول إمكانية سد السودان للفجوة الغذائية في الدول العربية، وجاءت دراسة الاستشاري مؤكدة قدرة السودان على تغطية احتياجات الدول العربية من خمس مواد غذائية رئيسة، هي القمح واللحوم والألبان والزيوت والسكر.
وفقاً لبيانات المنظمة العربية للتنمية الزراعية، فقد استوردت الدول العربية من دول أجنبية غير عربية قمحاً بقيمة ١٩.٦ مليار دولار خلال عام ٢٠١٩، فيما استوردت من اللحوم والحيوانات الحية في نفس العام بقيمة ١٠.٥ مليارات دولار، أما الألبان فقد بلغ استيراد الدول العربية منها في نفس العام قيمة ٦.٢ مليارات دولار، والزيوت بقيمة ٩.٤ مليارات دولار، والسكر بقيمة ٥٠٠ مليون دولار.
نرى أن يصدر إعلان والتزام من مجلس السيادة بحكومة السودان، يعرب فيه عن أن السودان ملتزم بتحريك موارده الزراعية وتنميتها بالمشاركة مع الدول العربية وصناديقها السيادية وشركاتها العاملة في المجال. وذلك للحد من أي تخوفات بشأن الأوضاع السياسية المعقدة بالسودان.
من ناحية ثانية لا بد من أن تركز وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة الزراعة، خلال الفترة القادمة على تلبية احتياجات القطاعين الزراعي والحيواني، من خلال توفير التمويل والمدخلات، لتهيئة الأجواء للشراكات الأجنبية المفيدة.
وعلى أحزابنا السياسية تهدئة الساحة السياسية، للاستفادة من الفرصة المواتية لانسياب استثمارات ضخمة لقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية. فهي فرصة قد لا تتكرر. والله الموفق.